TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات:الصحفي والشرطي و الـ ( B M W)

كردستانيات:الصحفي والشرطي و الـ ( B M W)

نشر في: 17 سبتمبر, 2010: 05:03 م

وديع غزوانقد يثير العنوان تساؤلات  عدة عن مغزاه وما هي علاقة الصحفي بالشرطي وبالتالي بالسيارة بـ  (B M W)، وبالتأكيد فإن أول ما يتبادر إلى ذهن المتلقي ، ربما ما يتعلق بواجب كل واحد منهما والتزامهما بأخلاقيات المهنة التي يفترض ان تكمل إحداهما الأخرى ، خاصة ان القاسم المشترك بينهما هو هذا النوع المتميز من السيارات، التي يتجاوز سعرها إمكانات الشرطي والصحفي على حد سواء .
 والحقيقة ان لا هذا ولا ذاك له علاقة بقصتنا التي بدأت فصولها الأولى بحادث سير تسبب به احد أولادي ، عندما صطدم بسيارته مركبة حديثة من نوع،B M W، واضطراري بالتالي لتحمل مصاريف تصليحها الباهظة التي سيبقى أثرها ملازماً لأشهر عديدة . وبقدر ما ضايقني ذاك الإحساس بوطأة الأزمة التي ستنعكس على العائلة حيث تزامن الحادث مع قرب العام الدراسي الجديد للجامعات والمدارس ، فقد آلمني مقدار الخسارة التي تعرض لها الشاب صاحب السيارة ، فبادرت إلى سؤاله عن عمله وطبيعة عمل والده ، ظاناً إن ذلك قد يخفف عني قليلأ اذا كان هو أو أبوه  الميسورين ومن الطبقات التي لا تهزها مثل هذه الحوادث ، غير انه فاجأني وقال (عمي والله انا شرطي وقد جمعت مبلغ السيارة بالقدرة)، ولأنني كنت منشغلاً بهمّ أكبر ، فلم انتبه لكلمات الشاب الشرطي ولم يستوقفني أيّ منها رغم ما فيها من معان نبهتني إليها الزميلة الست الفاضلة غادة العاملي مدير عام مؤسسة المدى عندما كنت اشكو لها ما اصابني، فقالت انه موضوع مهم وقد يصلح للكتابة عنه ، بل حتى اوحت بالعنوان أعلاه .المهم إنني في اليوم التالي ، وأثناء تسليمي المبلغ المطلوب لتصليح السيارة، لم أتمالك نفسي فسألت الشاب بتعجب (ابني هل قلت انك شرطي ؟) أجاب بإيجاب، لكنه استدرك ويبدو انه فهم مغزى سؤالي فقال إن الصحفيين طبقة مترفة لا تتعامل إلا بالدولار والسفرات الى أميركا وغيرها فأي من الصحفيين انت ؟ يبدو انك من اهل الله ولا ادري ما ذا قال في سره عني وهو يراني احمل الحاسوب لبيعه لأكمل له بقية المبلغ . وبصراحة لم اجد فائدة من الإجابة والاسترسال وانا بهذه الحال فقلت له أتمنى ان تكون اموالنا التي نشتري بها السيارة والقصور والعمارات حلال ، وليست من جراء فساد نخر أجساد البلاد والعباد .غير ان هذه المفارقة بين الشرطي والشاب ظلت تثير اكثر من تساؤل بشأن الوسط الذي امتهن العمل الإعلامي والصحفي، وإمكانية أداء كل واحد منهما مهامه وهو يعاني  الكثير من المشاكل، من بينها الجانب المادي ، المشاكل التي قد تحول بين انجاز ما نذر نفسه له، أو اضطرار البعض الى الانزلاق وراء الكسب السريع على حساب قدسية وشرف المهنة الذي لا ينفصل باي حال عن شرف النفس وعفتها .صحيح إن البعض من الزملاء ومن دون حسد ، قد حظي بالنعيم حد الترف، ربما بضربة حظ او بسبب المحاصصات وقدرته الفائقة على التلون مع كل زمان،  وأذكر أن أحد زملاء المهنة الذي يسكن عمان حالياً ،كانت مهمته السابقة هي التزلف للوزير وللمديرين العامين وأخذ الهدايا والهبات، غير انه وبقدرة قادر حشر  نفسه مع المظلومين والمضطهدين! نقول صحيح وإن هذا البعض موجود، لكن هذا يجب ألاّ ينسينا الوجه الآخر من الصحفيين والإعلاميين الذين لا ينشدون في عملهم غير الحقيقة ، وهم الغالبية بمن فيهم من تحسن وضعهم المادي كثيراً و يستحقون كل قرش كسبوه .وفي كل الأحوال أجد من المناسب ان تلفتت الجهات المتخصصة إلى أوضاع الصحفيين والأدباء والكتاب والفنانين، ومعالجة أوضاعهم بالممكن والإيفاء بالوعود التي قطعوها لهم سواء بالمنحة البسيطة التي لم تر النور حتى الآن أو ببناء مجمعات سكنية لهم، وأرى لزاماً على هذه الجهات الالتفات إلى أوضاع  هذه الشريحة، وتتقي الله فيهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

جلسة "القوانين الجدلية" تحت مطرقة الاتحادية.. نواب "غاضبون": لم يكن هناك تصويت!

القانونية النيابية تكشف عن الفئات غير مشمولة بتعديل قانون العفو العام

نيمار يطلب الرحيل عن الهلال السعودي

إنهاء تكليف رئيس هيئة الكمارك (وثيقة)

الخنجر: سنعيد نازحي جرف الصخر والعوجة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram