TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > كيف نضمن نموّاً اقتصادياً سريعاً

كيف نضمن نموّاً اقتصادياً سريعاً

نشر في: 7 نوفمبر, 2010: 06:16 م

علي نافع حموديتعد قضية التنمية من القضايا الرئيسية التي نالت اهتمام العلماء والمفكرين على المستويات كافة ، حيث حاول هؤلاء العلماء تقديم العديد من الاتجاهات النظرية بغية تحليل ظاهرة التخلف وتفسيرها في بلدان العالم الثالث . وكانت هذه النظريات تنتمي إلى مدارس فكرية متباينة طرحت كل منها أفكارها معتقدة أنها تملك مفتاح فهم التخلف والتنمية .
وكان الاقتصاديون في طليعة العلماء الذين أقاموا نماذج بسيطة للتنمية ركزت على إشكالية مهمة مؤداها كيف نضمن نمواً اقتصادياً سريعاً وتراكماً لرأس المال ، وقد استخلصوا نماذجهم هذه من خلال خبرتهم واحتكاكهم بالأقطار الغربية . ولكن سرعان ما أدركوا أنها قاصرة ، وليست قادرة على فهم تخلف بلدان العالم الثالث ، لأنها صيغت في ضوء السياق الاجتماعي الثقافي والتاريخي لمجتمعاتهم الغربية ، ذلك السياق الذي يختلف في طبيعته عن السياق الاجتماعي والثقافي والتاريخي للمجتمعات المتخلفة . هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن العديد من أصحاب هذه النظريات الغربية يتحيزون إلى النموذج الغربي في التحديث. فضلاً عن أن علماء الاجتماع والسياسة والإدارة العامة وغيرهم من العلماء الاجتماعيين قد تعاونوا أيضاً في ما بينهم لصياغة نظريات سوسيولوجية واجتماعية لتفسير التخلف . وفي هذا الموضوع نحاول تسليط الضوء على مفهوم التنمية البشرية ومكوناتها ، كما تتركز هذه الورقة حول محورين أساسيين ، يتصدى المحـور الأول - إطلالة على مفهومي التنمية البشرية وتنمية الموارد البشرية - لتحديد معنى التنمية البشرية وأوجه الاختلاف بين هذا المفهوم ومفهوم تنمية الموارد البشرية والمفاهيم المرتبطة بها مثل: إدارة الموارد البشرية ، وتخطيط الموارد البشرية . أما المحور الثاني - مكونات التنمية البشرية- فيهدف إلى طرح الأفكار النظرية التي يقوم عليها هذا الاتجاه ، وتبيان مكونات التنمية البشرية وأبعادها الأساسية . و مما لا شك فيه أن المفهومات لغة أساسية في جميع النظريات والبحوث العلمية، كما أن التحديد العلمي لها يعد خطوة لا مندوحة عنها في سبيل تمهيد الطريق أمام الباحث العلمي لفهم الظاهرة المتدارسة . لذا وجدنا من الضروري جدا أن نحدد معنى التنمية البشرية و هي عملية توسيع الخيارات المتاحة للناس ، ومن حيث المبدأ يمكن أن تكون تلك الخيارات بلا حدود وأن تتغير عبر الزمان ، ولكن ثمة ثلاثة خيارات تبقى جوهرية في كل مستويات التنمية وهي : أن يعيش المرء حياة طويلة وصحيحة وأن يحصل على معارف أو يحصل على الموارد الضرورية لتوفير مستوى معيشة لائق ، وإذا لم يحصل الفرد على تلك الخيارات الثلاثة ، فإن كثيراً من الخيارات الأخرى تسد أبوابها أمامه ، ولكن التنمية البشرية لا تقف عند هذا الحد ، فهناك خيارات أخرى ويقدرها كثير من الناس تقديراً عالياً ، وهي تمتد من الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى توافر فرص الخلق والإبداع والتمتع باحترام الذات وضمان حقوق الإنسان . وللتنمية البشرية جانبان : بناء القدرات البشرية بتحسين مستويات الصحة والمعرفة والمهارات من ناحية ، وانتفاع الناس بقدراتهم المكتسبة في وقت الفراغ ، وفي أغراض الإنتاج والنشاط في أمور الثقافة والمجتمع والسياسة ، وإذا لم يتكافأ الجانبان حل بالإنسان الإحباط . ووفقاً لهذا المفهوم عن التنمية البشرية المستدامة يتضح أن الدخل ليس إلا واحداً من الخيارات التي يريد الناس أن يمسكوا بها ، بالرغم من أهميته الواضحة ، ولكن لا يجوز أن نلخص حياة البشر في الحصول عليه . ولذلك فإن التنمية يجب أن تفيد أكثر من مجرد زيادة الدخل والثروة ، إن جوهرها يجب أن يكون البشر . كما أن النموذج للتنمية - نموذج التنمية البشرية المستدامة - يجعل الناس هم محور التنمية ، ويعتبر النمو الاقتصادي وسيلة وليس غاية ، ويحمى فرص حياة الأجيال المقبلة وكذلك الأجيال الحاضرة ، ويحترم النظم الطبيعية التي تتوقف كلها عليها . ويُمكن جميع الأفراد من توسيع نطاق قدراتهم البشرية إلى أقصى حد ممكن وتوظيف تلك القدرات أفضل توظيف لها في جميع الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية . وهي تحمي خيارات الأجيال التي لم تولد بعد ، ولا يستنزف قاعدة الموارد الطبيعية اللازمة لدعم التنمية في المستقبل ، ولا يدمر ثراء الطبيعة الذي يضيف الكــــــثير للغاية لثراء الحياة البشرية . وتأسيساً على ذلك فإن التنمية البشرية باختصار هي عملية تمكين الإنسان من تحقيق إنسانيته ، والإنسان كما هو معروف كائن مركب في حاجاته المرتبطة بكيانه البيولوجي ، وفي حاجته المعنوية النابعة من ماضيه في حاضره وتطلعاً لمستقبله . وهو منتج ومستهلك ، هو مرسل ومستقبل ، وهو مبدع يدرك بحواسه ، كما يتصور بخياله . وهو في هذا كله متفاعل وفاعل في الظروف والموجودات البيئية التي تحيط به ، والتي يسعى ويتحرك على أرضها وبحارها وسمائها وبين سكانها . وبهذا الكيان المركب ، وفي هذا السياق المجتمعي المتشابك ، يعيش الإنسان ويتم بناؤه وتكوينه ، وتتحقق آماد مختلفة من حاجاته ، وتنمو مستويات متنوعة من قدراته وطاقاته وحوافزه . أما مفهوم تنمية الموارد البشرية فقد تولد مفهوم تنمية الموارد البشرية من المنظور الاقتصادي ، وأكد أن الإنسان مورد من الموارد الاقتصادية ، وتركز اهتمامه على الإنسان ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram