حسين علي الحمدانيظاهرة التسرب من المدارس موجودة في جميع البلدان، ولا يمكن أن يخلو واقع تربوي من هذه الظاهرة، إلا أنها تتفاوت في درجة حدتها وتفاقمها من مجتمع إلى آخر، ومن مرحلة دراسية إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى. كما أنه من المستحيل
لأي نظام تربوي أن يتخلص نهائياً منها مهما كانت فعاليته أو تطوره. هذا يعني أن نسبة وحدّة وجودها هو الذي يحدد مدى خطورتها. والمتعمق في هذه الظاهرة في الواقع التربوي ، يلاحظ أنها منتشرة في المراحل التعليمية كافة وبصورة متفاوتة، وفي جميع المدارس، بغض النظر عن نوعها في جميع المراحل التعليمية وبين أوساط الطلبة كافة من ذكور وإناث وبين أوساط جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية.rnالتسرب هو إهدار تربوي هائل وتأثيره سلبي على جميع نواحي المجتمع وبنائه، فهو يزيد من حجم الأمية والبطالة ويضعف البنية الاقتصادية الإنتاجية للمجتمع والفرد، ويزيد من الاتكالية والاعتماد على الغير في توفير الاحتياجات. ويزيد من حجم المشكلات الاجتماعية من انحراف الأحداث والجنوح، كالسرقة والاعتداء على الآخرين وممتلكاتهم مما يضعف خارطة المجتمع ويفسدها. والتسرب يؤدي إلى تحول اهتمام المجتمع من البناء والإعمار والتطور والازدهار إلى الاهتمام بمراكز الإصلاح والعلاج والإرشاد، والى زيادة عدد السجون والمستشفيات ونفقاتها ونفقات العناية الصحية العلاجية. كما يؤدي تفاقم التسرب إلى استمرار الجهل والتخلف، وبالتالي سيطرة العادات والتقاليد البالية التي تحد وتعيق تطور المجتمع مثل: الزواج المبكر والسيطرة الأبوية المطلقة، وبالتالي حرمان المجتمع من ممارسة الديمقراطية وحرمان أفراده من حقوقهم ويتحول المجتمع إلى مجتمع مقهور ومسيطر عليه، لأنه لا يمكن أن يكون المجتمع سيداً وحراً وفي نفس الوقت جاهلاً0يتفاوت حجم التسرب في المدارس العراقية من سنة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى، لكن الاتجاه العام لهذه الظاهرة في تزايد في الآونة الأخيرة حيث بلغ عدد المتسربين نسبة أكثر من 25%، لكن يظهر حجم المشكلة إذا نظر إليها من ناحية تراكمية0 إن ظاهرة التسرب من النظام التعليمي لها أسباب متعددة ومتشعّبة تختلط فيها الأسباب التربوية مع الأسرية مع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.. وغيرها، فظاهرة التسرب هي نتاج لمجموعة من الأسباب تتفاعل وتتراكم مع بعضها تصاعديا لتدفع الطالب وبقبول من أسرته إما برضاها أو كأمر واقع إلى خروج الطالب من النظام التعليمي قبل الانتهاء من المرحلة التعليمية التي ابتدأ فيها. تتفاوت حدة أسباب التسرب من حيث درجة تأثيرها على الطالب المتسرب، منها ما تكون أسباباً رئيسية، لها تأثير قوي ومباشر وتلعب دوراً حاسماً في عملية التسرب، وبعضها الآخر يكون تأثيرها ثانوياً، وأسباب أخرى ليس لها أي تأثير يذكر. ومن جهة أخرى تلعب الأسر وأولياء أمور الطلبة المتسربين دوراً رئيسياً ومباشراً في دفع أبنائهم إلى التسرب من مدارسهم،عن طريق إجبارهم على التسرب والخروج إلى سوق العمل، أو بسبب المشاكل الأسرية. وفي أحيان أخرى يكون لهم تأثير غير مباشر عبر عدم الاهتمام واللامبالاة والقلق الزائد على أبنائهم.. وغيرها. تصنف أسباب التسرب في ثلاثة مجالات رئيسية هي: أسباب تعود للطالب المتسرب وأسباب تعود للأسرة وأسباب تعود للمدرسة. لا يوجد فصل بين هذه المجالات وتتفاوت قوتها وفقاً للتأثير السلبي الذي تلعبه في حياة الطالب التربوية. فهنالك أسباب تعود للطالب المتسرب نفسه منها: تدني التحصيل الدراسي وصعوبات التعلم، عدم الاهتمام بالدراسة ،.الزواج المبكر والخطوبة خاصة لدى الإناث والخروج إلى سوق العمل.أما الأسباب التي تعود للأسرة في تسرب أبنائهم يقف في مقدمتها سوء الوضع الاقتصادي للأسرة ، العناية بأفراد الأسرة والمساعدة في أعمال المنزل( الإناث) ،إجبار الأسرة للطالب على ترك الدراسة: تجبر الأسرة أبناءها سواء الذكور منهم أو الإناث على ترك مدارسهم، وغالباً ما تجبر الذكور للعمل في سوق العمل والإناث لعدم اهتمام الأسرة بتعليم الإناث ، عدم وجود شخص يساعد الطالب والطالبة على الدراسة داخل الأسرة، عدم اهتمام الأسرة بالتعليم: انخفاض قيمة التعليم لدى أسر الطلبة المتسربين وعدم الاهتمام بالتعليم.وأيضا هنالك أسباب تعود للمدرسة ذاتها منها ، المدرسة ليست صديقة للمتسرب، فشعوره بالنفور منها لأي سبب كان مثل عدم إحساسه بالانتماء إليها أو بسبب صعوبة مادة معينة لم يفلح في فهمها، وعدم توفر البيئة المريحة لديه لجذبه لإكمال دراسته، كلها أسباب طاردة للطالب من المدرسة. و استخدام العقاب المعنوي والبدني من قبل المعلمين للطلبة يعتبر من الأسباب المهمة في تسرب الطلبة من المدارس. وكذلك التمييز بين الطلبة بشتى أشكاله الذي يمارسه الجهاز التعليمي في المدرسة بحق الطلبة، سواء التمييز على أساس المستوى التحصيلي أو على الأساس العشائري أو الاقتصادي أو التمييز على أساس الجنس أو في الأنشطة المدرسية. والجانب الأكثر أهمية عدم وجود شخص في المدرسة يساعد الطالب على مواجهة المشاكل،وإن ضعف المرشدين التربويين في المدرسة الذين مهمتهم الأساسية مساعدة الطلبة في حل مشاكلهم سوا
التسرّب المدرسي وسبل معالجته
نشر في: 6 نوفمبر, 2010: 07:03 م