ياسين طه حافظ[الخُطأ عَجِله من يُصدّق أن وراء تسارعِ إيقاعِها همسُ صافرةٍ أو صدى سلسله ؟
الفتى الذهبييتوهجٌ في الانتقال من الظل للشمسِ فتنبهرَ امرأةٌ في الطريقْوتكسر عن وجهِهِ نظرةً خَجِله .]rnأوشك أن أصدِّقَ الحلمَ ،فهذا الأشقَرُ المسرعُ في الطريقِ يدخل الجريدةنارُ الرعاةِ في عيونِهِ ،فوضى سماويه تدفعُهُ في ظلمةِ المبنى الذي أحاطه السحابْ يقولُ : "كي أصنعَ شمساً ، أو يقول كي أسمعَ موسيقى زمانٍ آخر يجيء أو يقولُ كي أصطادْغزالةً للعيدِ" ،هكذا يضطرب المسيح بين الحلم والمكيدةوهكذا يضيع جيلٌ كاملٌ في ضجّة المكائنِ المعتسراتِ كلَّ ليلها تدورْ ،تصيحُ كي تُسقِطَ حرفاً ،والفتى استهواهُ ذاك الحلُمُ الغائبُ مثلَها يدورْ يمتصِّهُ الظلامُيمتصُّ ذاك النورْ يمتصُّ ذاك الولدَ البلّورْ مستسلماً وساهمَ العينين يطفو في مياه الليلْيأخذه الضوءُ الذي يلوحُ في المرايا ،تأخذهُ زخارفُ الماس التي تُخبّيء البهجةَ والمنايا، تأخذه السحائبُ المُذهّباتُ والطيورْ .رأيتُهُ في شارع الرشيدْيُشرق فوق شعره قمحُ سهول ساطعاتْ والخطوةُ الحلوةُ مثل قبّره .rnرأيتُهُ في آخر الحديقة وجهُهُ للشبّاكينامُ والمسجّل الصامتَ والجريدة:ظهيرةٌ وديعةٌ نائمةٌ في الظلْ تعبُهُ وخوفُهُناما الى جانبِهِ عكّازهُ من خشبٍ ،تيبّسَ الشرطيُّ ،عند رأسه !rnرشدي الجميلُ اختطفتْهُ "ساحراتُ سالمٍ"أبقى قميصاً أبيضاً ، وضيّعتْهُ الريحُ والظلالْممدّدٌ يغفو على فراشِهِ ، نام و "أحلام الشتاء" وحدها تدورُ في الغرفةِ ، نامَ ، بقيَ المصباحُ ،ما أطفأهُ أحَدْ ،يحرسُ وجهَ رشدي .rnهذا صباحٌ آخرٌ . يدخلُ في الضجيجْ ،يدخل في المطبعة، المعتقلِ ، الحقائق المرَّةِ والكذبْ ،يدخل في الظلامْ .يُرى ولا يَرى منخذلاً ، أضاع بالضحْكةِ ما لاحَ على خاطرهِ :- "نهْرٌ بلا إيابْ "- " كان فتياً لفّهُ العُبابْ "أمُّ عليًّ وجهُها يدورُ قُرصاًِ أبيضاًيطوف في حياتها الغائمة الكبيرة :البابُ للطريقْوالرجلُ الآتي من المخزن كان طيّباً وناعماً أمُّ عليًّ قالت " الحياةُ خبزةٌ وبيتْ .ذاك الفتى النبيَلُ راحَ ، انقطعت أخبارُهُ أضاعت الظلالُ روحَهُ ، غيّبَهُ المُحالْ لا أحدٌ يعرفُ أيمّا مدينةٍ خفيّةٍ يُريدْ .تماسَكَتْوأفلتتْ من الصدى وسكنتْ مدينةًيعرفها التلميذُ في كتابِِهِ ، يعرفُها موزّعُ البريدْ .rnانتهت القصيدة :وضّاحُ لا يجري وراء شمْسْوضّاحُ في سريره ينامْ.rnتكفيكَ هذي الغرفةُ الصغيرة :هُمْ لهُمُ الشمسُ وأُفقُ الماءْ هم لهمُ التذاكِرُ ، العواصِمُ ، الأضواءْأنتَ لك العكّازةُ الخشبْتليقُ بالفتى الذهبْ.تكفيك هذي الموعظة!rnالأسطرُ التي كتبتَهاموجوعةٌ ، نامت من التعبْ ونهضتْ ناحلةً تكاد تستريح عند البابْ لففتُ بالجريدةخبزي ، وحينما وصلتُ بابَ البيتْألقيتُها ، نسيتُ ما كتبتْ .تكفيك هذي الموعظة !rnأمُّ عليًّ غادرتْللجهة الأخرى ،الحياةُ غادرتْ للجهة الأخرى الحياةُ غادرَتْ !فهل فهمتَ الموعظة ؟انتهت القصيدة :رشدي ينامُ في سريره عكّازه تلامس الوسادة .انتهت القصيدة فخلِّني مُتكئاً على الجدارِ أرقب المدى :rn[تتبعثرُ أسماؤنا في الرياحَ ، تدورُ بها حولنا كلُّ شيء هناغرفةٌ بابها للحديقة الضياءُ مضى والجفافُ أتى الشفتين إن رشدي ينامْ وجهُهُ بين بابين مفتوحتينْوجهُهُ بين مسألتينْوجهُهُ شاحبٌوجهُهُ شاحبٌوالشموسُ تنامفي مدى روحِهِ واليدينْ .]rnــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ1) "ساحرات سالم" مسرحية معروفة لأرثر ميللر تدور احداثها في قرية يحكمها السحرُ والساحرات.2) "احلام الشتاء" سمفونية جايكوفسكي الاولى.3) "نهر بلا اياب" هو "نهر بلا عودة" احد افلام مارلين مونرو عرض في 1959-1960 واوائل الستينيات وقد لاقى اقبالا شديداً، وكانت لذلك دلالة..4) "ام علي" هي السيدة الفاضلة، زوجة رشدي العامل حتى سنة 1975.
الموعظة.. أو مسألة رشدي العامل
نشر في: 8 نوفمبر, 2010: 04:58 م