حسين عبد الرازقطرحت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان على المجلس القومي لحقوق الإنسان وعلى المجتمع مشروع قانون لتنظيم الحق في التجمع والتظاهر السلمي، وقد يبدو هذا الاقتراح غريبا في نظر البعض، فمصر تشهد منذ عام 2004 وحتى اليوم سلسلة
لا تنتهي من الوقفات الاحتجاجية والمسيرات السلمية بدأها حزب التجمع وحركة كفاية ومارستها بعد ذلك قطاعات وجماعات مختلفة من الموظفين والعمال والمهنيين وغيرهم كثير، ولكن ما لا يعرفه غالبية الناس أن هذه الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات السلمية تمت بالمخالفة للقانون، ونتيجة لسماح الحاكم بها، بحيث يمكن القول إن ممارسة حق التظاهر والتجمع في مصر يستند إلى «حرية عرفية» وليس للقانون، تماما كما أن حرية الصحافة الواسعة القائمة في مصر هي حرية عرفية يمكن وأدها في لحظة واحدة إذا قرر الحاكم تطبيق القوانين القائمة.rnفحق التجمع والتظاهر السلمي والتنظيم كلها حقوق مصادرة ومقيدة بقوانين موروثة من عهود الاستعمار والاحتلال البريطاني، أبرزها القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر والقانون رقم 14 لسنة 1923 بتقرير الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة والتظاهرات في الطرق العمومية والمرسوم بقانون رقم 28 لسنة 1929.ورغم أن هذه القوانين تتعارض وتتصادم مع الدستور المصري القائم (دستور 1971) - المواد 47 و54 - والمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعتها مصر وأصبحت جزءاً من القانون المصري تعلو على غيرها من القوانين، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 20) والمعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 والتي تنص مادته (24) على أنه «يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض بالقانون وتشكل معايير ضرورية في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي والسلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة، والآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم».. فمازالت قائمة ومعمولا بها.من هنا تأتي أهمية مشروع القانون المطروح من جانب المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والذي ينص في مادته الأولى على إلغاء القانون رقم 10 لسنة 1914 الصدار في ظل الحماية البريطانية والقانون 14 لسنة 1923 والمرسوم بقانون رقم 28 لسنة 1929 «وكل ما يتعارض مع هذا القانون» المقترح كما ينص القانون على حق الأشخاص والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني و«لكل ذي صفة اعتبارية» في التجمع السلمي والتظاهر والتعبير عن الرأي بحرية «غير حاملين سلاح» بمجرد إخطار الجبهة الإدارية قبل عقد الاجتماع بثلاثة أيام «وتنقص هذه المدة إلى أربع وعشرين ساعة إذا كان الاجتماع انتخابيا، وفي حالة الاستعجال»، ويقتصر دور الشرطة في توفير الحماية للاجتماعات والتظاهرات والمسيرات وحفظ الأمن وحماية الممتلكات العامة والخاصة، كما يمنع القانون استخدام القوة في فض التظاهرات إلا بقصد منع ارتكاب جرائم والتزام «المعايير الدولية لتنفيذ القوانين الواردة في مدونة الأمم المتحدة لسلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون»، ونص مشروع القانون أيضا علي حقوق المشاركين بالاجتماعات والتظاهرات السلمية في رفع اللافتات والشعارات ولقاء الصحفيين وممثلي وكالات الأنباء وقنوات التليفزيون.إن مشروع القانون هذا لن يتحول إلى قانون بمجرد طرح المنظمة له، ولكنه يحتاج إلى تضامن الأحزاب والقوى السياسية الديمقراطية وتبنيه والدفاع عنه وتشكيل قوة ضغط لإصداره.. أي أن يصبح أحد بنود معركة التغيير السياسي والدستوري الديمقراطي مثله في ذلك مثل الاقتراحات الخاصة بتعديل الدستور، ومشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية لتوفير ضمانات الانتخابات الحرة النزيهة، وإلغاء حالة الطوارئ التي يبدأ عامها الثلاثون اليوم.
حق التجمع والتظاهر
نشر في: 5 أكتوبر, 2010: 05:50 م