اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > منير حنون: الفنان مشاهداً, وشاهداً, ورائياً

منير حنون: الفنان مشاهداً, وشاهداً, ورائياً

نشر في: 6 نوفمبر, 2010: 05:29 م

علي النجار  مالـمــــو الفنان التشكيلي منير حنون هو واحد من الأرواح العراقية الهائمة في فضاءاتنا المغتربة, امتلك أدوات سبر ألغاز رسوماته  بما تيسر له من فطنة مشوبة بالشك الأزلي لإنساننا الأول وهو يجوس في متاهات الجغرافيا التي
 وجد نفسه وسطها على غفلة من وهم الزمن الذي كان سادرا في غيه. فهل ضيع هذا الإنسان الفنان  دربه وسط متاهة المجهول القادم أم حفر مسارات خطواته الفنية خطوة خطوة حتى حافات المجهول الذي أذهلته شساعة منطقته, هذا المجهول الذي تحول بعضه معلوما في أزمنتنا هذه وبقيت مناطقه الأخرى لغزا يناور خطواتنا الوجلى لكشف بعض حجبه.لقد فضل منير الهجرة من العراق على المساومة وعلى تقبل ما لا يتقبله الوجدان والحس السليم وتلوث الذات من اجل أن تتاح له فرصة الدراسة الفنية في بغداد, وهو أهل لها وقتها. لقد هاجر وغصة تلاحقه أينما حل. فهل وجد راحته أو ضالته في منفاه أم في دار إقامته الاسباني, وهل منحته مدريد  بعضا من أحلامه أو كلها, وهل فارقه إحساسه بالغبن, وهل تحول هذا الغبن إلى لوعة خفية افترشت مسامات سطوح أعماله, وهل تجاوز محنته التي عمت العديد من أقرانه وباتت تمهد لمسلك اجتماعي يتجاوز محليته إلى أفق العالم الأوسع. ما تخبرنا أعماله هو خليط من كل ذلك. فقد امتزجت غربة الذات عن محيطها الأول بغربة العالم وهو يزيح باستمرار من دروبه المكتظة نفاقا أفواجا لا تحصى من المنبوذين , المسحوقين, المعدمين, وليبقى مونولوج الوجود من عدمه يؤرقه. فهل أحاط بمسارب قلقة الوجودي , وهل اكتشف منافذه. أم اكتفى بالعدم ميتافيزيقيا المقهورين.ربما تقودنا هذه المقدمة للتعرف على سلوكيات أعماله!. وهل للأعمال من سلوكيات. ربما بدا الأمر وهما هنا. لكنها فعلا سلوكيات. فالتوثيق حاضر في كل أعماله, ليس كسلوك سياسي بحت, ما دمنا شعوبا مولعة بالألعاب السياسية التي ابتلعننا. فما يثبته  منير على بعض من سطوح أعماله هي السلوكيات الفظة التي همشت أو هشمت الطفولة التي لا وطن لها, أو التي نبذت فصائل منا. في محاولة منه لملامسة بعض من سقط شروخ مصائرنا الهشة, وما أكثرها, مثلما هي محاولته للمس أحزان أشواك النبتة الجافة حيث الولادة  جنس غير مشخص والموات جنس مشخص ثم أقام وليمته على أعتاب حافات المجهول, والمجهول عنده هو السديم الذي يتوسطنا تيهه. وتبقى جدليته تعاند أزمنتها واقعا ملغوما بكارثة عدمه.  اشتغل منير كثيرا على الرسم ذي الثلاثة أجزاء متجاورة(كما الأيقونة في عصر ازدهارها). لكنه لم يخلف لنا إيقونات. فالإيقونة, مثلما أعلت من مجدها الصوري اضافة لوظيفتها الإيديولوجية. فإنها وفي الفن الحديث فقدت هذا المجد بسقوط مفهوم الإعلاء من شان تكريس الأثر خارج سلطته المتحفية. ثلاثيات منير  على اختلاف ذلك, كرست الحدث عرضاً بانورامياً ينفتح على الإطراف وينغلق على الوسط(الواسطة والفاصلة) المتحكم بدراماتيكيته التي أفقدته الكثير من ملامحه. لكنه بقي كحدث قابل للمعاينة  رغم الكثير من الشوائب التي لصقت بقسمات أناسه المبعثرة على امتداد السطوح  الطباعية والمرسومة بحس طباعي.* * *ليس عبثا أن يكرس منير الأحجام الكبيرة لأعماله. فالحدث الذي يستعرضه, رغم تمويهه للكثير من تفاصيله يتطلب هذه السعة كعرض يعتمد الاستعراض ألمشهدي بشخوص وتفاصيل ثبتتها آلة الطباعة  لنسخ فوتوغرافية مختارة بعناية تناسب فصاحة الحدث أو ملغزاته وبما يضفي على أعماله ميزة انتمائها لأكثر من منطقة ووظيفة أدائية. لذلك فمن الممكن أن تتقبل أعماله جدران العرض الداخلي أو الخارجي بدون ان تفقد مميزاتها الفنية لصالح الميزة الإعلامية التي تتمثل بمانشيتات الإعلام المصورة. رغم أن جذر الفعل الإعلامي لم يغادرها بشكل مطلق. لكنها تزوغ عنه بمهارة صنعة العارف بشروط انجاز العمل الفني وليس التجاري. فالصور الفوتوغرافية المطبوعة على سطوح أعماله فقدت قيمتها الأرشيفية  بفعل  اضافة المؤثرات الخطية ودواماته اللونية لنسيج سطوحها والتي تتردد ذبذبتها بما يضفيه من مؤثرات متقاربة ومفارقة للجزء الفاصل أو الرابط (الوسطاني) من أعماله وليتشكل العمل(الثلاثي الأجزاء) كوحدة افتراضية. بالرغم من ان الجزء الأوسط يشكل لغز العمل كله. وان كانت أعماله تزوغ عن الفعل الإعلامي إلا أن ثمة إعلاماً خفياً يجوس فضاءاتها, وهو لا ينفصل عن منطقة البوح الإنساني المتشعب المسالك. فالفنان أو الإنسان في داخله لا يزال يدلي بشهادته ضمن مساحة الهم الإنساني التي لا يبدو  في الأفق بأنها سوف تضيق.يشكل الحدث وكما يفهمه الفنان فخا وعليه مناورة طرائق الإفلات من إساره. فالحدث السياسي وهو حاضر حتى ولو بتداعياته الاجتماعية في العديد من أعماله. لكنه وكشاهد فاعل, لا سلبي, يحاول الإمساك بنثار التفاصيل من اجل إعادة صياغتها من جديد. وصياغاته دائما ما تصطدم بالمجهول, والمجهول عنده هو الكون الذي لم يسبر بعد. فهل جعل من تفاصيل أعماله التي احتلتها إطراف جنبي العمل تنحدر لهذا المجهول, أم لمجرد أن تجاوره, ليس لفعل الجوار فقط وإنما هيبة من دو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram