ستوكهولم /بقلم ثاليف ديين/ آي بي إس- يمكن تلخيص مداولات مؤتمر المياه الدولي في ستوكهولم، في مجرد كلمتين: "المياه القذرة". فقد تناولت مناقشات هذه الدورة السنوية العشرين لأسبوع المياه العالمي الذي نظمه معهد استوكهولم الدولي للمياه، تناولت أسباب الدمار الواسع النطاق والضار بالبشر جراء المياه الملوثة التي تحصد عددا من الأرواح يتجاوز عدد ضحايا كافة أشكال العنف بما في ذلك الحروب، وفقا للأمم المتحدة.
فتحت شعار المؤتمر "الاستجابة للتغيرات العالمية: نوعية المياه"، دارت المناقشات في معظمها حول الملوثات والنفايات الصناعية والبشرية ومياه الصرف الصحي. وصرحت كلاريسا بروكله هورست، مديرة إدارة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية بمنظمة رعاية الطفولة التابعة للأمم المتحدة "يونيسف"، أن نحو 1.8 مليون شخص معظمهم من الأطفال دون سن الخامسة، يلقون حتفهم، سنويا، بسبب أمراض الإسهال الناجمة عن المياه القذرة، أي بمعدل طفل كل20 ثانية. ويعني هذا الرقم أيضا أن أكثر من نصف أسرة المستشفيات في العالم يشغلها مرضى يعانون من أمراض ناجمة عن المياه الملوثة. وإذا لم يكن هذا كافيا، فإليك الإحصاءات المذهلة المقدمة من معهد ستوكهولم الدولي، ومنها أنه يجري قذف نحو مليوني طن من النفايات البشرية في المجاري المائية، يوميا، إضافة إلى 70 في المئة من النفايات الصناعية في البلدان النامية، التي تلقى في مجاري المياه، بدون معالجة، لتلوث إمدادات المياه الصالحة للاستعمال. يضاف إلى هذا وذاك ما ذكرته الدكتورة ريتا كولويل، الحائزة على جائزة ستوكهولم للمياه لعام 2010، من أن التقصير في معالجة قضية نوعية المياه، وما يصاحبها من التغييرات المناخية، يمكن أن يؤدي إلى تفش وخيم العواقب للأمراض التي تنقلها المياه، مثل الكوليرا. وأضافت ان العدوى من الأمراض المنقولة عن طريق المياه والطفيليات والبكتيريا والفيروسات تتسبب في خفض القدرة على العمل وأداء المهام اليومية الاعتيادية، مما يؤدي إلى الاضطراب الاقتصادي والاجتماعي والحد من قدرات البلدان وإمكانياتها. وشرحت ريتا كولويل، الأستاذ في جامعة ميريلاند، وكذلك في كلية الصحة بجامعة بلومبرغ بجامعة جونز هوبكنز، أن "المياه الصالحة للشرب في غاية الأهمية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي بل وحتى الأمن القومي”. وبدوره، حذر برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة في دراسة بعنوان "المياه المريضة" أن المياه القذرة تمثل أيضا عاملا رئيسيا في تزايد المناطق الميتة المجردة من الاوكسجين والتي أصبحت تظهر في البحار والمحيطات في كافة أنحاء العالم". كما أفادت الدراسة أن أكثر من 900 مليون شخصا يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة، فيما يقدر بنحو 2.6 مليار نسمة عدد الأهالي المحرومين من المرافق الصحية الأساسية. هذا وتقترح الدراسة الأممية عددا من الحلول التي تشمل تحسين عمليات معالجة النفايات البشرية وتعميم أنظمة إعادة تدوير المياه، ومشروعات مياه الصرف الصحي التي تتطلب عدة ملايين أو مليارات من الدولارات. أما معهد ستوكهولم الدولي، فيقترح طريقتين لمنع تلوث المياه والتخفيف منه. أولا، تطبيق "مبدأ الملوث يدفع" مع محاسبة الملوثين ومعاقبتهم. وثانيا، الإشهار عن الملوثين المسؤولين عن آثامهم الايكولوجية. هذا وقد يكون من المفارقات أن تكون المناقشات الحامية التي جرت حول هذه القضية الحيوية أثناء المؤتمر، قد إدارت في مدينة ستوكهولم المصنفة في قمة مدن العالم من حيث إمدادات المياه ونوعيتها. ولا شك أن ستوكهولم محقة في ذلك، وفقا لغوستا ليند مدير مؤسسة المياه التابعة لبلدية للعاصمة السويدية. فخلافا لما يحدث في معظم أنحاء العالم، "نحظى بإمدادات شبه غير محدودة من مياه الشرب النظيفة والعالية الجودة". ويشار إلي أن هذه المؤسسة، التي توفر المياه العذبة لنحو 1.2 مليون مستهلك، قد ابتكرت دورة إيكولوجية فعالة من خلال إعادة استخدام النفايات بعد معالجة مياه الصرف الصحي للمياه واستعمال الحمأة كسماد زراعي.
بمعدل طفل كل 20 ثانية..1،8 مليون طفل يلقون حتفهم بسبب المياه القذرة
نشر في: 24 سبتمبر, 2010: 05:22 م