علي حسين في السنوات الاخيرة غاب الضحك ومعه فن الضحك عن حياتنا، منذ فترة طويلة وأنا أرصد نفسي والآخرين من حولي لا نضحك على شيء، أتابع مسرحية تشكيل الحكومة من على الفضائيات فتزيدني إحباطا، ابحث عن كاتب ساخر يعيد انتاج الحياة التي نتجرع سخريتها يوما بيوم،الاصدقاء على المقهى، الجيران، زملاء العمل، لا أحد يضحك هنا أو هناك.
ليس في نيتي أن اقود القارىء الى حالة اكتئاب، ولا أنوي أن أجعل كلماتي مدخلاً للتأكيد علي أن السياسيين والحكومة والحالة الاقتصادية والفساد هي سبب غياب الضحك من حياتنا، فلا جديد، فمنذ متى ونحن العراقيين نرضى عن اي نظام، ومنذ متى ونحن نحب الحكومات، الحقيقة هي أنني أبحث في توقفنا عن الضحك، فما الذي حدث؟الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون يؤكد في كتابه الشهير " الضحك " ان الضحك نشاط انساني، يرتبط بالانسان حصرا، وإذا ضحكنا من حيوان فلأننا وجدنا عنده وضعا إنسانيا أو تعبيرا إنسانيا.ويضع برجسون يده علي المشكلة "لا يمكن للضحك أن يحدث مفعوله إلا إذا سقط على صفحة نفس هادئة تمام الهدوء، منبسطة كل الانبساط، فاللامبالاة وسطه الطبيعي، وألد أعدائه الانفعال".أيمكن أن يكون هذا التفسير مبرراً لما نحن عليه؟ فلا النفوس هادئة، والانفعال سيد الموقف في كل مكان، في اروقة الساسة، في دوائر الحكومه.. في الشارع المليء بالضجيج والصخب، والاهم في الفضائيات التي ماتنفك تذكرنا باننا نعيش عصر المسرحية التراجيدية والتي من قوانينها ان يختفي الجميع من على المسرح ليحتل الخشبة شخص واحد يعيد انتاج الاحداث، ولكن بشكل هزلي.وأتساءل هل علينا أن نستسلم؟أعتقد أننا يجب أن نضحك من اللامعقول الذي يحكم حياتنا والتي تحفل بمضحكات عديدة،ويمكنكم ان تشاهدوا جيدا، بعض السياسيين وهم يقلبون الحقائق، محلل سياسيي يصرخ في التليفزيون " الكل خونة وانا وحدي اعرف الحل " لا ايها السيد المحلل الله المغني لا نريد أن نعرف منك الحل.يقول عالم النفس الشهير جاك لاكان،.ان" اللذين لا يعرفون موهبة الضحك مثل الجامدين عقائديا والإرهابيين والثوريين فهؤلاء جميعا يعيشون حالة من الرضى الكامل عما هم عليه ويلتصقون إلى حد الالتحام بأفكارهم وبالسلطات التي يرون أنها تجسّد أفكارهم، لا يرون في الدنيا سوى مصالحهم، هؤلاء لا يعرفون نعمة الضحك، يحتمون داخل قلعتهم الداخلية بحيث يبقون أسيادا مطلقين في إمبراطورية خاوية ".الى مثل هذه الامبراطورية يسعى بعض الساسه ومن يدور في فلكهم من متجهمي الوجوه، الذين اطلق عليهم علي الوردي تسمية " وعاظ السلاطين " الساعين الى الفصل بين الحاكم والناس، الطامحين الى بناء سور حولهم تعلو جدرانه يوما بعد يوم، وعاظ السلاطين هم الذين يحرصون على تمجيد حسن البكاء، ممعنين في ظلمنا كل يوم. هل توجد مسرحية هزلية اكثر من هذه، لكننا ياسيدي لانضحك، فما الذي حدث؟
العمود الثامن :قل لي مم تضحك؟
نشر في: 19 سبتمبر, 2010: 08:08 م