حسين عبد الرازقتعرضت الحكومة المصرية خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية لنقد رسمي علني من الإدارة والكونجرس الأمريكي في مناسبتين..الأولى بمناسبة صدور تقرير )الحريات الدينية(الأمريكي يوم الأربعاء قبل الماضي .تشرين الثاني/ نوفمبر 2010
والذي تصدره سنويا وزارة الخارجية الأمريكية، وتضمنه اتهاماً للحكومة المصرية بممارسة التمييز ضد المسيحيين، ثم إعراب) لجنة الحريات الدينية(بالكونجرس الأمريكي عن قلقها من )تنامي التحريض في وسائل الإعلام والمساجد في مصر ضد الأقباط(وتأثير ذلك على زيادة التوترات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين قبل انتخابات مجلس الشعب المقبلة )فهذا النوع من الخطاب يذكي نار المتطرفين الباحثين عن سبب لتبرير أعمال العنف ضد الأقليات الدينية(كما قال )ليوناردليو(رئيس اللجنة يوم الجمعة الماضي.المناسبة الثانية كانت بدء معركة انتخابات مجلس الشعب الجديد في منتصف هذا الشهر، وتأكيد (فيليب كراولي) المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن بلاده ملتزمة بتأييد ودعم إجراء انتخابات حرة وحيادية في مصر ومحملا الحكومة المصرية مسؤولية تطبيق تعهداتها بإجراء انتخابات شفافة ونزيهة وضرورة وجود رقابة دولية على هذه الانتخابات، قال كراولي) ترحب واشنطن بإعلان الحكومة المصرية التزامها بتوسيع دائرة المشاركة السياسية وضمان إجراء الانتخابات البرلمانية بحرية وشفافية بما في ذلك تسهيل عمل منظمات المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات(مشددا على أن )أي عملية انتخابية شفافة تقتضي أيضا وجود آلية حيادية ونزيهة لمراجعة الشكاوي والاعتراضات على نتائج الانتخابات والرقابة المحلية طبقا للمعايير الدولية، إلى جانب وجود المراقبين الدوليين«.وأضاف (جيمس بيفر) الرئيس الجديد لبعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالقاهرة أن (كل دول العالم تستعين بمراقبين دوليين، حتى الولايات المتحدة تستعين بمراقبين من معظم دول العالم في الانتخابات التي تجريها على أرضها، ولا يقتصر ذلك على مراقبين من الدول المتقدمة فقط وإنما يكون هناك مراقبون من الدول النامية أيضا).وجاء رد الفعل الرسمي على لسان المتحدثين باسم الخارجية المصرية حادا، فقال إن المواقف الأمريكية تجاه الشؤون الداخلية الأمريكية(أمر مرفوض بشكل قاطع من جانب مصر، ورفض هذا السلوك الأمريكي يأتي بغض النظر عن أي حجج أو ذرائع يمكن أن يسوقها البعض لتبرير هذا الأمر... إن مصر تعتز كل الاعتزاز بسيادتها واستقلال إرادتها الوطنية، ولن تسمح لأي طرف كان بما في ذلك الولايات المتحدة بالتدخل في شأنها الداخلي تحت أي ذريعة، لكن يبدو أن الجانب الأمريكي يصر على عدم احترام خصوصية المجتمع المصري بتصرفات وتصريحات تستفز الشعور الوطني المصري وكأن الولايات المتحدة تحولت إلى وصي على كيفية إدارة المجتمع المصري لشؤونه السياسية مضيفا أن من يعتقد أن هذا الأمر ممكن فهو واهم).وبصرف النظر عن صحة ما يقال عن ازدواجية المعايير في السياسة الخارجية الأمريكية ودعمها النظم الاستبدادية وتجاهل الإدارة الأمريكية انتهاكات هذه الحكومات للحريات وحقوق الإنسان وممارستها التمييز ضد الأقليات القومية أو الدينية، كما يحدث مع الحكومة المصرية.. فما قالته الإدارة الأمريكية حول التمييز ضد المسيحيين في مصر وتزوير الانتخابات العامة أمور حقيقية لم تستطع الحكومة المصرية في ردها إنكارها أو المجادلة بشأنها واكتفت بالحديث عن الاستقلال والإرادة والسيادة الوطنية، التي أهدرها النظام الحاكم في مصر منذ انقلاب القصر في 31 أيار /مايو 1971 وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة الصلح مع العدو الإسرائيلي والتبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية للسياسة الأمريكية في المنطقة والعالم.فالتمييز ضد المسيحيين وانفجار العنف والفتنة الطائفية في مصر حقيقة مؤسفة منذ عام 1972 وحتى اليوم، ونتيجة لسياسة واضحة يطبقها الحزب الحاكم بإصرار، بدءاً من النص في دستور 1971 والتعديلات التالية على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، واستخدام الدين )الإسلامي(كمصدر للشرعية السياسية وكأداة للتعبئة الاجتماعية والسياسية، وفي تبرير القرارات السياسية، والتمييز ضد المسيحيين في التعيين في الوظائف، فيمنع وجود المسيحيين في المخابرات العامة ومباحث أمن الدولة، ولا يوجد قبطي واحد يحتل موقعا رئيسيا في القوات المسلحة أو الشرطة، ومن بين 92 محافظا هناك محافظ قبطي واحد عين أخيرا، وهناك أكثر من عشرين جامعة حكومية لا يرأس أكاديمي قبطي واحد أياً منها... إلخ، وفي ظل المناخ الطائفي والتعصب يتراجع دور الأقباط في الحياة العامة، فبعد أن كان هناك ٦١ قبطيا منتخبا في أول برلمان مصري بعد دستور 1923، وارتفع الرقم إلى 23 في برلمان 1927، تراجع عدد المسيحيين المنتخبين في البرلمان الحالي إلى واحد فقط هو د. يوسف بطرس غالي )الوزير«.وليس مصادفة ترحيب الكنائس المصرية الثلاث )الأرثوذكسية ، الكاثوليكية ، الإنجيلية(للمرة الأولي بالتقرير الأمريكي، مؤكدة وجود تمييز ضد المسيحيين.أما تزوير الانتخابات العامة، فحدث ولا حرج، فتقارير الدوائر المختلفة لمحكمة النقض حو
نزاهة الانتخابات.. والسيادة الوطنية
نشر في: 23 نوفمبر, 2010: 05:17 م