TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > حكايات من عنكاوا.. حكايات الطفولة وطفولة الألم

حكايات من عنكاوا.. حكايات الطفولة وطفولة الألم

نشر في: 9 أكتوبر, 2010: 07:24 م

قراءة: شاكر مجيد سيفويتمظهر المتن النصي للحكاية في خصيصته العلائقية من خلال مرآة القص التي تؤدي وظيفة الشغل الحكائي والارتفاع بمستوى الحكاية إلى منظومَة (قص+حكي) تتماهى فيها مكونات الحال السردية الحكائية في حال من توظيف جماليات القص الحكائي والرقي بالموقعة النصية إلى خطاب قصصي يستجيب لبنيان الحكاية وعناقيدها..
من هذا المدخل سنقرأ – حكايات من عنكاوا – للقاص والروائي الدكتور سعدي المالح، فالقاص يذهب بحكاياته إلى استنطاق مسارات الحكي الماضوي في مناورة منه للعب على وتر كتابة جنس  قصصي بكامل التوصيفات الأجناسية الأدبية. ويتوسم في استحضاره لبنية الزمن واستدعاء (المكان – اليوتوبيا- عنكاوا)  إلى تحقيق التاريخانية الشخصية المحورية وتمظهرها في عدسة شخصية مكبَّرة، تعمل على تعميق طاقة الحكي وتوريد إرساليتها الحكائية، وانطلاقا من بنية العنونة عبر الدال المشكّل الرئيسي للحكاية (عنكاوا) فأن التشكيل النصي ينطوي على قدرات جمالية كبيرة لجمع أطياف الدلالة النصية وشذراتها التي تبدأ وتتشظى على شبكة عنوانات تتصدر الحكايات في سياقاتها السردية التي تشكل بنية دلالية وفضاءات حكائية يجتهد القاص الناصّ بالذهاب إلى منطقة القص بجمالياته التوصيفية الظاهرة في حياة وإرهاصات وتداعيات الشخصية الرئيسية لكل حكاية.تتحرك منظومة الأفعال في شفراتها الحكائية في الزمن الإشكالي ذاته لتوجيه حركة الشخصية في نسق من التفاصيل الحياتية التي تضجّ بها الشخصية المحورية، حيث يتمركز الفعل الكلي في نقطة بؤرية تكاد تشكل المحور الأساسي لرؤيا الشخصية للانتقال بها من المكوّنات الأساسية لعناصر القص، من نقطة الشروع إلى عقدة الصراع، وتتمظهر آليات الحكي في حركة درامية سردية مكثفة تتمخض عن حالات التوتر والنكوص والانكسار التي تتلبَّس شخصيات الحكايات، فموت الخالة فاته، يمثل ذلك الانكسار النفسي لثنائية الزمان والمكان حيث يتمظهر الزمان في شخصية الخالة فاته في ضمورها وفنائها الشخصاني في المتن الحكائي، وأمام هذا الانكسار والنكوص يرسل لنا القاص إحساساته المحبطة لعالمةِ الطفولي، هكذا تنتهي حياة الخالة فاته في فقدانها كل شيء في الحياة بأمر من البلدية بالأخلاء، بحجّة تجديد المكان، بتفاصيل جميلة ولغة شعريةِ تؤلّف النص من الأعماق بعيداً عن السرد التسجيلي الذي يشيع في كتابات تاريخ الشخصيات وتأرخة معالم المدينة..، أما شخصية (شعّو السكران)، ترتبط هذه الشخصية بزمنها الإشكالي ووصفها المؤثّث في حلقة دائريةِ هامشية منكسرة، تقترح لها ما يسّرها في مشهد تصويري بتوجيه كاميرا القص إلى الماحول.إن القاص يسعى بقوة إلى بناء حكايته قريبا من الحكايات المتوفرة في الوعي الجمعي وبأسلوب فني عال يتسعّ لثقافته التراكمية العميقة و العالية، وتجسد حكاية ماكنة الحلاقة ذلك الحضور الرائع في تصوير مشهدية انطولوجية برؤية ماضوية حادة بالعودة إلى الماضي في اصطراعاته السياسية الدموية البشعة وتداعياتها على الواقع العراقي, سياسياً وثقافياً واجتماعياً وبعيداً في الماضي بالإشارة إلى الاحتلال الإنكليزي يرى الطفل في صورة الماكنة ذلك الحلم الحياتي الذي دفعه إلى غيرته إلى فتحِ محل للحلاقة، لكنه يخفق في حلمه هذا باغتياله في مداهمة رجال الأمن باقتحام محلّه   ,هكذا كانت مشاريع الناس تغتال ببساطة وبسهولة، وحفلت قصصه الأخرى باستعراضات لحالات اليأس والقنوط والإحباط المتشظية بين موشورات نهاية حب وارتياد الأمكنة الملتهبة من الحياة، فمثلاً حكاية   (حرس قومي) اتسمت بخطوطها المتناقضة في تداخلها بين كابوس الحياة العالم المدّمر وبين سخرية الحدث التي رشحت عن أسئلة الجدة العجوز، وولعها بالأقمشة الملونة، لكن الأسود كان سيد الأقمشة آنذاك، حيث الموت بالمجان في كل أنحاء الوطن.إنّ هذه الحكاية تشكل أسمى ميتا جماليات التشكيل الحكائي التي حفلت بها لغة القاص وقدراته الفائقة في توليد الفكرة البؤرية التي تمشهدت حدثا لولبيا  بين مشاعر الارتياح وبين أحاسيس الدمار النفسي، بين البكاء والضحك، بين السخرية والجدية في إقامة بنية حياتية تقوم على الثنائية الجدلية، أما قصة (حب) فهي تكثف لحظة من لحظات الانعتاق الأُسّي لحالة إنسانية, في انطفاء لحظة الغضب للأب حين يعاقب أبنه لعدم اعترافه بحبه لبنت الجيران، لكن في نهاية المطاف، يقبل الأب بالواقع وحقيقة حب ابنه، لأنه سيصبح رجلاً. أن حكايات سعدي المالح سيرة شخصية تاريخية لشخصيات عاشت فعلاً. ذلك الواقع العراقي المرير، إنها قصص شعب بأكمله الذي تمظهر في هذه الشخصيات في حقبة مُدمرة من تاريخ العراق , إنها قصص حقيقية فعلا . إنّ حكايات : الخالة فاته، ماكنة الحلاقة، شعو، حادث في مقهى، حرس قومي، الأغا، خمسة فلوس، بطيخ الجيران وحب.... هذه الحكايات تقيم في الزمن والمكان الفلسفي الإشكالي وجماليته بالعودة إلى جماليات المكان لغاستون باشلار. حكايات من عينكاوا، سجل حكاءاتي تسجيلي دراماتيكي، انطولوجي لتاريخ ناس بزمانهم ومكانهم الأثير الخلاق، وطقوسهم وشعائرهم وحياتهم وموتهم وجماليات مفرداتهم المتشيئة من الجمال الحكائي لقاصّها. وهي مصورات تلتقط تفاصيل الأمكنة. ومستويات

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram