المحرر فقدت الاوساط الثقافية العالمية المفكر محمد أركون الذي توفي قبل يومين ،وكانت آخر نشاطات هذا المفكر إلقاء محاضرة في المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر وكانت بعنوان (معالم في طريق تحديث الفكر الإسلامي) تحدث فيها عن الاشكاليات وعدم فهم بعض المصطلحات أو الالتباسات التي تحصل في التفسير وتحديث الفكر الاسلامي المعاصر
الذي لايتعارض مع تطور اساليب الحياة وقال (أعرف أن هناك الكثير من المسلمين لايرضون بالاشارة الى التحديث وخاصة تحديث الاسلام ، هناك الكثيرون يريدون أسلمة الحداثة وليس تحديث الإسلام) .وأشار إلى مفهوم الحداثة باعتبارها حدثاً تاريخياً وليس مفهوماً فلسفياً ،وإعادة فهم التاريخ وفك الالتباس مابين الحداثة والتاريخ ،وكيفية ظهور مفهوم الحداثة الذي ظهر في أوروبا وتحديداً أوروبا الغربية مثل فرنسا ،بريطانيا ،ألمانيا ،هولندا ومن ثم انتقلت الى اوروبا الشرقية ثم امتدت الى بقية انحاء المعمورة .وعرج في محاضرته على دور الميثولوجيا اليونانية وكيف كان اليونانيون يؤمنون بتعدد الآلهة وتساءل" كيف نبني مدينة لايتغلب فيها العنف ؟"ثم تطرق الى مفهوم اللغوس والمثيوس وكيف ان هذا المفهوم يفرض نفسه على جميع الخطابات البشرية بدون استثناء وهو محور كتابات وكتب افلاطون كما تمت ترجمة هذا المفهوم الى العربية "الصغي والمصغي "وأكد في محاضرته( ان اللغة العربية ليست هي الفقيرة نحن لم ندرس العلوم الاجتماعية والعلوم الانسانية ونستمد من المعاجم الخاصة بالالسنية بالانثروبولوجية). ثم يعود الى الحداثة والتيارات الفلسفية التي جاءت من اليونان وعن الاديان الثلاثة التي اتجهت الى التوحيد وهي: اليهودية والمسيحية والاسلامية وكيف تم تفسير هذه النصوص وما ادخلت في هذه الكتب من التي تمت ترجمتها من السريانية الى العربية او من اليونانية الى العربية واعتمدت في القرن السابع المسيحي حتى وفاة ابن رشد عام 1198م نهاية القرن الثاني عشر.إن المفكر الراحل كان يسهم بشكل فعال في بناء ثقافة الوعي المعرفي من خلال دراسته الأديان وعلاقتها مع الفلسفة وقد كتب في الاونة الاخيرة كتاب بعنوان (الأنسنة والاسلام اليوم) وشرح فيها الصفحات التي اهملت في التاريخ او همشت عمدا . وتناول سوسيولوجية حسن ابن رشد في البيئة العربية وكيف كان يكتب بالعربية وهو مسلم وقاضي القضاة في قرطبة ،كما تناول سوسيولوجية فشل ابن خلدون الذي توفي عام 1406م رأس القرن الخامس عشر وكيف كان يحلل علوم الاجتماع للمجتمعات العربية المبنية على العصبية . موت هذا المفكر هو خسارة للانسانية وللثقافة والوعي الحضاري الذي شكل منه جزءاً مهماً يظل رافدا للفكر الانساني.
محمد أركون سلطة الوعي الوافر
نشر في: 17 سبتمبر, 2010: 05:58 م