TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العلمانية.. فكر و دولة

العلمانية.. فكر و دولة

نشر في: 17 سبتمبر, 2010: 05:59 م

شمخي جبرلا تعني العلمانية موقفاً مضاداً للدين وليست هي الإلحاد، بل تعني ( الدنيوية)، وهي توفر حماية للدين حتى لا يستغل او يستثمر من اجل الدولة ،فضلا عن حمايتها الدولة من تدخلات رجال الدين في مؤسساتها، حتى لا تصبح الدولة نهباً لهذا الدين او ذاك او تقع تحت وطأة اجتهاد او آخر. وهذا يوفر وحدة قانونية ومؤسساتية للدولة ،ووحدة نسيجية مجتمعية فيصبح الدين خيارا مجتمعيا توفر له الدولة فضاءً واسعاً من الحرية لممارسة الطقوس والعبادات لجميع الاديان والمذاهب.
 وهو عكس ما تقوم به الدولة الدينية التي تتبنى دينا معينا وتفرضه على المجتمع من خلال إكراهات قانونية وعنفية مادية ، قد تطول أصحاب الأديان الاخرى.واذا كان وجود الدين هو وسيلة لخدمة الانسان ورقيه، فإن الدولة الدينية التي تستخدم الدين أداة تحول الانسان الى خادم للدين.ولكن الدولة الدينية لابد من ان تمارس الإكراه لفرض الشريعة على المجتمع. وبهذا فهي صانعة منافقين وليس منتجة مؤمنين لان الاكراه لا يصنع مؤمنين، إذ لا يمكن نشر الإيمان بالإكراه، وإذا كنا نقول بالعلمانية فلا نعني اللادينية اي نفي الدين وطرده، بل ما نعني بها فصل الدين عن الدولة  لان الدولة لادين لها،فهي ليست حصة لهؤلاء او اولئك بل حصة الجميع ، وإلاّ ما معنى ان تفرض فيها (الدولة) رؤيتها وتفسيرها البشري للشريعة على المجتمع كله. وهناك ممارسات كثيرة لبعض المجاميع الاسلامية في العراق او انحاء اخرى من العالم الاسلامي، هذا مامورس في إيران او أفغانستان، او في السودان ، وفي المناطق التي تهيمن عليها حماس في فلسطين. يقول عبد الله السناوي( في مطلع التسعينيات حين اكتسحت قوائم جبهة الانقاذ الاسلامية الجولة الاولى من الانتخابات التشريعية ، وقبل ان تبدأ الجولة الثانية وكان المرجح ان تكتسحها القوائم ذاتها، اخذ الرجل الثاني في جبهة الانقاذ الشيخ علي بلحاج يهدد ويتوعد بفرض الدولة الدينية على الجزائر، وحرضت هذه التصريحات ـ بالذات ـ قوى دولية مثل فرنسا ، وقوى الجيش بتأييد من قطاعات واسعة في المجتمع السياسي والمدني، خرجت للشوارع منددة ومحذرة من تبعات تصريحات الشيخ بلحاج، الى انقلاب عسكري انهى حكم الرئيس الشاذلي بن جدبد ومعه التجربة الديمقراطية الوليدة ودخلت الجزائر حمامات دم وحروب اهلية طويلة ومريرة)، لكن هل هؤلاء ديمقراطيون ؟ الديمقراطية تتضمن قيماً اجتماعية وثقافية واقتصادية ، لابد من العمل على توطينها واستنباتها بعد تهيئة التربة الصالحة ،  وإلا فهي كأية نبتة قد يأكلها السبخ ، وملح الاستبداد والادغال الضارة الكثيرة التي تتضمنها أنساقنا الثقافية ، فتموت بعد ان تعيش لفترة ،غريبة بين غرباء عن عصرهم .لو اردنا الحديث عن الثابت والمتحرك في حياة الانسان فإن الدين ثابت والحياة وما عليها من ناس في تغيير دائم، وهذا هو المأزق الحقيقي للدين إذا أراد أن يدخل في تفاصيل حياة الناس فيضع نفسه في مأزق ويضع المجتمع والفرد أمام محنة حقيقية. والعلمانية ارتبطت بشكل دائم بالعلم والعقلانية ، فهل يمكن ان نقارن بين العلم الذي وضع الكثير من الحلول لحياة الناس وسهل لهم مواجهة الحياة؟هل يمكن مقارنته بالدين الذي اتخذ زاوية ضيقة من الحياة،فلا يستطيع ان يعيش الحاضر ولا يؤسس الى المستقبل لان نموذجه موجود في الماضي، حتى كسرت رقاب الناس وهي تنظر الى هناك ولكن لا حل؟نعم يمكن ان يوفر الدين كخيار فردي محترم نوعاً من الطمأنينة لحياة الفرد ولكن لا يستطع ان يحل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لانها انساق متحركة متطورة، يقف الدين مبهوتا امامها حتى وان وضع حلولا لحياة الناس في القرن الهجري الأول.أما العلمانية فإنها ارتبطت بالوضعية فاهتمت بالعلل والشروط المادية. والدين ليس من شأنه التدخل في ما هو دنيوي من حياة الإنسان، لان هذه الامور تعود الى الفرد والمجتمع وهي متعلقة بإشباع رغبات وحاجات،كذلك لا يحتاج البشر الى الدين في تنظيم حياتهم قانونياً وتشريعياً لان الدين يتضمن ما هو ثابت، في حين ان الحياة متحركة تتغير زمانياً ومكانياً فتعتمد على العلم والعقل في تشخيصها.وفي الدولة المدنية ينطلق كل الناس من خط شروع واحد هو خط المواطنة الذي يساوي بين أبناء المجتمع مهما كان دينهم او مذهبهم .بينما في الفكر الإسلامي فقد درج الباحثون على استعمال كلمة (مسلم) التي أصبحت بديلا عن كلمة (مواطن) لان هذا الفكر اعتاد ان ينظر لمواطنيه نظرة تفريقية؛ على أساس الدين؛ فهو يعتبر المسلم مواطناً من الدرجة الأولى وغيره من الأديان الأخرى مواطناً من الدرجة الثانية وله تسمية داخل المجتمع تميزه عن المواطنين (ذوي الدرجة الأولى) فتسميه (ذمي) أو (كتابي) وتعني هذه التسمية أول ما تعنيه المكانة المتدنية؛ وهنا نرى ان المواطن حتى يتمتع بشروط ومزايا المواطنة الكاملة؛ أي يصبح مواطناً من الدرجة الأولى يجب ان يكون مسلما؛ حيث اتجه المفكرون الإسلاميون المتأخرون إلى التأكيد على اعتبار المجتمع الإسلامي الموقع الأساس للولاء وقاعدة للعمل السياسي؛ على أساس أن الدولة الإسلامية؛ تنشأ من قبل المسلمين ولأجلهم فقط؛ وغير المسلمين باستطاعتهم العيش كأقليات تحميها الدولة؛ ولا يحق لهم تبوُّؤ المراكز المركزية فيها وبالأخص المناصب القيادية؛ وعضوية مجلس الشورى الذي ينتخب رئيس الدولة كما يقول المودودي (منهاج الانقلاب الإسلامي)؛ ان التعامل مع غير المسلمين على أنهم مواطنون

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram