اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > ملف المدى: مجالس المحافظات.. والحديث باسم الشعب

ملف المدى: مجالس المحافظات.. والحديث باسم الشعب

نشر في: 5 أكتوبر, 2010: 06:53 م

علي حسينلا أعرف لماذا كلما فكرت في حال بعض  مجالس المحافظات ،اتذكر حكاية الزوج الذي قال لزوجته وهو على فراش الموت :": هل تتذكرين ايامي معك  ، حين طردت من العمل كنت انت الوحيدة الى جانبي   ؟.. و عندما صدمتني سيارة وجدتك انت  في المستشفى  ؟.. وعندما خسرت كل شيء تركني كل الناس إلا أنتِ؟ واليوم  انا اواجه الموت ولااحد يجلس قبالتي غيرك.. ولهذا ،
 وقبل ما أقابل وجه الكريم، اريد ان  أعترف لكِ واريح  ضميري إنتِ كنت وجه الشؤم والنحس علي منذ ان عرفتك ، حياتي تحولت الى ماساة بسببك ، الله لايسامحك .لا تختلف مجالس المحافظات كثيراً عن تلك المرأة، فمنذ اطلالتها  الأولي والدنيا سوداء على الناس ، كل يوم مصيبة أوقرار جائر ، وهي ـ أي المجالس  ـ صامتة وكأنها تواجه الامور مثل القضاء والقدر، فنحن دائماً وأبداً شعب مبتلى ، حظه سيئ، ولكنه شعب مؤمن قانع وراض بما قسمه الله، بشرط أن يشعر بان المسؤول يحس به ، فما بالك والمسؤول يريد ان يحدد للناس ماهو الخطا وما هو الصواب؟!   لعل إحدى أبرز مشاكل مجالس المحافظات ، أنها تدعي العمل ليل نهار لإقامة الدولة المدنية، بينما تقوض في تصرفاتها العملية كل الأركان الواجب الحفاظ على مثل هذه الدولة المدنية، ولدي نموذج صارخ على هذه الازدواجية التي تعاني منها معظم مجالس المحافظات ، وتكاد تصل بها إلى حالة فصام في الشخصية.   فقد تابعت، مثل غيري، على صفحات الصحف بعض القرارات التي يصدرها عدد من مجالس المحافظات كان اخرها  القرار الذي اصدره مجلس محافظة بابل بإلغاء مهرجان بابل ، وعلى الرغم من انني لااحب المهرجانات ذات الطابع الدعائي ، الا ان قرار المحافظة بمنع اقامة فعاليات الغناء والمسرح حصرا  اثار استغرابي ولكن يبدو. ان محافظات العراق  التي عانت من ظلم صدام لعقود طويلة حين حولها الى ساحة من سوح معاركه  (الباسلة) ، لايريد لها البعض ممن تولوا امور البلاد والعباد ان تتنفس هواء الحرية، فلايزال قرار منع بيع المشروبات الكحولية واغلاق النوادي والمحال حفاظا على قيم الاسلام التي رفعها قبلهم (الرئيس المؤمن) ساريا في معظم محافظات الوسط والجنوب  ، وماتزال هذه المحافظات تعيش اجواء الحملة الايمانية التي يصر العديد من السادة المسؤولين على اهميتها للمواطن وانها يمكن ان تعوضه عن انقطاع الكهرباء ونقص مواد البطاقة التموينية وانعدام الخدمات. ويبدو ان العراقيين ابتلوا بتسلط اولي الامر منهم ، فلعقود ماضية كان صدام يستخدم مصطلح خدمة الشعب،  فإذا قتل الأبرياء، فهذا لمصلحة الشعب ومن أجله، وإذا ظلم ، فهذا باسم الشعب ومن أجله، فالظلم عنده هو قمة العدل، فنامت الناس على ظلم مستديم ، ولم يتبين للحرية أي خيط من نور. كان صدام ونظامه  يختزلان الشعب في هيئته، فهو وحده الذي يحس بنبض الناس.  في ايامنا هذه  انتقلت (خدمة  الشعب) والسهر على مصالحهم  إلى السادة اعضاء مجالس المحافظات  فتسمعهم ليل نهار يتغنون بكلمة اسمها الشعب، وان العناية الالهية اوكلت اليهم امر هذا الشعب  ففي كل كلمة من كلامهم تقفزمفردة  ،  الشعب ، الشعب يريد التغيير .. الشعب يؤمن بقرارات مجالسه المحلية،  ، الشعب يبحث عن مسؤولين يأخذون بيده ينيرون له طريق الحقيقة، واصبحنا ننام ونصحو على كلمة الشعب وماذا يريد الشعب.  يتحدثون عن الشعب، وهم بعيدون عنه ، ماذا يريد الشعب؟ ما هي همومه ومشاغله وقضاياه وآلامه ؟.. هل الشعب سيحقق الرخاء والاستقرار لو طردنا من ديارنا كل مايتعلق بالفن والفرح ، ام ان تجارة الحشيش التي انتشرت في بعض المدن العراقية بسرعة البرق اغنى وانفع من النوادي الليلية ؟ام ان الشهادات المزورة التي يحملها بعض المحافظين واعضاء مجالس المحافظات حلال مادامت تصب منافعها في الجيوب ؟ لماذا انتقلت أمراض العقود الماضية إلى الساسة الجدد  وكيف عرفوا أنهم لسان حال الشعب ونبض الشعب وعقل الشعب وضمير الشعب؟ ايها السادة قبل أن تتحدثوا بلسان الشعب، لابد من أن تستمعوا  للشعب،  ولا يتحقق ذلك إلا بالنزول إلى الناس في الشوارع والقرى والنواحي ، هناك فقط ستسمعون صوت الشعب، اما  الشعب الذي تتحدثون عنه  فهو شعب من كوكب آخر، تفترضون  أنه لا ينام الليل من أجل تطبيق شعار الحملة الايمانية.    السادة اعضاء مجلس محافظة بابل  ومعكم اخوة اعزاء  في مجالس محافظات اخرى اتمنى عليكم ان ترفعوا الاقنعة عن وجوهكم وتعرفوا ماذا يريد الشعب وتؤمنوا بان العراقيين تجاوزوا سن الوصاية وهم احرار في دينهم ودنياهم  والاهم ان تدركوا ان  الشعب يحتاج التنمية والاستقرار.. الخبز والحرية.. والمسكن والعمل.. أما الشعب الذي تريدون خنقه بقرارات جائرة فقد خرج ولم يعد منذ ان سقط تمثال "قائد الجمع المؤمن" قبل سبع سنوات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram