ترجمة: إبتسام عبد اللهكان فيلم،"بوني وكلايد"، على كل لسان، يوم إعلان وفاة آرثر بن، أواخر الشهر الماضي. ولكن تراث بن فيه العديد من الأفلام الجيدة، التي تتفوق في مضامينها عن قصة العصابات التي هزت الجمهور والنقاد. إن الأمريكيين يحبون قصصاً تتضمن وقوف جماعة ضد أخرى، وهي تحقق النجاح باستمرار، ولا يعني هذا أن تلك القصص بعيدة عن الحقيقة،
ولكنها تبدو متأثرة بالموجة السينمائية الفرنسية الجديدة. وقد تأثر بن بتلك الموجة، كما تأثر بأسلوب أورسون ويلز في،"المواطن كين" الذي تركه مشدوهاً.ولم ينجذب بن فقط إلى الثقافة الشعبية، كما نشاهد ذلك في أعمال عدد من المخرجين الشباب الذين يقدمون أفلام العنف- ولكنه اهتم أيضاً بالحياة الحقيقية. ويتذكر بن إنه قد سمع بقصة بوني، وكلايد وهو لا يزال صغيراً،"أتذكر الخوف الذي كان يشمل الجميع في المدينة". وهو في تلك المقابلة مع كيرتس هانسون في "مجلة السينما"، يعترف بتأثير هتشكوك وسيرجي أيزنشتاين عليه، ويظهر ذلك في قطع عدد من المشاهد في ذلك الفيلم، الذي يماثل ما جاء في "المدرعة بوتيمكن".وفي عام 1968، وفي خلال استراحة أثناء تصوير فيلم،"مطعم أليس"، شرح آرثر بن كيفية تحوله إلى مخرج قبل عقد من ذلك الزمن، وفيلمه الأول،"قاتل باليد اليسرى". كان عن بيلي ذا كيد، ومن طراز أفلام الويسترن. وفي عام 1957، كان يعمل في التلفزيون- إخراج البرامج والأفلام الحية، مستخدماً، أربع آلات للتصوير، وبدا وكأنه يقود أربع طائرات في آن واحد. وعمله ذلك يفسّر سرعة نجاحه في هوليوود. كان بن في الرابعة والثلاثين عندما صوّر فيلمه الأول. ومثلما كان عمله في التلفزيون، بدأ قبل التصوير بعدة أسابيع، الاستعداد له. زار مع مساعده شركة واربر – في مزرعة جنوب كالفورنيا، واستخدام أكواب ورقية لتحديد أماكن تواجد آلات التصوير على الأرض،" راجعت السيناريو بأكمله، واللقطات ونوع العدسات التي استخدمها، بكل التفاصيل." ولكنه سرعان ما اكتشف إن الاستديو قد خصصت له آلة تصوير سينمائية واحدة فقط، كما كان الأمر سائداً في هوليوود آنذاك واشترى به آلة تصوير أخرى وعدسات مختلفة وصوّر الفيلم في 23 يوماً، ليجد إن الاستديو حذفت رغماً عنه عدداً من المشاهد، فجاءت الحصيلة مخيبة لآماله. وقد تصوّر بن، إن عدم نجاح الفيلم كان نهاية لعمله في السينما، ولذلك أتجه إلى الإخراج المسرحي.وقد كتب غور فيدال (كتب المسرحية التي تحولت إلى فيلم سينمائي بعدئذ بعنوان قاتل باليد اليسرى) "إن ذلك النص لا يعجب به غير الفرنسيين."وبعد إطلاقه فيلماً، اهتم الأوربيون، ومن بينهم السينمائيون الفرنسيون، بمخرجه، وبعد مرور عدة أعوام، بدأ الأمريكيون في إثارة التساؤلات حوله، وأخذ نجم آرثر بن بالصعود.وعاد بن إلى السينما عبر فيلم،"العامل المعجزة"- 1962، الذي كان قدمه سابقاً في التلفزيون والمسرح. وإعجاب النقاد به لم يدم طويلاً وجاء بعد فيلم،"مكي وان"، وكان إخفاقاً تاماً، تلاه فيلم بعنوان،"المطاردة"، وتناول فيه بن العنف في تكساس.آرثر بن قد تعلم، كما ذكرنا، الكثير من عمله في التلفزيون والمسرح: أين يضع آلة التصوير، كيف يحرك الممثلين في المشهد السينمائي. والعنف الذي ظهر في مشاهد،"بوني وكلايد" والذي أثار بعض النقاد، كان قد ظهر أيضاً، قبل أعوام، في فيلم" قاتل باليد اليسرى"، وكان قاسياً وبشعاً. وفي أحد مشاهده يبدو بطله بيللي يطلق النار على رجل،ومسدسه في قرابه، يسقط بحركة بطيئة للموت(قام بدور البطولة بول نيومان)، وثم يقطع بن اللقطة منتقلاً إلى الرجل الميت، منبطحاً، يملأ الشاشة والى جواره إحدى(جزمتيه)، ويبدو لنا وكأنه جاهز لارتدائها، ثم تهرع فتاة صغيرة إلى الجثة، وتبدأ في الضحك، حتى تقبض أمها عليها وتصفعها على وجهها بقوة يحس بها المتفرج وكأنها توخزه.ومن الخطأ التقليل من أفلام بن عن تجربته في الحرب العالمية الثانية وكأننا بذلك نحذف جزءاً من حياته. وفي مقابلة معه عام 1963 ، قال،"إن هوليوود مكان يقتل نفسه، ولن نرى فيه بعد أعوام، الأفلام الواقعية". وفي الوقت نفسه ، أضاف،" ومع ذلك فإننا نجد شركات صغيرة تتأسس للإنتاج، وربما إنها لن تحقق واردات كبيرة. ومن أفلام آرثر بن،" الرجل الصغير الكبير"- 1970، مع الإدراك للحرب الفيتنامية، بطولة داستن هوفمان. وفيلم" أفلام الليل"- 1975 بطولة جين هاكمان كمخبر سري. وفي عام 1976، أخرج فيلم،" اندفاعات ميسودي" بطولة جاك نيكولسن بدور لص أصبح مزارعاً ومارلون براندو بدور رجل قانون مجنون"، ولـ(بن) أفلام أخرى وخاصة تلك التي عملها للتلفزيون.وفي الأعوام الأخيرة، توسعت هوليوود وأصبحت أفلامها أكبر وأقل ارتباطاً، مهلهلة وغير محكمة.ولم يعد آرثر بن شاباً في المهنة التي لا تحتاج إلى الكبار، وربما أحس في دواخله بالأسى ولكنه لم يكن يريدها من غيره.rnعن/ النيويورك تايمز
آرثر بن: مخرج غيّر وجه هوليوود فـي الـسـتـيـنـيــات
نشر في: 13 أكتوبر, 2010: 06:57 م