TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :البحث عن نجوى فؤاد!!

العمود الثامن :البحث عن نجوى فؤاد!!

نشر في: 3 أكتوبر, 2010: 06:16 م

علي حسين عندما عين هنري كسينجر مستشارا للامن القومي ثم  وزيرا للخارجية الأميركية بدا الأمر مفاجئاً للجميع، فليس من السهل أن يعطى هذا المنصب، لرجل مولود في المانيا. لكن العالم ما لبث أن اعتاد مشهد الرجل حاد النظرات، حاد اللسان، ينتقل من عاصمة إلى عاصمة، يجادل الرؤساء، يخوض غمار المسائل المعقدة، لكنه في الوقت نفسه  يعشق الذهاب الى القاهرة لاللتباحث مع مسؤوليها،
 وانما للاستمتاع بمشاهدة الراقصة نجوى فؤاد التي خصص  لها مكانا في مذكراته "بعد يوم طويل من المفاوضات والجدل بين دهاليز السياسة، أخيراً أستريح في سهرة أحرص فيها دائماً على وجود الراقصة المصرية التي فُتنت بها وهي الفنانة نجوى فؤاد، وكنت أحرص قبل وصولي إلى القاهرة على التأكد من وجود الراقصة الجميلة في مصر، وأسأل عن أماكن تواجدها حتى أراها، وكانت تبهرني، بل أعتبرها من أهم الأشياء الجميلة التي رأيتها في الوطن العربي إن لم تكن الشيء الوحيد ".استطاع هذا الالماني الاصل ان يلمع في العالم فقفز من مجرد صحفي يعمل في صحيفة اسبوعية الى واحد من  اهم رجالات السياسة الامريكية، يجلس في مكتبه لتمر من امامه كل الاوراق المتصلة بالشؤون العسكرية والداخلية والخارجية، واضعا  ضوابط سياسة صارمة، تذكرت كسينجر هذه الايام وانا ارى التخبط الذي تعاني منه امريكا  في افغانستان والعراق،  وبحثت في مكتبتي عن كتاب لكسينجر نشر في منتصف السبعينيات بعنوان " ضرورة الاختيار " ترجمه الى العربية واحد من شيوخ الصحافة العربية الراحل كامل الزهيري، عدت الى هذا الكتاب القديم اقلب صفحاته الثلثمائة والخمسين لكي اراجع ماكتب وفي ذهني مايجري على الساحه السياسية العراقية، يكتب كسينجر في فصل جميل من الكتاب حول موقف السلطة من المثقف  وحول الصراع بين البيروقراطيين والمثقفين، وكان كسينجر وهو يعقد هذه المقارنة يطلب افساح المجال لتطعيم الادارات العسكرية والادارات المهتمة بالسياسة الخارجية بما سماه:" المثقفون المستقلون غير البيرقراطيين الذين قد تكون اراؤهم جديدة ومتنافرة مع ماتعود عليه الساسة ولكنها تخدم اكثر مصالح الدولة "، وكسينجر يوضح في كتابه هذا الازمة التي عبرتها امريكا والمعروفة بازمة المثقفين والتي كان فيها رجال الدولة والعسكر يحاولون ابعاد المثقفين عن اي دور يؤثر في  السياسة، يقول كسينجر: " على الرغم من ان كبار الموظفين في امريكا يختارون من المناصب القضائية او التجارية او الصناعية، وعلى الرغم من ان المجتمع الامريكي يفتخر بانه مجتمع  رجال اعمال، الا ان السياسيين الذين ياتون من المحاماة او الصناعة ينتقلون الى عالم لايدركونه ولايعرفون دقائقه واعماقه، ولهذا يعتمدون على الملخصات والملخصين، وبالتالي يبتعدون عن اعماق المشاكل واسس الحقائق، وتنتج عن هذه الطريقة نتيجة خطيرة.. هي الابتعاد عن الابتكار"، وينتقد كسينجر هذه البيروقراطية غير الخلاقة، ويلاحظ ان الطريقة الامريكية في السياسة تعتمد على سرعة البديهية، وسرعة الرد والاستجابة، وقد لاتكون المشكلة بحاجة الى سرعة بديهية بل تحتاج الى تعمق هادىء وتحليل، وبذلك ينتقد الادارة الامريكية لانها اعطت فرصة للسياسي البليغ وحجبت الفرصة عن السياسي العميق. مع كلمات كسينجر التي كتبت قبل نصف قرن  ندرك  كيف ان السياسة الارتجالية تفتقد النظرة الشاملة، فالسياسة فاقدة الاتجاه والمضطربة، تخضع لردود الافعال امام الازمات، بل كثيرا ما تدهمها الازمات،، يقول كسينجر ان الدولة القوية تقود لاتقاد، وان الزعيم السياسي الحقيقي  لايستحق لقب الزعيم مالم يستطع التمتع بنكران للذات، قوة وحكمة في مواجهة العواصف السياسية، ان يكون قريبا من رجال مثقفين لا بيروقراطيين.  يكتب  كونفوشيوس  قبل الفي عام:يستطيع الرجل ان يكبّر الطريق، الطريق لا تستطيع ان تكبّر الرجل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram