TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك :(اسمع تفرح، جرّب تحزن)

هواء فـي شبك :(اسمع تفرح، جرّب تحزن)

نشر في: 26 سبتمبر, 2010: 09:51 م

 عبدالله السكوتي كان بعض المشعوذين ممن يدعون علم الكيمياء، ومعرفة تحويل بعض المعادن الخسيسة الى معادن نفيسة مثل الذهب يتبارون بالمباهاة بعلمهم، فكان بعض ذوي النفوذ والثراء يقدمون اليهم ما يطلبون من مال لاجراء تجاربهم والفوز بهذا التحويل،
وهم فرحون مستبشرون بقرب ظهور النتائج، ولكن النتيجة تكون في الغالب هرب المشعوذين مع ما استحوذوا عليه من مال، فيحزن من فرّط بامواله، وتروى حكايات كثيرة حدثت لكثير من الاثرياء، وحتى مع الحكام والمتنفذين. ويحصل الشيء ذاته حينما تقرأ كتب السحر فتجد انك اذا فعلت كذا وكذا، وكتبت كيت وكيت، فسيحصل المراد فتفرح ولكن عند التجربة لا يحصل المراد فتحزن. وقد قيل في تجربة الاصحاب، وهذه غير تجربة المعادن: (صاحب صحيبك سنة وبعد السنة جرّبه) وكثيرا ما ابتلى الشعراء بالاصحاب وكانت تجاربهم مخيبة، فقالوا وزادوا حتى قال شاعر الابوذية:(الوفه ياصاح بركبتي امانه ولا ابفضلي على واحد امانه جرب كبل ما تنطي امانهالتجارب تفضح اعيوب الخفيه) وقد قيل قديما ان التجربة احسن برهان، وقالوا أيضاً (اسأل امجرب ولا تسأل حكيم)، وهذا قليل من كثير حيث يملأ شعر التجربة والتجارب الكتب، حيث قالوا في ليبيا بامثالهم:(مايجرب المجرب الا العقله امخرب)، وتستمر الشكوى ويستمر التذمر، حيث نندفع الى قول مناقض مفاده:(شين التعرفه احسن من زين الماتعرفه)، وهذا من ضمن المغالطات التي طبعت المجتمع بطابع الذل والخضوع، والاستكانة، ومع ان المواعيد كثيرة، وهي قد صورت الكثير، بحيث مشى احدنا على اطراف اصابعه للنعمة التي سيحظى بها من جراء التغيير، لاننا كنا نسمع ان العراق من اغنى البلدان ومازلنا، فهو ارض السواد وصاحب اكبر ثروة من الذهب الاسود والابيض، ارضه خير الاراضي وماؤه اعذب المياه، ولكننا اهملنا امرا مهما، وهو توزيع هذه الثروة، والعراق بالتالي يوزع ثرواته كما توزع الشعر في جسد برنادشو، حيث شكى وقال:(لحيتي كثيفة ورأسي اصلع كالاقتصاد العالمي، غزارة في الانتاج وسوء في التوزيع)، لتستمر المعادلة هكذا غير متزنة، واطرافها صاعد نازل، فمنهم من ترقى وارتاح وهو يحمد الله على اليوم الذي جاء به التغيير في حين يلعن الاخر ذلك اليوم، لان الامر يتعلق بالمعيشة وقالوا قديما: ان الجوع ابو الكفار، ونحن لا نستطيع ان نلوم اياً من الطرفين، فالذي يلعن زمن الدكتاتورية تضرر منها كثيرا وقتل وتشرد، ومن يلعنون التغيير نقول لهم: صبرا، لانهم لا يعون ما يعي الاخرون وهم يعيشون على قدر عزائمهم، وقائلهم يقول:(شبعني اليوم وموتني باجر).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram