حدثني صديق كان قد هرب بجلده ابان تسعينيات القرن المنصرم من بطش أجهزة الطاغية المقبور الى احد البلدان الأوروبية، إذ قال: (ما أن وصلت محطة اللجوء الأخيرة بعد ما لا يوصف من المهانات من عوز وجوع وسوء معاملة في الأردن الشقيق بانتظار الموافقة على طلب اللجوء الذي تكلل بوصولي الى هولندا، كنت قد غدوت هيكلا عظميا حقيقيا، كنت ازن حينها 45 كيلو غراماً فقط،
قررت السلطات الصحية بعد الفحص ضرورة رقودي في مصحة من اجل إعادة التأهيل، وقد فوجئت هناك بما لم أكن أتخيله او احلم به من رعاية واهتمام إنساني منقطع النظير، واليوم صحتي أصبحت (عال العال) ازن اليوم 75 كيلو غراماً، غير ان جروح الماضي مازالت حلوقها مفتوحة، ليس بسبب قسوة الماضي فقط، اذ خففت كثيرا من غلوائها تفاصيل عيشي في هولندا، ولكن لما اراه من مشهد يومي فاجع يعيشه أهلي في الوطن..).مناسبة هذه الحكاية السؤال الشاخص في ذهن العراقيين جميعهم: ألم نكتف من هول المصائب كل ذلك الزمن الطويل الذي مر علينا؟ اما آن الى أن تتوقف (موسوعة العذاب) لهذا الشعب المكابد والتي ابتدأت منذ ما لا يقدر من السنين ولم تنته حتى اللحظة؟ في أية حال يعرف العراقي ان حلمه العظيم في الخلاص الكامل من ذيول الاستبداد أمسى منقوصا، وبدلا من قيام بعض (أولي الأمر) بتضميد تلك الجروح، انشغلوا بسفاسف تعني انواتهم.. وانواتهم فقط.كاظم الجماسيKjamasi59@yahoo.com
انتباه
نشر في: 13 أكتوبر, 2010: 06:44 م