بغداد/ المدىأكد رئيس الوزراء نوري المالكي، أمس السبت، أن الدور الذي لعبه الشهيد الصدر الثاني ساهم بشكل فعال في كسر قيود الطائفية في العراق. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها المالكي خلال الاحتفالية التي أقيمت أمس السبت في الذكرى السنوية لاستشهاد السيد محمد صادق الصدر. وجاء في نص الكلمة:
"بهذه المناسبة والفاجعة الأليمة أتقدم بالعزاء للشعب العراقي كافة ولهذه العائلة الكريمة المجاهدة عائلة آل الصدر وإلى سماحة السيد مقتدى الصدر باستشهاد المرجع الكبير سماحة آية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه الشهيدين، متقدما بعزائي لكل الذين وقفوا بوجه الدكتاتورية والطغيان.نتحدث في هذه المناسبة عن رجل من أبرز رجال المرحلة التي مر بها العراق، طغيانا وعنفا وخوفا ، يليق بنا أن نستذكر من هو الشهيد الصدر ولأي عائلة ينتمي لأن هذا يزيده كثيرا من العطاء والجهاد لأنه من أسرة آل الصدر التي عرفت بأنها العائلة التي تعطي أكثر مما تأخذ وتقدم أكثر مما يقدم لها، وحيثما وجد آل الصدر كانوا عنوانا للجهاد والثورة والعطاء، وكانوا موضعا للإجماع، لم يكونوا طائفيين، ولم يكونوا عنصريين، ولم يكونوا إلا رحمة لكل المستضعفين والفقراء والمحرومين، في لبنان كان السيد موسى الصدر الذي تعرض لعمل غادر، ولكنه كان موضع الإجماع والاحترام، وفي العراق كان الصدر الأول والصدر الثاني، كانا رمزا لنهضة العراقيين ورمزا لحركة الجهاد في العراق، لم يتأسس الجهاد إلا على يد هذه العائلة الكريمة المجاهدة، وكانوا فعلا رمزا للوحدة ورمزا للمقاومة ورمزا للاستشهاد ، لم تثنهم الدكتاتورية وعنفوانها الذي أسكت الكثير من الذين حاربوا طغيانه وبطشه، وهم يسجلون حضورا كريما أينما حلوا، ويسجلون صوتا وحدويا وطنيا ثوريا أينما حلوا، ولم يعملوا لطائفة أو فئة على حساب فئة أو حتى دين على حساب دين، يتبعون بذلك أثر الأئمة الأطهار، سلام الله عليهم الذين كانوا رمزا للوحدة والتضحية ومساندة الفقراء والضعفاء.لقد كان الصدر الثاني كما هو الصدر الأول وكما هو السيد موسى الصدر يتميزون بحاسة ثورية ويستشعرون الخطر قبل وقوعه ويتحركون ويبادرون بالذهاب إليه، وكان عظيما هو يوم صلاة الجمعة، الذي كان من ابرز ما أحياه الشهيد الصدر الثاني وكان هذا اليوم كبيرا على نظام البعث وكان خطيرا لأنه لم يألف أن يتحرك رجل مرجعيةَ ميدانية ترتدي الكفن وتؤشر من خلال ارتداء الكفن الاستعداد للشهادة ويتجمع الناس من حول هذا المرجع ويلتئمون ويلتفون ويستمعون إلى ما كان يقول.في مراجعه لخطبه نجد الكثير من القضايا الاجتماعية والتوجيهات الفكرية والسياسية التي كان يحتاجها المواطن ليعرف من هو الذي يتولى شؤون البلاد، ولقد ألهبت مواقفه الشجاعة حماسة المواطنين سيما الشباب منهم .. تلك المواقف الشجاعة في مواجهة أزلام النظام وهم يحاولون بشتى الوسائل و الطرق أن يسيئوا إلى هذه الهمة العالية وهذه القمة التي كانت تتحرك في زمن الخوف والرعب، نعم فليتحرك الناس في أجواء الرفاه والرخاء ولكن الحركة في زمن الرعب الصدامي كان أول ما يؤشر على أن الذي تحرك قد لبس الكفن وتصدى وكان يعرف انه سيذهب شهيدا.. كنا نقول ونحن في الخارج وقلوبنا تخاف على أن ينفذ المجرمون جريمتهم وكان يأتينا الجواب نحن في الداخل لا نخاف وانتم لا تخافوا.. نعم كان مصمما على الشهادة حتى آخر مشوار وقد رزقه الله تبارك وتعالى ما كان يصبوا إليه من شهادة تليق به وتليق بكل مجاهد يقف في مواجهه الديكتاتورية.لقد كسر الشهيد الصدر بصلاة الجمعة قيود الطائفية حينما دعا إلى صلاة الجمعة الموحدة بين السنة والشيعة وأطلقها شعارا تحول إلى عمل ووفود تتواصل إلى مكتبه لتبارك له هذا التوجه ، فإضافة لكل ما كانت تعطيه صلاة الجمعة كانت صلاة الجمعة الموحدة، التي أتمنى أن تكون تقليدا وممارسة نستمر عليها، لأننا اليوم نحتاج إلى من يطفئ نائرة الطائفية ويئد الفتنة كما وأدها الشهيد الصدر. وشاهدتم حينما اشتدت الفتنة الطائفية في هذا البلد كيف مزقته وكيف كادت أن تذهب بنا جميعا إلى أسوأ ما يمكن إن يكون عليه التراصف الوطني.أسجّل بكل فخر واعتزاز وشكر للشهيد الصدر رضوان الله تعالى عليه انه كان داعية للوحدة الوطنية، واليوم نحتاج إلى هذه الوحدة الوطنية ونحتاج إلى أن نعظ على الجراح ونقاوم كل دعاة الفتنة والطائفية كما قاومها الشهيد الصدر وكما قاومها كل الأحرار والأبرار الذين يستشعرون المسؤولية ويفهمون من يقف وراء إشعال نار الفتنة الطائفية ومن المستفيد منها ومن المتضرر ، قطعا الفقراء والضعفاء والوطن والوحدة الوطنية هم الذين يدفعون ثمن هذه الممارسة السيئة .. وفي صلاة الجمعة أشعل وجوه الضعفاء والفقراء من أبناء الشعب العراقي بالأمل الكبير في الخلاص، وفعلا كانت البداية وكانت بداية كبيرة جدا أن يتمرد الناس على الخوف.. ومن عاش تلك الأيام في العراق كان يشاهد حالات التحدي التي بدأت تتصاعد وهكذا يواجه الله كل خطوة يخطوها مخلص في سبيله.وما ارتداء الكفن إلا رسالة كان يقول رضوان الله تعالى عليه وهو حق، وهو اعزل من السلاح: ليس بأيدنا شي من السلاح إلا المسبحة والتربة، ولكن هو يعلم والصداميون يعلمون كم لهذه المسبحة والتربة
المالكي: الشهيد الصدر كسر قيود الطائفية في العراق
نشر في: 16 أكتوبر, 2010: 08:59 م