من اطرف واجمل ما قيل عن العلاقات اليابانية الصينية هو : خذ عدداً قليلاً من الجزر الصغيرة غير المأهولة التي تقع على مسافات متساوية تقريباً بين أوكيناوا وتايوان وأضف إلى ذلك قبطاناً صينياً مصمماً على صيد السمك في المناطق
التي يعتبرها من المياه الصينية، واخلط مع كل ذلك قارب دورية يابانياً يدافع عن سيطرة طوكيو على الجزر. وأخيراً اترك الصياد الصيني في مكان للاستضافة (يفضل أن يكون سجناً يابانياً غير متعب) لمدة أسبوعين. فتكون بذلك قد أوجدت نزاعاً دبلوماسياً يسبب الألم لمعظم آسيا، ويُحدث حتى قرعا في واشنطن. ويرى دبلوماسيون ان السبب الفوري للقلق من حالة التأزم التي تمر بها علاقات عملاقي آسيا هو تكتيكات الطرفين المتشددة للغاية بعد كل مشكلة تنشب بينهما وآخرها اعتقال القبطان الصيني في المياه المتنازع عليها بالقرب من جزر سنكاكو، المعروفة باللغة الصينية ديا أويو. فلم تكتف بكين فقط بالمطالبة بإطلاق سراح القبطان فورا، وهو طلب أذعنت له اليابان في النهاية، بل صعّدت النزاع وألقت القبض على أربعة مواطنين يابانيين، وأوقفت تصدير المكملات النادرة لوصل التيار الكهربائي بالأرض، المستخدمة من جانب شركات تصنيع الإلكترونيات اليابانية، وألغت الزيارات الدبلوماسية، وسمحت للمتظاهرين ضد اليابان بالنزول إلى الشوارع. (بل أوقفت جولة فرقة الأولاد اليابانيين، SMAP). ولم يستطع حتى إطلاق سراح القبطان تهدئة بكين التي طالبت باعتذار وتعويض ، وهو ما رفضته اليابان جملة وتفصيلاً . ويضيفون إن المخاوف الأساسية لا تزال أعمق ، لاسيما بعد زيادة تشديد السلوك العدائي بين البلدين ، وإذا كانت اليابان التي ما زالت تمتلك اقتصاداً قوياً وقوة دفاع متطورة لا تستطيع أن تقف في وجه الصين، فأي أمل يتبقى لدى البلدان الأصغر ذات النزاعات مع الصين؟ لقد ظل معظم هذه النزاعات ساكناً منذ عدة عقود. ولذلك كانت الصين سعيدة بوضعها في آلة الحرق الخلفية، مفضلة حملة ساحرة تهدف إلى إقناع الجيران بأن نهضتها لا تشكل خطراً. ويرى الدبلوماسيون أن هناك توقعات بأن تجعل بكين قضية بحر الصين الجنوبي بممراته البحرية الممتدة إلى مضايق ملقا، معادلا لقضيتي التيبت وتايوان. ومن شأن ذلك أن يجعل القضية السيادية غير قابلة للتفاوض، الأمر الذي يمثل مشكلة لعدد من البلدان، بما فيها فيتنام، والفلبين، وإندونيسيا، وماليزيا، وسنغافورة، وبروناي، وهي الدول التي لها مطالب متداخلة. وسيكون ذلك قريباً من ''مبدأ مونرو صيني'' ـ أكد مبدأ مونرو على حقوق الولايات المتحدة الناهضة آنئذ، في ساحتها الخلفية في أمريكا اللاتينية.
"خلطة" توجد نزاعاً يسبب الألم لآسيا و"القرع" لواشنطن!

نشر في: 29 أكتوبر, 2010: 07:15 م