اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > تمثلات النهضة..طبيعة ثقافة النهضة في العراق ومعضلة الهوية

تمثلات النهضة..طبيعة ثقافة النهضة في العراق ومعضلة الهوية

نشر في: 21 سبتمبر, 2010: 05:33 م

سعد محمد رحيم( الجزء الثالث )لم تصلنا أفكار النهضة الأوروبية، في البدء، مباشرة، بل من طريق وسائط؛ الوسيط التركي أولاً، والوسيط العربي ثانياً على عكس ما حدث في مصر، في سبيل المثال، والتي احتكت بالحضارة الغربية، للمرة الأولى، مباشرة وبزخم قوي، مع الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت في عام 1798.
كان النزوع إلى النهضة في بلدان الشرق إما نتيجة الصدام الخاسر مع الغرب كما هو الحال مع الإمبراطورية العثمانية الداخلة في قرنيها الأخيرين بمرحلة الانحلال والأفول أو نتيجة صدمة الاستعمار التي فتّحت العيون على الوضع المزري ودرجة التخلف المهولة في دول الشرق المختلفة ومنها العراق. ولذا باتت النهضة غالباً مشروعاً للاقتداء بالغرب المستعمِر والتشبه به..تقول فاطمة المحسن؛ "فالنهضة في كل بلدان الشرق، بما فيها تركيا، هي مشروع للتلاقي مع الغرب، مع أفكاره وفلسفاته ومخترعاته ومكتشفاته ونظمه ودساتيره، وكل ما يشكل حضارته الحديثة" ص41. أي أن ثقافة النهضة لم تتبلور وتنضج في العراق، وكذلك، غالباً، في بلدان الشرق الأخرى ( منها البلدان العربية ) نتيجة توافر شروط داخلية ترتبط بالتطور الاقتصادي، وصعود طبقة اجتماعية جديدة مع انهيار أسس عالم قديم وبناء أسس عالم أكثر تطوراً، في المنظور التاريخي، بل جاء بتأثير ظروف خارجية موضوعية، ولذا طُبعت تلك الثقافة بطابع رد الفعل أولاً، والاقتباس والتقليد ثانياً، والتهجين في ما بعد.    وعلى الرغم من تشابه السياق التاريخي العام للبلدان العربية إلاّ أن طبيعة ثقافة النهضة في العراق تختلف عنها في مصر وبلاد الشام، وكذلك تركيا، نظراً لاختلاف الظروف التاريخية وعوامل الجغرافية، منها بقاء العراق تحت الحكم العثماني المباشر، لقرون عديدة، وبُعدها النسبي عن بلدان الغرب، والسمة الطائفية والعشائرية الطاغية على علاقات أبنائه الاجتماعية. هذه العوامل وغيرها ستفضي إلى تأخر وبطء انتشار ثقافة النهضة في العراق.    من العبث إطلاق مفردة النهضة على حركة انعطاف اجتماعي وسياسي في مجتمع ما أو دولة ما إنْ لم ترافق ذلك اهتزازات وانقلابات وتغيرات في القيم والمعتقدات وأشكال النظم والعلاقات داخل المجتمع. ولابد من أن تترك مثل هذه الظاهرة، إذا ما حصلت، أزمات وتناشزات وصراعات اجتماعية وسياسية بهذه الدرجة أو تلك. ومثلما نوهنا فإن مثل هذه الانعطافة وعقابيلها تنشأ في بلد مثل العراق نتيجة تماس واحتكاك وتمثل لقيم ومعتقدات وأشكال نظم وعلاقات وافدة، أي انعكاساً لصدمة، وليس نتيجة تطور تاريخي قائم على أساس التواتر والتراكم في المنجزات المدنية والحضارية. فثمة خصوصية عراقية، في هذا الجانب، تتمثل بالبيئة الجغرافية العراقية المعرّضة دوماً للكوارث الطبيعية لاسيما الفيضانات التي كانت تقضي على المناطق العامرة، المرة بعد الأخرى، وتسبب الفوضى وعدم الاستقرار ومن ثم الخوف من المستقبل وفقدان الضمانات وسيادة المعتقدات القدرية.. تقول الباحثة عن بغداد القرن التاسع عشر بأنها؛ "مدينة طرفية في الإمبراطورية العثمانية، وكل حكامها غرباء عنها. ولعل فكرة المحو أو الاندثار التي تولّدها الكوارث الطبيعية غدت متأصلة في التركيبة الوجدانية التي تلازم التطور عند المثقف العراقي، فالكوارث تمنع إمكانية التواتر والتراكم في المنجزات، وتصبح تواريخ التعاقب بين خطى البحث عن الحاضر والمستقبل، وخطى الإمحاء، ، أقرب إلى المصير القدري". ص294 ـ 295. وكذلك كانت تفعل الغزوات الأجنبية حيث العراق ممر لها أو مرمى.    إن استمرار الانقطاعات سيترك آثاره على الثقافة العراقية، وسيحول دون "تراكم يساعد على توارث تقاليد الحياة الثابتة المستقرة التي تتوضح بمعالم محددة" ص295. وحتى حين يغادر الجيش العثماني العراق مهزوماً أمام الجحافل العسكرية البريطانية فإنه سيقوم بحرق "المراكز والوثائق والسجلات ونهب أموال الأسواق ببغداد وبضائعها قبيل دخول جيش الاحتلال البريطاني" ص296. وبحسب الباحثة، وهي على حق تماماً أن هذا "يحمل دلالة الطابع العنفي للصراع على العراق" ص296. وسيعيد التاريخ نفسه في أثناء سقوط نظام صدام والاحتلال الأمريكي للعراق في 2003. حيث أصاب الدمار جزءاً واسعاً من الميراث الثقافي العراقي وبنيته التحتية مع احتراق المكتبات والمطابع، ونهب المتحف الوطني، واختفاء لوحات ومنحوتات الفنانين العراقيين الرواد، ناهيك عمّا حصل من تخريب لمؤسسات الدولة العراقية والبنية التحتية للاقتصاد العراقي.    كما عاشت المدن والقرى العراقية، ردحاً طويلاً من الزمن، في شبه عزلة بعضها عن بعض بحكم تخلف وسائل النقل والاتصال وصعوبة الانتقال من مكان إلى آخر وخطورته أحياناً مما أفضى إلى اختلاف في اللهجات المحكية وتباين في كثر من القيم والعادات والتقاليد. وبات لكل مكان سماته المميزة غير أن الحال سيتغير بعد تدشين عصر النهضة، وتأسيس الدولة. وسنرى كيف أن هذه الظروف والخصائص ستغذي إشكالية الهوية والانتماء في دولة العراق.. تتساءل الباحثة؛ "هل بمقدورنا القول إن النهضة، وهي تتجه إلى إزالة الحواجز والمراتب بين الطوائف والقوم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram