اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > وجهة نظر: مقدمة فـي المكان السردي العراقي الحديث

وجهة نظر: مقدمة فـي المكان السردي العراقي الحديث

نشر في: 28 سبتمبر, 2010: 05:41 م

باسم عبد الحميد حمّوديلم يعد المكان في السرد العراقي الحديث مقتصرا على المألوف  المعروف من البيئات المعمارية العراقية ، المدن عموما، القرية، شارع الرشيد،عكد الهوى في الناصرية، الكورنيش في العمارة ،شارع الوطني في كركوك، الدواسة في الموصل، الاهوار،مراكز الثقافة، والبيئات الأخرى ،
 بل أن الخروج إلى بيئات أخرى صار هو السائد حديثا في الكثير من أصناف السرد العراقي بحكم تجربة الكتّاب والكاتبات واحتكاك تجاربهم الحياتية بالآخر، لكن الخروج لأمكنة غير عراقية  لم يبدأ خلال السنوات المنصرمة القريبة بل تم ذلك  منذ زمن أبعد قليلاً . ولّد الاحتكاك الحضاري مع  الشعوب الأخرى على صعيد السرد منذ العقد الثاني من القرن العشرين  تجارب أولى في الكتابة السردية  كان منها العمل الريادي الأول  في الرواية العراقية – رغم كل الملاحظات النقدية – لمحمود احمد السيد وهو (جلال خالد) الذي حوت مساحاته السردية  أرضاً فكرية أخرى هي الهند التي وقعت الكثير من تفاصيل المادة ا لدرامية فيها حيث يختلط  جلال في كلكتا وبومبي بعدد من المفكرين الاشتراكيين الهنود وتدور بينه وبينهم  حوارات عن طبيعة الشعوب الشرقية وضرورة الاستقلال وتحقيق العدالة الاجتماعية.واذا كانت المادة السردية التي يحويها كتاب(مذكرات طالب عراقي في برلين) ليوسف عبود لا تعد روائية فإنها تعد متنا سرديا متقدما في أدب المذكرات  ، وهو أدب سبقت ظهور هذا العمل خلاله نصوص ليوسف غنيمة  تعد اقرب الى التقارير وتبعته نصوص لناجي جواد الساعاتي واحمد سوسة ،في وقت تجد نصوصا ليونس بحري في سلسلة (حي العرب) اقرب إلى أدب المذكرات منها الى المادة التقريرية السياسية ،والراجح قوله أن بعض  الكتابات في المادة التاريخية وفي أجزاء منها على وجه الخصوص تعد مادة سردية درامية تستحق الوقوف عندها ومنها مذكرات د.كمال السامرائي  (من وحي الثمانين) ومذكرات  السياسي العراقي ناجي شوكت ، وخصوصا تصويره لسنوات أسره في أوروبا ،ومذكرات طالب مشتاق  وسواها .من المتون السردية نص (أفكار الرجل الطويل) لعدنان رؤوف التي عكست تجربته الحياتية في ألمانيا (الشرقية) خلال ستينيات القرن الماضي وقد سبقتها تجربة سردية مهمة للقاص ذو النون أيوب صدرت عام 1957 بعنوان (قصص من فينا) إضافة الى  تجربة غائب طعمة فرمان في   (المرتجى والمؤجل) وتجارب عبد الآله عبد القادر في ادب الغربة،وكان من كشوفات أدب الغربة المهمة رواية محمود سعيد (زنقة بن بركة) التي نشرت في الثمانينيات ثم  روايته التي  صدرت منذ فترة بعنوان  (الهاربان) والتي تختلف مكانيا وزمنيا وتفاصيل عن ا لرواية السابقة، إضافة لتجارب ناجي التكريتي الروائية الخاصة بالدراسة في أوروبالابد من الإشارة هنا إلى أن أدباً عراقياً قد تشكل خارج اسوار الوطن ، وأن هذا الأدب في شكله السردي قد تأثر بعضه بتجربة الطيب صالح في (موسم الهجرة الى الشمال) حيث شكلت الصدمة الحضارية الناشئة عن تجاذبات الأعراف الشرقية بالغربية نوعاً من الرغبة بالاستهانة  بالغرب والخوف منه في آن واجتياحه جسديا كما تجلى ذلك في نص حسب الشيخ جعفر  السردي (رماد الدرويش) و (الريح تمحو والرمال تتذكر) ونص(السجين) الافتراضي الغرائبي لانيس زكي حسن. وإذا اعتبرنا نص مهدي عيسى الصقر (رياح شرقية رياح غربية) نصا مدونا في الستينيات فان صور ذلك الاحتدام بين عالمين وانصياع العالم الشرقي (في بعض  نماذجه) لتصورات البنية الأوروبية ، كانت صورا مثالية في التعبير عن الصراع الحضاري  لا التكيف مع مجرى النهر الغربي ، ذلك إن الأبطال الذين (تكيفوا) كانوا منصاعين للعالم الجديد الذي يبنى في صحراء البصرة.كانت النصوص السردية التي تطرح موضوعة الصراع الحضاري في مراحلها الأولى نصوصاً دونها طلبة درسوافي جامعات الغرب (حسب الشيخ جعفر وغازي العبادي وعدنان رؤوف وقبلهم يوسف عبود ، كأمثلة) ولكن النصوص السردية التالية  انصنعت نتيجة لغربة حقيقية مستفزة والكثير من تفاصيلها  يحوي كنزا من استفزازات ذلك التجاذب بين عالمين، ذلك ان الهجرة كانت مفروضة قسرا على الكثيرين منهم  ، منهم نصيف فلك في  (خضر قد) وهدية حسين في (بنت الخان) وفيصل عبد الحسن في الكثير من نتاجه ودنى غالي ،  والروائي جمعة اللامي في منجزه الروائي بعد السبعينيات  ، ولعلنا نستطيع في مقالات قادمة التعرض لبعض أشكالات المكان السردي  لهؤلاء . أن المكان السردي الخارجي لدى هؤلاء يشكّل تارة مناخ حلم وتارة كابوسا وسجنا (مثل تجربة يوسف ابو الفوز) كما يشكل ظرفا قاهرا كما هو الحال مع نصيف فلك ، أذ المكان ليس مكانا فقط بل ما يحيط به وما يكشف عنه وما يتداعى منه وتلك أمور لا ينبغي التغاضي عنها بل تحليلها وإحالتها  الى موجهاتها ومؤثراتها الأولى .السرد هنا ليس نصا قصصيا ولا روائيا فقط ، بل أدب مذكرات وسياحة وتاريخ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram