TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ثقافة التطلّع والطموح في عصر التطلعات والطموحات الأشمل

ثقافة التطلّع والطموح في عصر التطلعات والطموحات الأشمل

نشر في: 2 أكتوبر, 2010: 04:43 م

عبد المجيد حسن شياعنعيش الآن في مجتمع يعد (الطموح) مسألة مطلوبة من قبل الجميع، وإن كان هنالك الكثير من المبالغة في التطلعات يتجاوز أحياناً الحدود كلها، ولا يقوم على أساس منطقي سواء كان ذلك بالنسبة للأوضاع السائدة في مجتمعنا الحالي التي تحيط بالفرد، او بالنسبة للقدرات الخاصة التي يمتلكها وتتوفر لدى هؤلاء الطامحين..
وقد يكون الطموح متعلقاً بالحصول على بعض المكاسب والمزايا المادية التي تشبع بعض الاحتياجات المشروعة لدى الأفراد، لكن بعض الأحيان يكون هذا الطموح موجها نحو أمور أدبية ومعنوية مثل تحقيق المكانة الاجتماعية العالية والمركز والسمعة الحسنة التي لا تستند بالضرورة الى أسس مادية، لكنها تعتمد الخبرات والعلاقات والتجارب والانجازات ودرجة التعليم ونوعيته،وفي المجتمعات النامية لدول العالم الثالث تلعب العائلة الدور الأساسي الذي يستند اليه الفرد في تطلعه، ويعتبر ذلك الانتماء مبرراً كافياً لذلك التطلع بالرغم من عدم توفر الإمكانات  والقدرات الذاتية لذلك، وهو ما يختلف تماماً عمّا يحدث في المجتمعات المتقدمة، حيث يكون للمقومات الشخصية الاعتبار الأول فيها، وهو فارق كبير جداً انتبه اليه الكثير من الكتاب منذ وقت طويل، وقد عبر عنه احد كبار العلماء في القرن التاسع عشر وهو (سيرهنري مين)، عندما ميز بين المجتمعات التي تقوم على أساس المكانة التي تقوم على أساس العقد.وليس من شك في ان التطلع أو الطموح هو خاصية أساسية لدى كل أفراد الجنس البشري وفي كل الأزمنة والعصور مع وجود اختلافات كبيرة بين الجماعات والأفراد من جهة وبين الوسائل والأهداف من جهة أخرى، فالتطلع عنصر مهم في الارتقاء والتقدم، لكن ما يميز العصر الحالي الذي يوصف بـ(عصر التطلعات) هو الظروف الدافعة بقوة كبيرة نحو التطلع غير المحدود وظهور فئات اجتماعية وفي كل المجتمعات الحديثة التي تجعل من التطلع هدفا وأسلوباً للحياة، وليس مجرد وسيلة، وإن كان يصعب تحديد موقع هذه الفئات الجديدة بدقة، في سلم التدرج الاجتماعي نظراً لعدم وضوح معالمها بدقة ونظراً لاختلاط المعايير التي توجه حياتها التي لم تنتظم بعد، لذلك فهو يقتضي بالضرورة حدوث نقلة من وضع معين الى وضع آخر، سواء كان ذلك على المستوى الاقتصادي او الاجتماعي، وضرورة التاقلم مع الوضع الجديد، وهي عملية شاقة ولها متطلبات خاصة بها، ولعل ابسطها هو الانسلاخ الكامل من الوضع القديم والاندماج العضوي في الوضع الجديد بكل ما يميزه من سلوكيات وقيم ومبادئ، وان كان هؤلاء المتطلعون يرون ان هذه الملامح جامدة وتتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة وانها مظهر من مظاهر النفاق الاجتماعي الذي يميز التنظيم الطبقي الذي لم يعد يتماشى مع متطلبات الحياة في المجتمع المعاصر الذي يتيح فرصا متساوية للجميع،  والأغلب ان أفراد الجماعات المتطلعة هؤلاء أو المتطلعين هؤلاء هم أبناء الطبقات والشرائح الدنيا الذين هيأت لهم ظروف التغيير السياسي والاجتماعي فرص الانفتاح والاتصال مع العالم، بحيث تولدت لديهم طموحات تدفعهم الى النزوح من إطار الطبقات الأدنى التي ولدوا فيها الى إطار الطبقات الأعلى التي كثيراً ما تتعارض منظومة القيم المرتبطة بها مع المنظومة التي عاشوا فيها واعتادوها، وأصبحت جزءاً من تكوينهم الذهني والوجداني، وليس في ذلك عيب بل انه قد يكون (قاطرة) التقدم في المجتمع لدينا، لكنه في الوقت ذاته يحمل كثيراً من المشكلات التي تؤثر سلبياً على بناء العلاقات وأنماط السلوك والقيم داخل المجتمع، وكثيراً ما يكون الوصول الى المستوى الحياتي الأعلى والأرقى مجرد انتقال شكلي بعيد تماماً عن الاندماج العضوي الكامل، نظراً للفجوة الثقافية والاجتماعية المتمثلة في قواعد القيم وأساليب الفكر والحياة، على الرغم من أنه يحقق المساواة في الفرص، والقضاء على الانفصال الكامل بين شرائح المجتمع.من هنا كانت مجتمعات الغرب تهتم بنشر ما أصبح يعرف باسم (ثقافة التطلع) كأسلوب للحياة وكمطلب يعمل أفراد المجتمع على تحقيق أهدافه، وهذا الاتجاه يقتضي أن ننظر الى ثقافة المجتمع ليس فقط على أنها الماضي المتوارث أو الحاضر الذي نعيش فيه الآن، لكنه أيضا على أساس (التنمية)، وبذلك تكون الثقافة هادفة وتشجع على التطلع والنظر الى المستقبل، كما أنها تتطلب التنافس الذي نتطلع إليه نحن البشر، لرفع مستوى المعيشة وتحقيق المكانة الأكثر رقياً وتقدماً، لذلك فهي منظومة حركية دائمة التغيير، بالرغم من ثبات المقومات الأساسية، لذلك فثقافة التطلع تساعد في رسم خريطة لتحديد معايير النجاح والتقدم نحو مستقبل أفضل وتحديد المسارات لتحقيق تلك الأهداف، وربما تكون في المجتمع بعض الشرائح والفئات التي تعجز لأسباب خاصة عن تقبل كل متطلبات ثقافة التطلع وتطبيقها، لكن قد يكون تيسير التعليم وسيلة تساعد في التغلب على ذلك العجز.المهم هو ان يعمل المجتمع على الاهتمام بصناعة الفرد والارتقاء بها وتنمية تطلعاته ومساعدته في تحقيقها، وفي الوقت نفسه إشراكه بقدر الإمكان في أنشطة الحياة حتى يشعر بوجوده وكيانه ودوره في حياة المجتمع، وربما يتطلب ذلك من المجتمعات ذاتها ان تعمل على تحديد الإمكانات التي يستطيع الفرد أن يختار منها ما يتطلع إليه في حدود قدراته الخاصة والظروف والأوضاع العا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram