TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مذكرات السياسيين وكتابة التاريخ

مذكرات السياسيين وكتابة التاريخ

نشر في: 13 نوفمبر, 2010: 05:02 م

حسين علي الحمدانييسعى المعهد الفرنسي للشرق الأدنى لتفعيل شراكة علمية وبحثية لإعادة كتابة تاريخ بلاد ما بين النهرين بكل قومياته ودياناته واللغات المتداولة وتقاليد شعبه المتنوع ، وقد وصف البعض هذه الخطوة بالرائدة خاصة إن هذا المعهد الذي تأسس عام 2003 برعاية من وزارة الخارجية الأوروبية و المركز الوطني للبحث العلمي وله فروع معتمدة رسميا
 في عمان و دمشق وحلب وبيروت واربيل ويشرف على تدريس 120 باحثاً،ولديه شراكات واتفاقيات مع أكثر من 30 مؤسسة أجنبية تهتم بشؤون التاريخ بمختلف مراحله وحقبه. ويتضح من هذا بأننا على وشك بداية مرحلة إعادة كتابة التاريخ ، هذه المهمة التي تبنتها كل الأنظمة السياسية ليس في العراق فقط بل في عموم المنطقة العربية ، لا سيما أن التاريخ يمثل ركيزة مهمة من ركائز وعقائد زعماء السياسة ومحاولتهم الجادة لتسخير التاريخ وفق إرادتهم دون أن يمنحوا المؤرخ الحقيقي المصداقية في نقل الوقائع كما حصلت لا كما يريدون.والمتابع لحركة التاريخ ومصادره في الوطن العربي سيجد نفسه يفتقد حلقة مهمة جداً وهي ( المذكرات السياسية للزعماء) هذه المذكرات التي لم يكتبها أحد ولم يفكر في كتابتها أي زعيم عربي لأساب عديدة أولها: أنه يزال عن كرسي الحكم مباشرة لقبره فتدفن معه أسرار حقبته بإيجابياتها وسلبياتها ، الشيء الثاني وهو الأهم في عدم كتابة هؤلاء الزعماء مذكراتهم ويتمثل بأنها لا تحتوي على ما يمكن الإشارة إليه أو ما يمكن أن نسميه حركة تاريخية بمعناها الأكاديمي ، بقدر ما هي يوميات بوليسية ومشاهد من مطاردات الخصوم والتنكيل بهم وبالتالي: فهي أسرار لا يرفع، الحجاب عنها.لهذا فأنه لن تتاح لدارسي التاريخ العربي تلك الصفحات لهؤلاء الذين نسجوا وصاغوا حوادث سواء أكانت مأساوية أو مفرحة ، عكس الغرب الذي يضع السياسي فيه كتابة مذكراته من أولوياته لأنه يخرج من السلطة بطريقة تختلف كثيرا عما هو سائد في بلداننا العربية، وقد طالعنا جميعاً مذكرات توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ، وهذه الأيام طالعنا مذكرات جورج دبليو بوش الرئيس الأمريكي ، وقد تحلى الرجلان بجرأة كبيرة في نقل الصورة كرواية تاريخية بعيدة عن التجميل والتزويق ، بل كتباها بأبعادها وكما حدثت بعد فترة توليهما السلطة في بريطانيا وأمريكا في وقت واحد ، أي انهما وثقا سنوات حكمهما وهم أحياء دون أن يسمحا لأحد بالكتابة عنهما بعد عشرات السنين وقد يضيف أو يزيل حسب مقتضيات ذلك الوقت . مشكلتنا نحن ومن يدرس التاريخ في عالمنا العربي أنه يستقي من مصادر غربية ومن مستشرقين والبعض من وثائق كوثائق وزارة الخارجية البريطانية ومراسلاتها اليومية كمصادر لكتابة التاريخ رغم إن هذه الوثائق هي سياسية وكتبت لمرحلة بعينها وقد تكون خاضعة لحسابات الكذب والتهويل، وبالتالي لا يمكن اعتمادها مصدرا نحتكم إليه في إعادة كتابة تاريخنا ،وخاصة ما يتعلق بتاريخ العراق الذي أعيدت كتابته أكثر من مرة خلال القرن الماضي  آخرها عام 1982، فيما عرف حينه بمشروع إعادة كتابة التاريخ ، وبالتأكيد لا يمكن اعتماد ما أنجز عام 1982 مصدراً بقدر ما هو تغييب لتاريخ القوميات الأخرى في البلد، وفي مقدمتها الشعب الكردي والتركماني والأقليات الأخرى، علماً أن النظام الشوفيني الذي حكم العراق تعامل مع هذه القضايا من منظور امني وليس تأريخياً من شأنه أن يحفظ لهذه القوميات جذورها التاريخية ، لأن غايته تهميش وإقصاء القوميات الأخرى .فلماذا لا نفتح ملفات وزاراتنا، لاسيما إن الكثير من الدول العربية بات عمرها قرناً من الزمان وفيها من الوثائق ما يشابه ما موجود في بريطانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها من البلدان التي نكلفها لتقرأ تأريخنا وتكتبه من جديد وربما هذه المرة وفق رؤيتها هي وليست رؤيتنا . نحن نعيش محنة كتابة التاريخ وسنظل نعيش هذه المحنة طالما تركنا الآخرين يفتشون لنا عن تاريخنا ، وطالما ظلت  دراساتنا وبحوثنا تعتمد في مصادرها على أقوال ورحلات المستشرقين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram