جلال حسن من أهم مشكلات الضجر انه يجعلنا نحتج ونتكلم بصوت عال، ونحنق في السر والعلن أحيانا، والنوم اضطراراً في سيارة"الكيا" بكرسي لا يصلح للجلوس المريح والاسترخاء والتأمل، ما يجعلنا نغفو برقاب تترنح على الأكتاف، وما أن يصل الميلان إلى أقصاه حتى نفز مرعوبين من تشنج فقرات العنق.
الضجر جعلنا أكثر الناس تأففاً، وأصبحنا إيمائيين بحركات جسد يعبر عن الملل من طول الانتظار، والإمعان الطويل بالنظر إلى ساعات اليد الذهبية.يومياً، ونحن نضجر من التوقف إمام إجراءات روتينية، إجراءات لا تقدم أي شيء ملموس يساوي فعلها الحقيقي ويحرز تقدماً في غاياته. إن المبالغة في كثرة أعداد السيطرات العسكرية الثابتة والمتنقلة، وكثرة السيارات، وضيق الشوارع ،والحواجز الكونكريتية ،واستغلال الأرصفة جعل أنسابية المرور تعيق الحركة العامة، وصار التكتل امام المنافذ الصغيرة التي تؤدي أيضا الى منافذ صغيرة اخرى يشكل اختناقاً في عنق الممرات الضيقة، وبالتالي يولد انواعاً واشكالاً من الضجر لدى المواطن الذي يريد ان ينجز عمله اليومي في الدائرة أو التسوق أو السفر أو الرجوع إلى بيته.الضجر جعلنا نؤجل أعمالنا ونتقاعس احياناً، ليس خشية الانتظار الطويل في ضيق سيارة الأجرة وتكدس الأبدان داخلها ،إنما بمشقة التعب الذي لا يعادل ثمنه وقيمته المعنوية. من هذا استطيع إن اضرب مثلا في صناعة الضجر اليومي في حياة مواطن يبدأ من خروجه من البيت إلى رجوعه ثانية إليه وكالتالي :(في الشارع الممتد من "ساحة مظفر" الى "ساحة 55" توجد أربع سيطرات عسكرية واثنتان احتياط على الجهة المقابلة والتي لا يتجاوز بعدها ألف متر. السيطرة الأولى تفتش السيارات الداخلة إلى مدينة الصدر بممرين الأول للشاحنات الكبيرة التي تذهب إلى منطقة جميلة والثاني لسيارات الأجرة، وهذه السيطرة لا خلاف عليها بالنظر للوضع الأمني ولكن بعدها بأقل من مائتين متر توجد سيطرة أخرى تقوم بنفس الواجب،وحال المرور من هذه السيطرة تقف أخرى ثالثة بأقل من خمسمائة متر لتقوم بنفس الواجب وتجعل مرور السيارات فرادى ، وحال الوصول الى " ساحة 55" توجد سيطرة رابعة رئيسة تقوم بنفس عمل سيطرة القناة، والتي تسبقها بأقل من مائة متر سيطرة اسمها "الابتسام" بورود اصطناعية وشعارات كبيرة كتب عليها " الكل يخضع للتفتيش" وفور المرور من ساحة 55 إلى منطقة الحي القريبة تتفاجأ بسيطرة أخرى لمقر عسكري جديد).ومن هنا يمكن القول أيضا : ان الضجر حالة تتلف الأعصاب ، وتفقد الاتزان ، وتدفع الى الثرثرة ظاهرها التأفف وباطنها الحنق وتجعلنا ننام بأحلام كسولة.!jalalhasaan@yahoo.com
كلام ابيض : ضجـــر
نشر في: 6 سبتمبر, 2010: 06:15 م