TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > غجر.. وبدون.. ونساء

غجر.. وبدون.. ونساء

نشر في: 6 سبتمبر, 2010: 05:56 م

فريدة النقاشفي محاولة لاستعادة شعبيته التي تآكلت نتيجة السياسات الاقتصادية الاجتماعية الليبرالية الجديدة، التي انتصرت لرأس المال على حساب الكادحين من الطبقات الشعبية والوسطى في فرنسا، قام الرئيس «ساركوزي» بطرد آلاف الغجر الذين يعيشون على الحدود الفرنسية في أطراف المدن، معتديا بذلك على حق التنقل والإقامة الذي يضمنه دستور الاتحاد الأوروبي لرعايا الدول الأعضاء.
 وهكذا جرت عملية ترحيل غير قانونية لمواطنين، وكسب الرئيس الفرنسي شعبية كاسحة باجرائه هذا في أوساط اليمين المتطرف بادئا معركة ترشيحه لدورة ثانية في رئاسة فرنسا بالاقتراب من الفاشيين.وكان «ساركوزي» الذي برز في الأصل كوزير للداخلية قد بدأ سيرته السياسية بمعاداة المهاجرين والفرنسيين من أصول أجنبية . والمفارقة أنه هو نفسه مهاجر من أصل مجري وجذور يهودية. ونشبت من ذلك الحين معركة ممتدة من المجتمع الفرنسي بين التقاليد الديمقراطية القائمة على مبادئ الثورة الفرنسية التي كافح الشعب تحت رايتها من الحرية والاخاء والمساواة. وهي المبادئ التي أخذت القوى الاشتراكية تطورها ليبث فيها النضال الطبقي مضامين جديدة تنفي الاستغلال بكل صورة.وبين التقاليد العنصرية المنافية للإنسانية التي أخذت تنبعث من تحت الرماد مع هجوم الرأسمالية الوحشية وقوى الليبرالية الجديدة التي انفلتت من عقالها بعد سقوط المنظومة الاشتراكية وهزيمة قوى التحرر واستعادة الهيمنة الامبريالية لقوتها وقدرتها على إذلال الشعوب، واستعباد الكادحين، وسحق الضعفاء، واحتقار الإنسان الذي لا يملك واستغلاله بصورة تعيد إلى الأذهان عصور العبودية، وهكذا عادت الأفكار العنصرية إلى الوجود لابسة أثواباً جديدة مع فلسفات ما بعد الحداثة ونشاطات المحافظين الجدد والمسيحية الصهيونية، ونشطت بعض مراكز البحث العلمي الموجهة ايديولوجياً لتؤكد ما كان العلم النزيه الخالص قد كشف عن زيفه منذ زمن طويل حول خصائص وسمات ثابتة للبشر يحددها اللون أو الجنس.. وقال العلم النزيه بناء على نتائجه في كل المجالات إن في الطبيعة أو في المجتمع إن البشر كأفراد وجماعات يمكن أن يتطوروا بشكل كلي إذا ما أخضعوا لرقابتهم الجماعية العلاقات الاجتماعية والعلاقة مع الطبيعة وسيطروا عليها وهم متحررون من الخوف والعوز والحاجة، وإن مثل هؤلاء البشر ليسوا نتاجا للطبيعة وإنما للتاريخ الذي تتم في سياقه عمليات تحويل كبرى للبشر.. هي في الواقع عمليات تحرير دائمة الحدوث للخروج من أسر الضرورة إلى مملكة الحرية.تعود العنصرية الجديدة المرتبطة برأسمالية الاحتكارات من صحوتها بالإنسانية إلى الخلف، إلى ما قبل تاريخها الجديد الذي تصارع فيه من أجل حريتها وتكاملها، وهي عودة لا إلى الممارسات العنصرية الفظة فحسب على طريقة الصهاينة والنازيين الجدد والجبهة الوطنية في فرنسا، وإنما أيضاً إلى الأفكار القديمة التي كان العلم قد نقضها وطوي صفحتها. وفي ميدان تطبيق الأفكار يكون الغجر منحطين بالطبيعة، والمهاجرون إلى البلدان الرأسمالية ذوي ميول اجرامية بيولوجية ليس المجتمع مسؤولاً عنها.وفي منطقتنا تبرز ظاهرة البدون في الخليج العربي هؤلاء الذين لا جنسية لهم ولا حقوق جنباً إلى جنب العمالة الوافدة ونظام الكفيل الاستعبادي لتكون جميعا تجسيدا لاشتعال آليات مجتمعات طبقية مشوهة وقائمة على العبودية العصرية إذ يكون هناك مواطنون من الدرجة الأولى وآخرون من الدرجة الثانية وغيرهم دون مواطنة أو جنسية. وإلى هذه العبودية الجديدة تنتمي كل أشكال التمييز ضد النساء بسبب الجنس، وتتشكل منظومة من القوانين والممارسات التمييزية التي تجعل من النساء كائنات من الدرجة الثانية.وتمتد مثل هذه الممارسات في كل البلدان وأن بأشكال ودرجات متفاوتة، وتبرز في ظل الرأسمالية المتقدمة في مراكزها الكبرى، كما تبرز في الاطراف سواء في بلداننا أو في الخليج العربي.ولكن يبقي أن هذا العصر يتميز بازدهار حركة حقوق الإنسان التي تنقد وتنقض هذه الأفكار والممارسات وتمارس دورا هائلا في إثارة الوعي وإنضاجه لدى أصحاب المصلحة في الإطاحة بكل أشكال الاستغلال وتقدم لهم العون في كفاحهم من أجل عالم تسوده العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية لكل البشر بلا استثناء.. سواء كانوا غجرا أو مهاجرين، (بدونا) أو نساء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram