TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الاستغلال الصحيح لموارد الدولة

الاستغلال الصحيح لموارد الدولة

نشر في: 16 أكتوبر, 2010: 04:59 م

محمد صادق جرادأصبحت دول العالم اليوم تحث الخطى نحو التقدم والرقي عبر خطط تنموية تقفز بها لمراحل متطورة ، وهذه الخطط التي كانت تعد فـي السابق من اجل بناء وإعمار البلدان فقط، هذه الخطط اليوم تنطلق من رؤية شاملة عبر ما تسمى بالتنمية الشاملة وعلى المستويات كافة خاصة أن مفهوم التنمية Development  لم يكن  حاضراً بصورة واضحة إلا بعد الحرب العالمية الثانية،
 حيث برزت حاجة الدول لمثل هذه المصطلحات بديلا عن المصطلحات التي كانت تستخدم حينها مثل التقدم الاقتصادي أو التصنيع  أو التحديث  Modernizationوالتي كانت شائعة في القرن التاسع عشر . وهكذا انطلقت في القرن العشرين عمليات كبيرة لتأسيس نظم اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية حديثة أطلق عليها مصطلح ( عملية التنمية ) وتعمل جميعها لخدمة الإنسان ومحاولة تقديم أفضل الخدمات له عبر تنفيذ خطط تنموية تشمل جميع جوانب الحياة .ولقد كان الاقتصاد هو الميدان الأول لتجربة مفهوم التنمية وتجسيده من خلال محاولات الدول لإحداث تغييرات وإجراءات الغرض منها تحسين المستوى المعيشي للمواطن عن طريق الاستغلال الصحيح لموارد الدولة وسن القوانين التي تساعد على نجاح التنمية الاقتصادية وتوفير كل مستلزماتها والتي تشمل توفير فرص العمل والاستثمار النموذجي للطاقات المحلية وإقامة علاقات اقتصادية وإبرام الاتفاقيات مع الدول الأخرى.ولا يخفى على احد ان العراق بعد 2003 يعد بلدا ناميا يفتقر الى الكثير من مقومات التنمية الاقتصادية .فلقد ورثت الحكومات الجديدة بعد سقوط النظام الشمولي بلدا مدمرا يحتاج إلى الكثير من التشريعات والقوانين والخطط الكفيلة بإعادة إعماره وإعادة بناء الإنسان فيه والذي أثرت عليه تداعيات الحروب التي زجه فيها النظام السابق والممارسات التي كان يمارسها على أبناء البلد من ظلم وتدمير وسجن وتغييب .كل هذا يجب ان يوضع في اولويات أي خطة تنموية يفكر ان يضعها الساسة وأهل الاقتصاد في العراق .ومن الجدير بالذكر ان مفهوم التنمية يجب ان لا يرتبط بالتنمية الاقتصادية فقط. ففي ستينيات القرن العشرين انتقلت عدوى التنمية الى ميدان السياسة وبدأت حملة من التغييرات الديمقراطية تفرض نفسها على الدول التي اتخذت من التجربة الأوروبية مثالا يحتذى به في تحقيق النمو الاقتصادي والتطور العلمي وتوسيع المشاركة السياسية والتعددية الحزبية وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعايش السلمي وسيادة القانون وهكذا شهدنا عملية( تنمية سياسية) فرضت نفسها على مجتمعات كثيرة، بينما مازالت دول أخرى تتمسك بسياساتها الدكتاتورية وترفض أي تنمية في هذا المجال لأنها تعتبر ان مفاهيم التغيير الديمقراطي هو استيراد خارجي لبضاعة غير مرحب بها باعتبارها تشكل خرقا للسيادة الوطنية وان كل من يطالب بالتغيير من الجماهير فهو عميل للأجنبي.  ومن جانب آخر تبقى المجتمعات بحاجة الى تنمية في جانب مهم آخر وهي (التنمية الثقافية) والتي تشمل جميع المجالات المعرفية والتي تسعى الى حماية الإنسان من خلال رفع مستوى وعيه وتحصينه ضد الأفكار الخطيرة.وما حدث في العراق في تجربته الديمقراطية دليل على الحاجة الماسة لهذه التنمية حيث نجد إننا اليوم أمام مهمة صعبة في تثقيف المواطن العراقي بمفاهيم جديدة كالديمقراطية والشفافية واحترام الرأي والتداول السلمي للسلطة والتعايش مع الآخر بعد ما عمل النظام السابق عبر عقود طويلة على ترسيخ مفاهيم خاطئة ترتكز على فكر الحزب والقائد الدكتاتور .وهناك أيضا ( التنمية الاجتماعية) والتي تهدف إلى تطوير علاقة الفرد والأسرة والمنظمات المدنية والدولة والتفاعل في ما بينها خدمة للمصلحة العامة .وهذا الدور عادة تقوم به مؤسسات الدولة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني التي أخذت على عاتقها مهمة خدمة الإنسان باعتباره قيمة إنسانية عليا والدفاع عن حقوقه ليتمكن من العيش في مجتمع مدني مثالي يوفر له حقوقه ويطالبه بواجباته .ولقد برزت في التجربة العراقية ظاهرة نجاح العديد من منظمات المجتمع المدني عبر نشاطاتها المتميزة وعبر نضالها للحصول على الغطاء القانوني المناسب الذي يمكنها من أداء واجبها في المساهمة في إحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram