TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الإصلاح السياسي والرفاه الإنساني

الإصلاح السياسي والرفاه الإنساني

نشر في: 18 أكتوبر, 2010: 05:33 م

محمد صادق جرادلا يخفى على احد إن عملية التنمية في المنطقة العربية لم تتمكن  من تحقيق الغايات الإنسانية التي جاءت من اجلها وهي الحرية، العدالة و الكرامة الإنسانية و الرفاه الإنساني.ويتفق الجميع على ان موطن الخلل في الغالب يكون اقتصادياً إضافة للعامل السياسي حيث يعود ذلك لطبيعة الأنظمة في المنطقة والتفرد بالقرار
والدكتاتورية التي تتسبب في غياب الحرية وضعف المطالبات الشعبية بالتغيير وتحسين الواقع المعيشي ويعود أيضا إلى تهميش الكفاءات وتكبيل المشاركة في العملية التنموية لأسباب سياسية تتعلق بسقف الصلاحيات والحريات الممنوحة للآخرين خارج السلطة.وان أي نجاح للتنمية من اجل النهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لأي بلد يتوقف على الإصلاح السياسي.وما حدث في التجربة العراقية خير دليل على ما نقول حيث سخر النظام الشمولي السابق جميع إمكانات الدولة لخدمة مخططاته العسكرية وتنفيذ رغباته وممارساته الحمقاء في زج البلاد في حروب طويلة كلفت العراق أموالا طائلة وديوناً ثقيلة ما زال العراق يدفعها لدول العالم بدلا من ان يستفيد منها الشعب العراقي في خطط تنموية كان الشعب بأمس الحاجة لها  .واليوم وبعد سقوط ذلك النظام المباد وبعد استقرار الوضع الأمني نجد ان خطط التنمية في هذا البلد تأخذ شكلا آخر و تخضع للدراسات  وتسير حسب قوانين وأنظمة وضعتها مؤسسات دستورية تخضع لمراقبة من قبل جهات رقابية إضافة إلى مراقبة الشعب ومنظمات المجتمع المدني بعد أن تخلصنا من مشكلة الانفراد في القرار. ونعتقد ان التنمية الناجحة لابد من أن تنهض وتنطلق عن دولة قوية و مستقرة سياسيا وامنيا وتتمتع بالاستقلالية النسبية في اتخاذ قراراتها ويكون لأبنائها ومجتمعها فضاءً من الحرية ليقوموا بواجبهم و يمارسوا أنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية بكل حرية وبدون ضغوطات من أي نوع تمارسها ضدهم السلطات الدكتاتورية  بما يضمنه لهم اليوم الإعلان العالمي الذي ينصُّ على الحق في التنمية وهو صادر عن الأمم المتحدة في عام 1986.وقد عرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 1990 التنمية   بأنها العملية التي تتيح للناس خيارات أوسع، وتتضمن : تنمية الناس، والتنمية من أجل الناس وبواسطتهم، وبالاستثمار في مقدراتهم ، كي يتمكنوا من العمل على نحو منتج ومبدع، ما يعني إتاحة الفرصة لكل إنسان للمشاركة في هذه العملية، وهذا كله يحتاج إلى ربط الاجتماعي بالاقتصادي، والسياسي، والثقافي، بالبيئي، كذلك لتكون التنمية الإنسانية الشاملة والمستدامة رافعة للتحولات الديمقراطية، بمحتوى ديمقراطـي وآفاق إنسانية رحيبة .والتنمية لها أكثر من تعريف حيث يمكننا ان نقول إنها تعني خلق فرص أفضل للمواطن في مجال العمل والحياة الحرة الكريمة واعتبار ان هذا المواطن له حق أصيل في العيش الرغيد والكريم ماديا ومعنويا .ويقوم البعض بتحديد مفهوم التنمية الشاملة على أنها (عملية تحول تاريخي متعدد الأبعاد، يمس الهياكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كما يتناول الثقافة الوطنية، وهو مدفوع بقوى داخلية، وليس مجرد استجابة لرغبات قوى خارجية، وهو يجري في إطار مؤسسات سياسية تحظى بالقبول العام وتسمح باستمرار التنمية، ويرى معظم أفراد المجتمع في هذه العملية إحياء وتجديداً وتواصلاً مع القيم الأساسية للثقافة الوطنية)ومن الأهمية بمكان ان نعرف ان التنمية الشاملة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فقط كما يعتقد البعض ولكنها تعتمد عليه بنسبة كبيرة لتحقيق باقي الجوانب، وتسعى التنمية الشاملة لتحقيق أهداف ونتائج في جميع مجالات الحياة ومنها الاجتماعية التي تشمل العمل على تطوير مجالات: الصحة والتعليم وتحقيق الرفاهية لجميع المواطنين وخاصة الطبقة الفقيرة والوسطى والطبقة العاملة ومحاولة إشراك المرأة وزيادة حصتها في المشاركة في النشاط الاقتصادي والاجتماعي بالإضافة إلى تنمية الثقافة الوطنية عبر المؤسسة التربوية وعبر والنهوض بالمستوى العلمي والتربوي لدى الطلبة وترسيخ مفهوم المواطنة لديهم ولدى المواطن ليتمكن من التحرر من كونه مجرد رقم لا يمكنه تقديم شيء، وهذا ما ترسخ في ذهن الإنسان العراقي عبر العقود الماضية الأمر الذي يحتم علينا أن نمنحه الفرصة ليبدع ويتفاعل مع ما موجود في محيطه من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية لكي يعمل الجميع على إنجاح عملية التنمية الشاملة في هذا البلد الذي سيسير نحو الازدهار بخطى ثابتة إذا ما توحدت جميع الجهود.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram