حاوره/ يوسف أبو الفوزتصوير : شادمان فتّاحفي أمسية باردة من يوم 17 تشرين أول 2010 ، كانت قاعة مسرح "سافوي تياتر" في وسط العاصمة الفنلندية ، هلسنكي ، التي تستوعب حوالي ألف متفرج ، مزدحمة بالفنلنديين اكثر من المواطنين العرب الذين توافدوا من مختلف المدن الفنلندية ، وقبل اسبوع من الحفل كان من الصعوبة الحصول على بطاقة للدخول ،
كنت شخصيا ضمنت بطاقة لمقعد واحد كصحفي، لكن بطاقة من اجل شادمان ـ زوجتي ـ تطلبت عدة اتصالات هاتفية وتدخلات من اصدقاء عاملين في أدارة المسرح . وإذ حسبنا إننا محظوظون بحصولنا على مكان جيد في مقدمة المسرح، فمع بداية الحفل اندفع الكثير من المتفرجين ، خصوصا من العرب ، الى الفسحة بين مقدمة المسرح والكراسي لتتحول الى حلبة رقص صاخبة ، فضاعت علينا الرؤية ولم يكن امامنا من حل سوى الانضمام الى جموع الراقصين. اخبرني المسؤولون في المسرح ان الشاب خالد رافض مقدما أي لقاء مع الصحافة لضيق الوقت لأنه سيغادر فنلندا في الليلة ذاتها لكن الاصدقاء من جديد تدخلوا لأيصال رغبتي اليه مباشرة . بعد نهاية الحفل ، الذي الهب فيه الشاب خالد حماس الجمهور بأغانيه الشهيرة ، وراح الفنلنديون قبل العرب يصرخون " عايشة " و " ديدي " ، وهي من اغانيه الشهيرة ، بقينا ـ كما اوعز لنا ـ ننتظر داخل القاعة ، وسرعان ما وصل مدير اعمال الشاب خالد ليقودنا عبر المسرح الى الكواليس حيث وقف الشاب خالد هناك يمسح رقبته ومقدمة صدره بمنشفة من العرق المتصبب وقد استبدل قميصه القاتم اللون الذي ارتداه على المسرح بفانيلة بيضاء عادية. سبقته ابتسامته وهو يمد يده مصافحا ومرحبا بكل حرارة . كانت شادمان ترافقني كمصورة ، وبدأت مهمتها فورا . اقترب منها وسألها همسا عن أسمي، والتفت اليّ مرحبا من جديد مخاطبا أياي باسمي بكل ادب وتواضع ممسكا بيدي وكأنه يعرفني منذ دهر طويل ، مؤكدا : ـ حين عرفت انكما من العراق الحبيب وافقت فوراً .توقف يشد على ذراعي ، سحب شهيقا عميقا ويحاول ان يتذكر شيئا ثم قال يحاكي اللهجة العراقية : ـ شلونك عيني ؟وأطلق ضحكة مجلجلة !ها نحن في غرفة صغيرة نجلس وجها لوجه مع " ملك موسيقى الراي "، الذي وزعت بعض اسطواناته أكثر من مايكل جاكسون ، وتجاوزت رقم المليون ، انه المغني الجزائري ابن مدينة وهران ، التي ولد فيها عام 1960 ، لعائلة فقيرة وأراده أبوه ان يكون مهندسا او طيارا ، لكنه من الرابعة عشرة امتهن الغناء وسجل اول اغانيه ، وبدا يشق طريقه وسط المصاعب، ليغني في الملاهي والحفلات. انه الفنان خالد حاجّ إبراهيم، والذي شقت شهرته الافاق باسم " الشاب خالد " وقدم حفلاته على اشهر المسارح العالمية ، في مختلف بقاع العالم . كان يجلس امامنا ببساطة مرتديا فانيلة عادية وبنطلون جينز يرتديه عامة الناس، يتحدث بحرارة وعفوية وبلغة بسيطة بدون استعراضات ثقافية ، ولا يكف عن استخدام يديه بحيوية مثل اي شرقي ، ولا يتوانى عن امساك ذراع محدثه ، ويطلق ضحكات متتالية صادقة بخفة دم تقرب جليسه اليه وتقطع حدود الرسميات والاتكيت . مدير أعماله حدد لنا ربع ساعة ، لكن جلستنا طالت اكثر بكثير، واعطى لهم اشارة خاصة فتوقفوا عن اشاراتهم الى الساعة المعلقة في صدر الغرفة. حين عرف كوني عربياً من جنوب العراق وان من تقوم بتصويرنا هي زوجتي ، وهي كردية من كردستان العراق بدا شغوفا بالامر وراح يطرح علينا العديد من الاسئلة ، وبدا الامر وكأنه صار المحاور لنا ، وكدت اتحول الى المصور وشادمان تجيب عن اسئلته عن كردستان والشعب الكردي ، وكان لابد لي من ان اذكره بالوقت واشير بدوري الى الساعة لنبدأ حوارنا :* آخر مرة زرت فيها بلدك الجزائر ؟ـ في رمضان الماضي وأقمت حفلاً عند القبائل الامازيغية ، وهذه اول مرة اغني فيها في مناطق القبائل .* الم تشعر بالخوف بسبب من التهديدات السابقة التي أجبرتك على مغادرة البلاد ؟ـ لم اشعر بالخوف بتاتا ، وان الأمور الان بدت تتغير وتتحسن في الجزائر وذلك محسوس جدا ، ولم تكن لدي مشكلة مباشرة مع هذا الامر بكل صراحة ، والخوف يملكه كل انسان، ثم ان ما حصل في الجزائر حصل في بلدان عربية عديدة وهو ليس ماركة جزائرية ، واعمال الارهاب ( وصاح يلعن ابو الارهاب ) للأسف تكون عمياء ، بدون اختيار ، تسبب الضرر كل انسان ، خصوصا الأطفال والنساء ، وانظر ما يجري عندكم في العراق ، وأن الدين الذي يتستر به الإرهابيون بريء منهم ، فالدين الاسلامي يعاني من تفسيرات بعض رجال الدين الذين لا يفهمون تطورات الحياة ، فأبن ادم الملعون بتفسيراته الخاطئة وهو اساس كل المصائب، ابن آدم هو الشيطان الكبير، الله بعث له الأنبياء واحدا بعد الآخر من اجل ان يجعله يفهم كيف يعيش ! * عارض المتشددون الإسلاميون الجزائريون بشدة موسيقى الرأي (الرأي) ويعتبرونها ليست وقورة ، ألا ترى ان ذلك بسبب أن مغنى الراي يغني بحرية عن موضوعات تهدد المؤسسة الدينية مثل الديمقراطية وحرية المرأة والتحرر وغيرها ؟ـ موسيقى الرأي هي أساسا موسيقى فرح ، وتنتمي الى الفلكلور الشعبي ، اساسا تغنيها النساء في الأفراح، وكانت النساء بسبب الأوضاع الاجتماعية يغنين بالتورية عن الرجل ، مثلا يغنين عن الغز
الفنان العالمي الشاب خالد..أطمح لتقديم عمل موسيقي أنساني لا يتوقف عند دين أوطائفة
نشر في: 1 نوفمبر, 2010: 05:25 م