القاضي زهير كاظم عبود يعتبر طريق الاعتراض على الحكم الغيابي من أول طرق الطعن في الأحكام التي قررها قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 123 لسنة 1971 المعدل ، وهي الاعتراض على الحكم الغيابي والتمييز وتصحيح القرار التمييزي وإعادة المحاكمة،
ويعتبر أيضا إحدى الضمانات التي وفرها القانون للمتهم حيث يجب ان تكون هناك فسحة للمتهم المحكوم غيابيا من تمكينه للدفاع عن نفسه بعد لحوق علمه بقرار الحكم الغيابي الصادر بحقه ، وإيصال الحقيقة أمام المحكمة وصولا الى الحكم العادل . وقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 حق الإنسان في محاكمة عادلة وعلنية توفر له الضمانات الضرورية للدفاع ، ونص الدستور العراقي لسنة 2005 على ان التقاضي حق مصون ومكفول للجميع ( م / ثالثا - 19 ) ، وتأكيدا لهذا الحق تنتدب المحكمة محاميا للمتهم الغائب او الهارب للدفاع عنه في قضايا الجنح والجنايات يتم دفع أتعابه وأجوره من خزينة الدولة ، وفقا لما نصت عليه المادة ( 19/ حادي عشر ) من الدستور وأكدته المادة ( 144 ) من الأصول وهو نص عام يشمل جميع المحاكمات الجزائية الحضورية منها أو الغيابية ، وأن هذا الأمر لايتعارض مع وجود محام للمحكوم عليه المعترض في حال تسليم نفسه وتوكيله لمحام للدفاع عنه . rnوالاعتراض يعني المنع في اللغة ( لسان العرب ) ويعني طريقا من طرق الطعن بالأحكام أمام المحكمة التي أصدرت الحكم ، وهو طريق من طرق الطعن الاعتيادية يؤدي بالنتيجة الى إعادة طرح النزاع القائم مجددا أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي لإعادة النظر في حكمها على ضوء ما يتم طرحه أمامها في الجلسة الحضورية والعلنية ، وهذا الطريق مقرر قانونا حيث نصت على أحكامه المواد من 234 – 248 من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، وهذا الاعتراض يرتبط ويتعلق بقرار الحكم الغيابي ، ويضمن للمحكوم عليه أن يقدم دفوعه وأدلته ويناقش الأدلة التي تم طرحها في دور التحقيق والمحاكمة ، وهذا الارتباط ينتهي بنهاية الحكم الوجاهي الصادر إما بتأييد الحكم الغيابي او تعديله أو إلغائه ، حيث أن قرار الحكم الغيابي غالبا ما يصدر بناء على الأدلة التي قدمها طرف واحد ولم تتوفر الفرصة للطرف الثاني لتقديم دفاعه وأدلته ، وغياب المحكوم عليه يتم اعتباره قرينة على صحة الاتهامات المطروحة بحق الطرف المتهم من دون ان يتمكن من توضيح موقفه وأسانيده القانونية أمام المحكمة ، وبهذا الاعتراض تتوفر الفرصة للمحكوم عليه أن يعرض أمام المحكمة . والغاية من الإعلان في الحكم الغيابي الصادر لحوق علم المحكوم والكافة بهذا الحكم ، نفيا لقرينة الجهالة وعدم العلم ، وحتى يمكن احتساب المدد القانونية المقررة للاعتراض على الحكم . في أحيان يكون فيها المتهم التي كانت محكمة التحقيق قد أخلت سبيله بكفالة للجواز القانوني قد تخلف عن حضور جلسات المحاكمة ، أو أن يكون المتهم هاربا من وجه العدالة في مرحلة التحقيق ولم يقم بتسليم نفسه ، ولم تتمكن سلطات التحقيق من القبض عليه بعد استنفاد جميع الطرق التي قررها القانون ، فيصار الى إحالة المتهم وهو في حالة الغياب الى المحكمة المختصة لمحاكمته وفق الأصول . في حال عدم تمكن الكفيل من إحضار المتهم المكفول أمام المحكمة وعجزه ، فان الكفيل يعتبر مخلا بتعهده أو كفالته مما يستوجب اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الكفيل ، فتتم إحالته إلى محكمة الجنح المختصة التي تقرر معالجة الإخلال بالتعهد والكفالة حسب ماورد بنص المادة ( 119 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية . أما في حال صدور أمر بالقبض على المتهم بارتكاب جناية ولم تتمكن سلطات التحقيق من القبض عليه خلال تلك الفترة فيلجا قاضي التحقيق الى إصدار أمر بحجز أموال المتهم المنقولة وغير المنقولة ، ومنع سفره ، كإجراء يقيد المتهم ويضغط عليه لتسليم نفسه للعدالة ، حيث يتم رفع الحجز في حال تسليم المتهم نفسه أو القبض عليه من قبل سلطات التحقيق ، غير أن قاضي التحقيق في جميع الأحوال إذا وجد أن الأدلة التي توفرت في القضية الجزائية المعروضة أمامه تكفي لإحالة المتهم إلى المحكمة المختصة ( محكمة الجنح إذا كانت التهمة جنحة بدعوى موجزة إذا كانت معاقبا عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاث سنوات ، وبدعوى غير موجزة في الأحوال الأخرى ، ومحكمة الجنايات في حال أن التهمة من الجنايات بدعوى غير موجزة) ، استنادا لما نصت عليه المادة ( 135 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، وتخرج تلك القضية من اختصاصه لتصبح تحت مسؤولية المحكمة المختصة .ويتم تبليغ المتهم الهارب بتعليق ورقة التكليف بالحضور أو أمر القبض في محل إقامته أو عنوانه المعروف ، كما يتم نشر إعلان في صحيفتين محليتين ، ويتم تحديد موعد للمحاكمة في موعد لاتقل مدته عن شهرين في الجنايات وشهر واحد في الجنح ، وفي القضايا التي تصل عقوبتها الى الإعدام يوضع امر القبض الصادر لمدة ستة اشهر في مكان إقامته المعلوم وفي لوحة إعلانات
الاعتراض على الحكم الجزائي الغيابي
نشر في: 29 سبتمبر, 2010: 05:38 م