كاظم حبيبالعراقيات والعراقيون جميعاً عاشوا مأساة الكُرد الفيلية وعرفوا بها وسكتوا عنها لأنها لم تشملهم، ولكنها شملت الكثير منهم في ما بعد. عاشوا مأساة العائلات التي هُجرت عنوة إلى إيران بعد أن انتزعت منها كل ما تملك من أموال منقولة وغير منقولة، عاشوا مأساة العائلات التي قتلت بعد ان جردت من كل شيء بما فيها الحلي التي كانت على معاصمهم أو صدورهم، عاشوا مأساة الشبيبة الكُردية الفيلية التي اعتقلت وزجت بالسجون
ثم صفيت وألقيت في المقابر الجماعية الصدامية، عاشوا مأساة الشبيبة الكُردية الفيلية التي أرسلت إلى الخطوط الأمامية لجبهات القتال مع إيران لتقتل على أيدي الجنود الإيرانيين أو دفعها للسير على الأرض المزروعة بالألغام لتموت هناك. إنها المأساة المستمرة لعدد كبير جداً من الكُرد الفيلية الذين نزعت منهم أولاً وقبل كل شيء الجنسية العراقية، هويتهم الوطنية. لقد ارتكب الدكتاتور المجرم صدام حسين أبشع الجرائم بحق الكُرد الفيلية، جرائم ضد الإنسانية ومحاولة لإبادة الكُرد الفيلية في العراق بمختلف السبل المتوفرة لديه. ولم تكن هذه السياسة التي مارسها صدام حسين جاءت صدفة أو بسبب اعتقاده بأنهم يمكن أن يخدموا إيران في فترة الحرب، بل كانت تجسد فكراً وسياسة عنصريين معاديين للكُرد أساساً ومنهم الكُرد الفيلية، وهي ناتجة عن مواقف الكُرد الفيلية البطولية في الدفاع عن الجمهورية الأولى ضد انقلاب البعث الفاشي، وهي بسبب وطنيتهم الحميمة وانتمائهم لهذا الوطن الذي اسمه العراق، وهي بسبب رفضهم الحرب ضد الشعب الكُردي في كُردستان العراق وموقفهم الثابت من الحقوق القومية للشعب الكُردي الذي يشكل الكُرد الفيلية جزءاً منه.لقد كان الكُرد الفيلية وعلى مدى عقود يجدون في حزبين سياسيين موقعاً لهم في النضال من اجل الحرية والديمقراطية والحقوق القومية، في الحزب الشيوعي العراقي وفي الحزب الديمقراطي (الكُردي) ومن ثم الكُردستاني. وكان هذا واحداً من الأسباب في كره وحقد صدام حسين وحزبه وكل القوميين اليمينيين المتطرفين على الكُرد الفيلية. ومن ثم تشكل حزباً ثالثاً ساهم مع الحزبين أيضاً في أعقاب عام 1976 في الدفاع عن حقوق الكُرد الفيلية، وأعني به الاتحاد الوطني الكُردستاني.شارك الكُرد الفيلية في النضال ضد الدكتاتورية الصدامية وعانوا الأمرين من جراء ذلك. وكل الأحزاب السياسية العراقية المدنية منها والدينية أقسمت أغلظ الأيمان ووعدت وتعهدت بتأمين كامل حقوق المواطنة للكُرد الفيلية واستعادة ما فقدوه من حقوق وممتلكات بعد سقوط النظام. ثم جاء السقوط وجاء الحنث بالوعد والعهد والقسم الذي أعطي للكُرد الفيلية من جانب كل الأحزاب التي تسلمت السلطة في بغداد دون استثناء، في ما عدا الحزب الشيوعي العراقي الذي تبنى قضيتهم ولم يستطع تحقيق شيء لهم لأنه لم يكن قادراً على ذلك. دعوني أقول، ومع كل الألم الذي يحز في نفسي، أن الأحزاب الكُردستانية التي تبنت قضية الكُرد الفيلية لم تلتزم بوعودها وعهودها، وإلا لكانت قد حققت لهم ما يجب أن يتحقق لهم. وهو ما يوجع الكُرد الفيلية كثيراً وما يقض مضاجهم يومياً ولهم كل الحق في ذلك.أفهم تماماً حين يشير طارق الهاشمي في رسالته الجوابية على رسالتي التي وجهتها له قبل عدة سنوات حول حقوق ومظلومية الكُرد الفيلية، إلى أن هذه مشكلة معقدة وفيها آراء مختلفة، فالرجل من القوى القومية والإسلامية المعروفة بمواقفها إزاء الكُرد الفيلية، وهم يضاف إلى ذلك من المذهب الشيعي، وهو يعتبرهم من التبعية الإيرانية! ولكني لا استطيع أن افهم قطعاُ أن لا تتضمن مطالب التحالف الكُردستاني للمشاركة بالحكم في بغداد موضوع حقوق الكُرد الفيلية التي اغتصبت في عهد الدكتاتور صدام حسين، منظم الأنفال وحلبجة وتهجير وتشريد وقتل الكُرد الفيلية والتعريب. ولا يمكنني أن أفهم ذلك ولا يمكنني كعربي عراقي مدافع عن حقوق القوميات أن أقبل بذلك. ولهذا أطالب الأخوة والأخوات في التحالف الكُردستاني ورئاسة وحكومة إقليم كُردستان أن يتبنوا فعلياً وعملياً مطالب الكُرد الفيلية ويضعوها في مقدمة مطالبهم في التفاوض مع من يريد تشكيل الحكومة العراقية القادمة.جاء في رسالة جوابية للصديق الأستاذ عادل مراد على رسالة عصام الفيلي حول الموقف من حقوق الكُرد الفيلية المغتصبة ما يلي:rnالاخ الفاضل عصام أكرم أعتقد بان العلة الاساسية تكمن فينا.. ولكننا نحاول بشتى الوسائل قذف قماماتنا على الآخرين والسبب يكمن في ضياع الذات وتعالي الواحد على الآخر والتقليل من شأن الآخر .. إذ ما زلنا نعيش أجواء القرى النائية علما بأننا لم نر القرية وترعرعنا في قلب العاصمة ... فالحسد يمزقنا .. كالفلاح الذي يدعو السماء لان تهطل على ارضه لتجف ارض جاره. مع الاعتذار. rnالمخلص عادل مراد السليمانيةأتفق مع الأخ الكريم على أن الفرقة بين الكُرد الفيلية، وهي نتيجة منطقية لما يجري في العراق في المرحلة التي أعقبت سقوط صدام حسين ونظامه العفن، وأن وحدتهم أساسية لاستعادة حقوقهم المشروعة والعادلة. إذ إن كثرة منهم، وليس كلهم، موزعون بين الجانب القومي والجانب الديني المذهبي، وبين الجانبين الفكري والسياسي وكذلك المصلحي أيضاً. وقد لمست هذا بنفسي حين طلب مني أن اشارك في عقد لقاء لهم تحت مظلة التجمع العربي لنصرة القضية الكُردية دون أن يكون لي وللأخوة في التجمع
الكُردالفيلية في العراق: أين الحل؟..هل هم يتحركون عبثاً وحائرون بين مدينتي نعم ولا؟
نشر في: 15 أكتوبر, 2010: 06:32 م