اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > عراق ما بعد2003 .. صراع الإرادات وتناقضاتها، والموقف المطلوب

عراق ما بعد2003 .. صراع الإرادات وتناقضاتها، والموقف المطلوب

نشر في: 7 نوفمبر, 2010: 06:17 م

طارق الجبوريلأسباب غير مخفية كانت الساحة العراقية بمختلف أشكالها السياسية والاقتصادية والجغرافية ومنذ 2003 ، مفتوحة على مصراعيها ، أمام تدخلات عربية وإقليمية ودولية، كان كل طرف فيها يسعى لتحقيق أجندته مستثمراً الوضع الصعب الذي مر به العراق. فمع دخول القوات متعددة الجنسيات العراق في تلك الفترة بزعامة الولايات المتحدة الاميركية ،
 سال لعاب دول أخرى للحصول على شيء مما كان يحلو للبعض أن يسميه الكعكة العراقية ، وأعلنت دول كبرى صراحة إنها لن تسمح ولن تقبل أن تستأثر الولايات المتحدة الأميركية وحدها بهذه الكعكة .وتحول العراق إزاء ذلك إلى ساحة تسابق وصراع لهذه الدول،فالكل يريد أن يثبّت له مكاناً بهذه الصورة او تلك ، في وقت لم تكن الاطراف السياسية العراقية فيه تمتلك ستراتيجية واضحة المعالم للحكم ، فسلمت ، واعتمدت ، كما يبدو، على ما كانت تقرره الإدارة الأميركية  بدلاً منها ، وارتضت أن تتخلى طواعية عن دورها في قيادة البلاد ، واكتفت بدور المشاور ، خاصة بعد قرار حل الجيش والاجهزة الامنية وشل كل مؤسسات الدولة ، بل انهيارها بالكامل . أوضاع صعبة يقتضي الموقف المنصف والموضوعي الاعتراف بانه لم يكن بمستطاع أي من الأطراف السياسية المجازفة بحمل أعبائها. ومعروف ما حصل وما رافق تلك الفترة الزمنية من أخطاء ، انعكست سلباً على المشروع الديمقراطي وشوهت صورته مما ضاعف من صعوبة الوضع على الاطراف السياسية بمختلف توجهاتها . فمنذ أن أعلنت سلطة الائتلاف تشكيل مجلس الحكم في الثاني عشر من تموز 2003 ، ورغم إعلان الجامعة العربية لاحقاً الاعتراف به  كممثل شرعي عن العراق ، إلا أن الواقع الفعلي كان غير ذلك، حيث كانت بعض الدول العربية والإقليمية تستقبل مجاميع  حملت راية (مقاومة الاحتلال) من كل حدب وصوب ، دون تمييز او تفريق بين أهداف مجاميع متناثرة  ،أثبتت الأيام أنها استخدمت هذا الشعار لذبح وقتل العراقيين و محاولة تمزيق نسيجه الاجتماعي الموحد ، فأساءت بتصرفها هذا حتى لمفاهيم المقاومة الحقة التي عرفتها شعوب المعمورة في تاريخها الطويل . وظل مثل هذا الوضع المعقد والمربك ملازماً لفترة الحكومة الانتقالية في حزيران 2004 إياد علاوي والحكومة التي اعقبتها برئاسة إبراهيم الجعفري في 2005 والسنوات الاولى من حكومة نوري المالكي ، التي شهدت نمواًواضحاً في علاقات العراق الدبلوماسية، كانعكاس لتطور واستقرار الوضع الامني النسبيين ، مع حرص مضطرد على معالجة عقلانية لمحاولات التدخل في الشأن العراقي البحت ، وإفهام دول الجوار العربي والاقليمي والمحيط الدولي بما فيها الولايات المتحدة الاميركية ، احترام إرادة العراق والتعامل معه على وفق ما يحفظ مصالح شعبه . لن نبالغ ولا ينبغي ان نكون مثاليين وندعي ان أذرع بعض القوى العربية والاقليمية والدولية قد رفعت بالكامل ، خاصة في ظل اوضاع كالعراق ، لكن الصورة ليست كما كانت في الاشهر الاولى من عام2003 وامتداداتها في 2004، فقد تم توقيع الاتفاقية الستراتيجية مع الولايات المتحدة الاميركية لتنظيم شكل العلاقة بين الطرفين ، كما ان هنالك نضجاً عند بعض القوى السياسية يؤهلها لمعالجة حالة القلق المشروع عند بعض القوى وخوفها من امتدادات غير طبيعية من اخرى مناهضة لها وتتقاطع مع مصالحها ، ونحسب ان الموقف العراقي الرسمي سيكون أقوى لو تخلت بعض القوى عن مراهناتها على القوى الخارجية ، وعالجت مشاكلها داخل البيت العراقي وفي إطاره . ولانظن اننا نأتي بجديد إذا قلنا ان صورة الموقف العراقي الرافض للتدخل المباشر قد توضحت بشكل خاص منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات النيابية التي انتهت في آذار عام 2010. فرغم حملات التهويل والتشويش وإظهار العراق بمظهر التابع الذليل إلا أن معطيات الواقع وما شهدته الاشهر الماضية من مناقشات لتشكيل الحكومة ، أكدت كذب وافتراء مثل هكذا ادعاءات ، وأنّ الحكومة العراقية لاتتشكل بغير توافق واتفاق العراقيين وليس سواهم .ما نراهن عليه ليس امتلاكنا قوة عسكرية أو أسلحة متطورة ، لكننا واثقون ان العالم قد تغير وان العولمة ، على سلبياتها  بحسب وجهة نظرنا المتواضعة ،لا تتيح لمن يشاء التلاعب كيف يريد بمصائر الآخرين وان زمن ليّ الإرادات قد ولى بغير رجعة، إضافة إلى أن موقفاً موحد اً يعتمد الحرص على استقلالية اتخاذ القرارسيلقى مساندة الشعب يكل مكوناته وهذا هو الرهان الاهم والاكبر ، وهذا ما نتمنى ان يفهمه الآخرون ويعونه بدقة قبل فوات الاوان . ومن المناسب الاشارة هنا الى ان تعزيز النهج الديمقراطي وتعميق مفاهيم حقوق الانسان والعدالة والمساواة وتكريس روح المواطنة ، يجب أن يكون في رأس اولويات الحكومة ، وأن تعزيز صورة العراق الجديد ، كفيل بإفشال كل ما يخطط له اعداء العراق من إرهابيين وغيرهم . مرة اخرى لاندعي اننا نجحنا مئة في المئة لكن نحسب اننا وضعنا على اولى خطوات التغيير نحو الافضل عندما تمسكنا بارادتنا وقاومنا الإملاءات التي حاول البعض فرضها علينا ، وبالتأكيد هنالك فرق بين المشورة والإملاء !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram