عن: الايكونومست تقوم المجموعة الاخيرة من القوات القتالية الامريكية بالتجوال في القاعدة الخالية تقريبا عندما كانت تستعد لرحلة اللاعودة عبر الحدود الكويتية. وان البعض منهم يستذكر مآثرهم خلال نوبات الخدمة المتعددة في الاعوام السبعة الماضية، محددين ملامح بلغة اصبحت شائعة في التلفاز في موطنهم.فقد طغت العبوات الناسفة شديدة الانفجار للمتمردين على غزوة الصدمة و الرعب.
وبمساندة المقاولين الذين نصبوا الجدران الكونكريتية حول المنطقة الخضراء، نجح الجنود اخيرا ببث روح الصحوة بين العشائر العراقية التي، و بمساعدة زيادة عديد القوات، خلقت في وقت ما نوعا من النظام.وكما يذكر الجنود، فان اسماء بعض الاماكن التي كانت غير معروفة كثيرا من قبل، اضحت بسبب الحرب ذائعة الصيت في التاريخ: النجف، مدينة الصدر، ابو غريب. وسيبقى ما يقارب 50000 جندي امريكي لتقديم الدعم و المشورة، للقوات العراقية التي من المفترض الان تكون مسؤولة عن الامن في البلاد.ومع ذلك، فان الواحد والثلاثين من آب يشكل النهاية الرسمية للمهمة القتالية لعملية تحرير العراق التي بدات عام 2003. وكاشارة على تغير دور امريكا في البلاد، فان وزارة الخارجية ستتولى بعض المسؤوليات التي كان يقوم بها من قبل البنتاغون. ياتي في مقدمة ذلك تدريب الشرطة العراقية، وهي مفتاح نشر السلام. وسيتم فتح مكاتب استشارية في كافة انحاء البلاد لتحل محل القواعد العسكرية. وبما ان وزارة الخارجية لا تمتلك قوات عسكرية خاصة بها، فانها ستقوم باستئجار مسلحين خاصين. وستمتلك طائرات هلكوبتر مسلحة وتقوم بتسيير عجلات مصفحة لنقل الجنود تحت امرة وزير الخارجية بعد عودة آخر جندي امريكي الى بلاده. ومن جانبه، فان الشعب العراقي لم يتعلم قط ان يثق بالامريكيين. ومع ذلك فان الراي العام قد تغير بشكل ملحوظ خلال الاسابيع الاخيرة. فبعد تحذيرات امريكية لا حصر لها حول انسحابهم الوشيك، والتي قوبلت كلها باصرار عراقي عنيد يفيد بان الامريكيين لن يغادروا، حدث ذلك الانسحاب بصورة مفاجئة. فهم بالفعل في طريق العودة. ولكن بدلا من الشعور بالفرح، بدأ العراقيون بالقلق."نحن لسنا جاهزين لتحمل الامر بمفردنا"كما يقول وسام، وهو ضابط شاب. وهو يخشى، مثل الكثير، من عودة الحرب الطائفية. وهذا يشير الى هشاشة الكثير مما يدعي الجيش الامريكي من انه تمكن من انجازه منذ عام 2003. ومن الجهة الاخرى، فقد وضعوا حدا لحكم الطاغية صدام حسين. ولم يتبق سوى نائبه عزة الدوري الذي تخلص من الاسر والعقاب في محكمة مجرمي الحرب. (حسب بعض الاخبار فأنه مات في اليمن بداية الاسبوع الحالي) كان الجنود الامريكان مرنين بما يكفي لتغيير تكتيكاتهم لغرض دحر الارهاب الذي كان يهدد بالتغلب عليهم، وان تأكيدهم على تجنيد الحلفاء المحليين قد برهن بانه اشد من قوة نيرانهم التي استخدموها في البداية. وتفادوا الحرب الاهلية وقصروا من عمر هيمنة ابو مصعب الزرقاوي، الذي تمكنوا من مطاردته وقتله. اضافة الى ذلك، فقد نشأ هناك مجتمع اكثر انفتاحا في المدن العراقية. فصفية السهيل، عضوة البرلمان، تقوم بعقد ندوات منتظمة مجانية وغالبا ما تكون مثيرة للجدل. وفي الشارع، تتم مناقشة الامور السياسية علنا، وحتى مع الغرباء. لم يعد العراقيون يخشون قول ما يفكرون به. في الوقت الذي شهدوا فيه اياما لم يكن هنالك سوى الهمس، لكننا نجد الان التذمر والنقم على الوضع الراهن. والصحافة حرة شكليا، رغم انها متحزبة الى حد بعيد وغالبا ما تلاحق من قبل المسؤولين. وان الحريات الدينية مقبولة بصورة عامة، رغم ان بعض الاقليات ما زالت تشتكي من التمييز. والعراق اكثر انفتاحا على العالم الخارجي بفض التدخل الامريكي. السفر غير مقيد، والواردات وفيرة، وتزايد استخدام الانترنت من 4500 الى 1.6 مليون وان عدد الهواتف النقالة ارتفع الى 20 مليوناً بعد ان كان 80000 ألف. ومع هذا فان الحريات غير شاملة في العراق. فالنساء تعاني من التمييز، وليس هناك الا القليل ليقمن به في هذا الخصوص. وعلى امتداد العراق لا يشكل حكم القانون عادة سوى حلم بعيد المنال بدلا ان يكون انجازا متينا. وان العدالة لم تعد جزافية، ولكن القضاة مازالوا عرضة للخطر وغالبا ما تكون سرعة المحاكمة بطيئة جدا. وان هذه الامور حدثت بتكاليف رهيبة. فما يقارب 150000 الف عراقي و5000 آلاف امريكي قد لقوا حتفهم. وهرب ما يزيد على 2 مليون عراقي الى خارج البلاد، العديد منهم من اصحاب المهن التي تحتاجها البلاد، لكنهم ابتدأوا حياة جديدة في اماكن اخرى. فقد يئسوا من بلاد ما زال سكانها لا يحصلون على الخدمات الاساسية.وبالرغم من ان دافع الضرائب الامريكي صرف ما يزيد على 700 مليار دولار، الا ان ماء الشرب شحيح، ليس هناك ما يكفي من الرعاية الصحية والتعليم ولاتتوفر الكهرباء سوى لعدد قليل من الساعات في اليوم وغالبا ما لا يتوفر الوقود.ان نقص الخدمات هذا قد شل الاقتصاد. فالصناعيون ليس بامكانهم العيش بدون الطاقة الكهربائية، وهذا ما يجعل القطاع الخاص غير النفطي لا معنى له. لقد حاول الامريكان دعم الاعمال عن طريق تمويل بناء الاسواق على امتداد البلاد. ولكن ما يقارب نصف قوة العمل العراقية ما زالت لا تعمل بنصف طاقتها. وبالكاد تتمكن الحكومة العراقية من جمع الضرائب وان المصروفات يتم تمويلها غالبا من اموال النفط.
عراق ما بعد الانسحاب يواجه بلاء الفساد والقاعدة وعناد النخب السياسية
نشر في: 6 سبتمبر, 2010: 08:33 م