اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الموسيقار جميل بشير.. زرياب الثاني فـي ذكراه

الموسيقار جميل بشير.. زرياب الثاني فـي ذكراه

نشر في: 24 سبتمبر, 2010: 04:40 م

احمد مختارلندن ساهم تطور أسلوب العزف المنفرد على العود في العراق خلال الربع الأول من القرن الماضي، في تحسين نوعية الإنتاج وازدياد أهميته التقنية والروحية. وأثّر هذا الأسلوب في العالم العربي في ما بعد، حيث كانت لجميع مؤلفي تلك المرحلة وعازفيها،
روح تأليفية ذات خصوصية أضافوا اليها ما ابتكروه من نمط تقني جديد ومتطور معتمدين على إرث العراق الموسيقي الذي يمتد الى سالف العصور ويمر بعصر زرياب العباسي الى اليوم، فابتكروا بذلك كتلة متحدة بين التأليف الروحي وتقنية الأداء، وبهذا وفروا على الذين أتوا بعدهم عناء البحث في هوية أعداد الأصابع والريشة والمراحل التفاعلية في العمل. rnلكن بعضاً من هؤلاء مثل الموسيقي العراقي جميل بشير، كتب موسيقى كانت في غاية الجمال والتعقيد الأدائي، تتميز بمهارة عالية وفريدة في الأداء. في مقطوعته «كابريس» مثلاً، نلاحظ التداخل المعقد بين الأصوات العليا والسفلى، وتداخل الأشكال الإيقاعية في الريشة بطريقة تكمن فيها صعوبة الأداء الموزون بالسرعة المطلوبة. وكان بشير يذهب الى مواضع لم تكن مكتشفة في العزف على آلة العود من قبل مثل العزف في منتصف العود على الأوتار الحادة، و استخدام لمسات هارمونية عالية الحس الجمالي. و لعمري هذا هو التطوير الحقيقي في آلة العود، و ليس الادعاءات السطحية التي تدل على جهلة بالموسيقى و بالتطور الذي حدث لآلة العود. ولد الفنان جميل بشير في مدينة الموصل في العراق عام 1921 و على الأرجح في منتصف شهر أيلول. تعلم العزف على العود منذ الصغر حيث كان والده عازفاً وصانعاً. وعند تأسيس المعهد الموسيقي في بغداد عام 1936 كان جميل بشير ضمن الدورة الاولى حيث درس على يد الشريف محيي الدين حيدر مؤسس المعهد، وبات من طلابه المتميزين، كما تعلم العزف أيضاً على آلة الكمان على يد الأستاذ الروماني سانو ألبو لتصبح آلته الثانية. ويذكر الدكتور والباحث الموسيقي نبيل اللو مايلي: أن بشير عبّر مرة انه لا يعرف ما اذا كان توجهه الى الكمان الغربي رغبة عائلية في أن يكون من بينهم عازف انفرادي على آلة عالمية، ام أن الأمر كان مؤامرة ضده ليخلو الدرب أمام أخيه منير؟ أولا لا يوجد اتفاق على صحة الرواية ،ثانياً أن تعلم جميل بشير العزف على آلة غربيّة مثل الكمان، أضاف إليه قدرة هارمونية سمعية وقدرة على عزف التألفات الصوتية في آلة الكمان التي عكسها على العود في شكل ناجح في ما بعد و ربما هذا هو سبب توجهه للكمان.تميز بشير بخصوصية موسيقية يصعب ايجاد مثيل لها لدى الآخرين حيث عزف بتقنية أصابع وريشة لا يعرفها العود من قبل. تخرج الفنان جميل بشير من فرع العود في المعهد الموسيقي عام 1943 بدرجة ممتازة، ومن فرع الكمان عام 1946 ودرّس العزف على آلة العود، وعمل أستاذاً مساعداً لآلة الكمان في الفترة ذاتها، كما شغل رئاسة قسم الإنشاد والموسيقى الصباحي والمسائي في المعهد. عبّر الشريف محيي حيدر عام 1941 عن تفضيله الواضح لأفضل طالب لديه لبراعته التي خرج بها بعد هذه التجربة مع الآلتين بإهدائه عوده الخاص وهي هدية ذات دلالات ومغزى، وتشير الى خلافة جميل بشير أستاذه الشريف حيدر، وهذا شائع في الأعراف الموسيقية. حاول بشير ان يدرس العلوم التي لم يتسن له الاطلاع عليها، فركز على المقام والإيقاعات العراقية، لذا لم نجد أي تأثيرات أو استيعاب للألوان الموسيقية العراقية الأخرى مثل الأطوار الريفية وأسلوب الأداء في التعازي والغناء البدوي. لكنه استطاع ان يقدم لوناً فنياً متميزاً معتمداً على المقامات العراقية وإيقاعاتها، مكتنزاً في تصوراته التأليفية الكثير من اسلوب استاذه الشريف حيدر ومتخلياً عن البعض منها كالتأثيرات التركية لإيجاد لهجة موسيقية عراقية مقامية صافية. ويتضح هذا جلياً في مؤلفاته مثل «عيناك» و «ايام زمان» وتقاسيمه على المقامات العراقية والعربية مثل تقاسيم مقام «اللامي» و «الاوشار» و «المخالف» و «الخنبات». تركز اسلوبه روحياً على ملامح المقامات العراقية وجذورها التقليدية، وتقنياً على الرشاقة والليونة في تقنية الأصابع والانتظام والدقة في الريشة المستوحاة من عمل القوس في آلة الكمان. كما ان نقاوة العزف لديه في حال السرعة الفائقة لا تشكل إدغاماً في النغمات او تشويهاً للجملة الموسيقية، منتجاً بذلك براعة الإتقان الفني في التأليف الموسيقي الصعب المراس، اضافة الى احساس الجمل الموسيقية العميقة ورونق الذوق الموسيقي الروحي وسلامته، اذ حاول أن يجانس بين الروح والتقنية في شكل عال ليصبح الأبرز في انجاز ذلك بين عازفي المدرسة العراقية التي تعتبر الأهم بين مدارس العود في العالم. وعلى الرغم من إن المدرسة العراقية تستخدم تقنية التالفات الصوتية (الاكوردات)، لكن العارف في الموسيقى يجد إن تالفات جميل بشير هي من وحي أفكاره، والبعض منها كان يصعب على عازف غيره تطبيقها.وما ميز جميل بشير الإنسان والموسيقي الفذ أنه لم يتعكز على قضايا لا تمت للفن بصلة مثل(ما يسمى بالمقاومة) أو إهداء اسطوانة موسيقية لدك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Peter

    مرحبا اولا اين يمكنني ان اشتري كتاب الاستاذ جميل بشير لتعلم العود ثانيا اين يمكنني ان اجد النوتة الموسيقية لمؤلفات الاستاذ جميل بشير وثالثا شكرا لكم لنشر هكذا معلومات قيمة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram