يوسف ابو الفوز2-2عن الدراما الأمريكية الحديثة، وطريقة تناولها أحداث العراق والشخصية العراقية، بشكل مغاير، بعيدا عن النظرة السطحية والنمطية، التي سادت لفترات طويلة، يمكن أن نورد كمثال المسلسل التلفزيوني "الضياع"، بالانكليزية " Lost"، الذي عرضت مؤخرا الحلقة الأخيرة منه، التي حملت رقم 121. هذا المسلسل بدأ عرضه من شهر أيلول عام 2004، واستمر عبر ستة مواسم حتى هذا العام،
ويحكي قصة مجموعة من الناس، من مختلف العالم، تعرضوا الى حادث سقوط طائرتهم، في جزيرة مجهولة وغامضة تقع في المحيط الهادي، خلال رحلة ما بين سيدني ولوس انجلس. حقق المسلسل شهرة لم ينلها اي مسلسل تلفزيوني من قبل، اذ تم عرضه في مختلف شاشات العالم، ونال طاقم الممثلين والعاملين فيه العديد من الجوائز العالمية حتى قبل اكتمال عرضه، وكان سببا في إطلاق مجموعة من الممثلين الذين صاروا نجوما معروفين، او حققوا شهرة أكثر، فانهالت عليهم العروض الفنية لأعمال جديدة. كتبت قصة المسلسل مجموعة من المؤلفين، بدأ ذلك جاي ابرامز، كاتب عدة مسلسلات مغامرات وحركة ناجحة ومشهورة، مثل Alias، وتعاون معه دايمون ليندولف، وكتاب آخرون اقل شهرة لاستكمال وتطوير أجزاء المسلسل، وقام بإخراج العمل عدة مخرجين يتقدمهم جاك بيندير، ويشاركه ستيفن وليمز وباول ادورارز وتوكر غاتز وآخرون. أما الإنتاج فقد اشتركت فيه أكثر من شركة، فالى جانب شركتي ستوديوهاتABC وباد روبت للإنتاج، تم التعاون مع شركة كراس سكيرت للإنتاج، والمسلسل يعتبر واحدا من ابرز واهم الأعمال التلفزيونية التي ظهرت وعرضت على الشاشة الفضية، من حيث جذب عدد المشاهدين، ويعتبر النقاد ان من أسرار نجاح المسلسل هو كونه يجمع بين الواقع والخيال في إثارة دائمة وغير متوقعة، والأحداث اذ تجري بتشويق عال، تجد في ثناياها أحداثاً رومانسية وكوميدية إضافة إلى الأسئلة الفلسفية والإشارات الغامضة التي تعود إلى أساطير وحكايات ورموز من الشرق والغرب، وتتميز حلقات المسلسل دائما بنهايات غير متوقعة، تجذب المشاهد لمتابعة التطورات التالية.واذ تجري أحداث المسلسل في أماكن عديدة من العالم، مثل لوس أنجيلس، نيويورك، آيوا، ميامي، كوريا الجنوبية، العراق، نايجيريا، إنكلترا، فرنسا وأستراليا، فقد بذل المنتجون جهودا كبيرة لتوفير مواقع تصوير مقنعة للمشاهد وتكون قريبة إلى مواقع الأحداث المفترضة، ولعبت الموسيقى التصويرية التي كتبها لكل حلقات المسلسل الموسيقي الأمريكي الايطالي الأصل مايكل جياجينو دوراً بارزاً في شد المشاهدين، وعزفت الموسيقى من قبل الاوركسترا السيمفونية في هوليوود. لنترك جانبا خيوط حكاية المسلسل المشوقة وشخصياته التي تقارب أربعين شخصية وتفاصيل علاقاتها المتشعبة والمتشابكة في بناء ساحر ومشوق، ولنتوقف عند الشخصية التي نحن بصددها، والتي جلبت انتباهي شخصيا وجعلتني أتابع جميع حلقات المسلسل بأجزائه المختلفة، إلا وهي شخصية العراقي سعيد حسان جراح، التي مثلها الممثل البريطاني ذو الأصول الهندية نافين اندروز، وهو من مواليد 1969، وعرفه المشاهد من خلال الفيلم الشهير "المريض الانكليزي" 1996، من اخراج انتوني مينغيلا عن الرواية التي كتبها بالعنوان نفسه الكاتب الكندي السريلانكي مايكل أونداتجي ونشرت عام 1992 وحازت جائزة البوكر في العام نفسه وترجمت إلى أكثر من ثلاثمائة لغة الى جانب العربية، وفي "المريض الانكليزي" مثل نافين اندروز شخصية الملازم السيخي كيربال سينغ الذي يعمل في وحدة إزالة الألغام في الجيش البريطاني، ويتعلق بممرضة كندية تعتني بالمريض الانكليزي المجهول الشخصية، ويصل الى قناعة بأن القنابل النووية التي أسقطت على هيروشيما وناكزاكي ماكان لها ان تلقى على أمة بيضاء.في مسلسل الضياع الأمريكي وتماشيا مع أحداث المسلسل مثل نافين اندروز ببراعة، دور الشاب العراقي سعيد حسان جراح، وساعدته ملامحه الآسيوية لتقمص الشخصية شكلاً، فلم يكن بحاجة لأي أعمال ميكياج مساعدة، ورغم ان الشخصية ظهرت مشابهة لشخصيات الاكشن الأمريكية، فسعيد جراح يتميز بقدرات جسدية عالية، ومهارة في القتال وقدرة على استخدام المعدات والأسلحة العسكرية والتعامل مع الاليكترونيات، إلا أن ما يميز هذه الشخصية هو انه لأول مرة تقدم ستوديوهات الفن الأمريكية شخصية عراقية بهذا الشكل الايجابي من ناحية العديد من الصفات الإنسانية كالشجاعة والذكاء والروح القيادية وروح المبادرة والإيثار والإخلاص وحب التضحية.سعيد جراح كما يقدمه المسلسل هو من قرية في بلدة تكريت، كان ضابط اتصالات في الحرس الجمهوري لنظام صدام حسين، اعتقل في حرب الخليج الثانية من قبل الجيش الامريكي، الذين أكتشفوا ان سعيد الوحيد الذي يتكلم الانكليزية، فأجبروه من خلال التهديد بقصف قريته لأن يستخرج عن طريق تعذيب مسؤوله العسكري معلومات عن مصير طيار امريكي فقد خلال العمليات، وبعد نهاية حرب الخليج عاد الى الحرس الجمهوري ليجد انه تحول الى جلاد لاستخراج المعلومات من معارضي النظام، واذ تعتقل نادية جاسم (مثلت الدور الممثلة الامريكية انديرا غابريل) التي أحبها من أيام طفولته، بتهمة مساعدة قوى معارضة النظام، فانه يحاول مساعدتها، بل وانقاذها وتهريبها، وبحيث اضطر لقتل مسؤوله العسكري مم
الشخصيـة العراقيـة فـي الدرامـا الأمـريـكـيـة.. الضيـاع نموذجــاً
نشر في: 15 سبتمبر, 2010: 05:06 م