TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل ستنهار أمريكا كما انهار الاتحاد السوفيتي؟

هل ستنهار أمريكا كما انهار الاتحاد السوفيتي؟

نشر في: 21 نوفمبر, 2010: 04:52 م

د. عبدالله المدنيهذا السؤال الذي إخترته عنواناً لمقال هذا الأسبوع، كان محور مناقشات جانبية عاصفة خلال "منتدى الاتحاد" السنوي الخامس الذي انعقد في مدينة أبوظبي مؤخرا، وكان لي شرف المشاركة فيه مع نخبة من ألمع كتاب الوطن العربي ومثقفيه وأكاديمييه.
 بل جاء أيضا في ثنايا ورقة بحثية قدمها أحد الزملاء الأكاديميين من إحدى الدول الخليجية ضمن المحور الخاص بعلاقات العرب مع الولايات المتحدة الإمريكية.rnالتساؤل المذكور أعلاه لايخرج – بطبيعة الحال - عن نطاق الأماني والأحلام التي تختلخ في صدور الكثيرين في عالمنا العربي والإسلامي. غير أن الواقع والمنطق يقولان باستحالة حدوثه في المدى المنظور. فالولايات المتحدة ليست الاتحاد السوفيتي السابق الذي كان يـُدار بعقلية شمولية، ونظام بوليسي، وأيديولوجية غير قادرة على تجديد نفسها أمام التحديات العالمية المتسارعة، وإنما هي مجتمع ليبرالي ديناميكي حي، وبهذا الوصف فهي قادرة على تجديد دمائها وتطويرأهدافها وستراتيجياتها ومواقفها بحسب الحاجة والمتغيرات. ثم أنه – سواء شئنا أم أبينا – لم يتوفر قط لدولة ما في التاريخ المعاصر ما هو متوفر اليوم لهذه الدولة، لجهة الإمكانات الاقتصادية والعسكرية والعلمية، والتحالفات السياسية، والتواجد في مختلف أصقاع العالم، ناهيك عن حضورها القوي في حياة كل المجتمعات شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، إلى الدرجة التي صارت معها موجودة في منازلنا، عن طريق مسلسلاتها وأفلامها، وفي مطاعمنا، عن طريق الوجبات السريعة، وفي جيوبنا، عن طريق بطاقات الائتمان، وفي خزائن ملابسنا، عن طريق الجينز الأزرق، على نحو ما ذكره صديقنا المحلل اللبناني الأستاذ "حازم صاغية" في مداخلته له خلال الجلسة الخاصة بعلاقات العرب مع أمريكا.وهكذا، لا يُجدي القول بأن هذه القوة العظمى سوف تزول قريبا، لحساب قوى أو تكتلات أخرى صاعدة، أو بسبب قيام نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب. فحتى الصين والهند اللتان ينتشي بعض المحللين فرحا بصعودهما المشهود، واحتمالات أن تصبحا ندين للولايات المتحدة مع نهايات القرن الحالي، لا يمكن أن يكون لهما نفس التأثير المدوي للولايات المتحدة الامريكية في حياة البشر. ذلك أن القطبين الآسيويين – رغم كل ما سجلاه ويسجلانه من إنجازات - أمامهما مشوار طويل جدا للتخلص من الكثير من المشاكل والتحديات الداخلية التي تعيق بروزهما كقوتين عظميين.لقد استندت ورقة الزميل الخليجي في تبشيره بقرب أفول الولايات المتحدة كقوة عظمى، وفي قوله أن الأخيرة تعيش حاليا "حقبة الوهن" التي سوف تؤدي لا محالة إلى تفسخها وانحلالها على معطيين لا ثالث لهما: الأول هو ما كتبه بعض المفكرين الأمريكيين من آراء في دورية "فورين أفيرز" الجادة حول هذا الموضوع تحديدا، والثاني هو الأزمة الاقتصادية العالمية التي رأى الزميل أنها قد ألحقت بالفعل ضررا كبيرا بالولايات المتحدة، وأن تداعياتها سوف تؤدي عاجلا أو آجلا إلى إفلاس المؤسسات الامريكية، وإرتفاع نسبة البطالة، وازديداد أعداد الفقراء والمعوزين في المجتمع الامريكي.كان ردي المتواضع على هذين المعطيين أثناء تعقيبي على ورقة الزميل: إن الآراء والأفكار المنشورة في دورية – وإن كانت مرموقة كـ "فورين أفيرز" – ستظل مجرد آراء غير ملزمة، وأفكاراً ليس لها نصيب من التقديس، بمعنى أنه يمكن الجدال حولها طويلا، خصوصا وأن مصدرها المجتمع الامريكي الحر والمنفتح، الذي يسمح لمواطنيه وغير مواطنيه بتناول سائر شؤونه بحرية وشفافية، أي دونما إقصاء أو تخوين أو حجر على العقول مثلما يحدث في دول العالم الثالث، بما فيها الصين الصاعدة التي لا تزال مجتمعاتها مكبلة بأغلال منيعة، تقيد حرية الرأي والتعبير.أما في ما يتعلق بالمعطى الآخر، فكانت وجهة نظري أن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية لا تقتصر على الولايات المتحدة وحدها، وإنما خيمت على كل دول العالم، وربما كانت أضرارها أشد حدة ووضوحا في دول الشرق عنها في دول الغرب، وفي دول الجنوب عنها في دول الشمال.ناهيك عن أن العمل المؤسساتي المستند إلى القانون والنظام في الولايات المتحدة، والمجتمع الإمريكي الحر والخلاق كفيلان بأن يبتكرا حلولا سريعة لتجاوز أزمات من هذا النوع بأقل التكاليف، مثلما حدث في مناسبات سابقة، لعل أبرزها "الكساد العالمي الكبير" في ثلاثينيات القرن المنصرم.وبطبيعة الحال، لم تسرّ طروحاتي هذه بعض الزملاء ممن يحملون في صدورهم وعقولهم عداء مزمنا للولايات المتحدة وسياساتها العالمية والإقليمية لأسباب أيديولوجية منيعة، رغم أن الشواهد تشير إلى أن ألد أعداء إمريكا هم في مقدمة من يرسل أولاده للدراسة في الجامعات الإمريكية، أو يستميت للاستشفاء في المراكز الطبية الامريكية، أو يفضل التقنيات والأجهزة الامريكية على ما عداها.كنت أتمنى أن يتداول الزملاء موضوع العلاقة الملتبسة بيننا وبين الولايات المتحدة بروح جديدة، وبرؤى عقلانية ناضجة، تتواءم مع مكانتهم العلمية والأكاديمية، غير أني اكتشفت في المناقشات الجانبية التي جرت على ه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram