ترجمة:نجاح الجبيلي إن تحويل فيلم "عرش الدم" لأكيرا كوروساوا المعد عن مسرحية "مكبث" لشكسبير إلى مسرحية ربما يبدو فكرة غريبة في الظاهر. فاستخفاف الفيلم بالحوار الذي لا علاقة له بنص شكسبير ووجود العديد من الصور المؤثرة – الطبيعة الموحشة التي يحجبها الضباب والقلعة الضخمة ومئات الجنود على صهوات الجياد – يجعل من المستحيل عملياً إعادة عرضه على المسرح.
لكن مثل هذه العقبات لم تمنع المخرج "بنغ تشونغ" من تقديم فيلم كوروساوا الكلاسيكي على المسرح فقد افتتحت المسرحية المعدة عن الفيلم في أكاديمية بروكلين للموسيقى بعد عرضها لمدة ثلاثة أشهر في مهرجان شكسبير في ولاية أوريغون. والسيد تشونغ، الذي أدمج عناصر من الفيلم في مقطوعاته المسرحية، كان مسحوراً في تجربة نقل العمل من وسط إلى آخر. يقول المخرج أن هناك أمراً واحدا كان يروق له هو أن الفيلم فيه الكثير من الحركة دون كلمات. ويضيف:" ثمة شعور أن الفيلم صامت تقريباً. أما عملي ففيه الكثير من الرقصات وهذا يتيح لي أن أعبر عن العاطفة من خلال الجسد عن طريق استعمال الكثير من الحركة". في الفيلم الذي صنع بعد 12 سنة من نهاية الحرب العالمية الثانية نقل كوروساوا "مكبث" إلى اليابان أثناء الفترة الإقطاعية. ونسخته من القصة أكثر إعتاما وفنتازية من نسخة شكسبير مع بناء دائري يوحي بأن العنف الإنساني هو ذو طبيعة دائرية غير منتهية. يقول السيد "تشونغ" مستذكراً القصة:" إنه كابوس متكرر وفي الوقت المناسب تماماً". على الرغم من أن عمل تشونغ غالباً ما يتعامل شخصيا مع المواضيع القاتمة– فقد قام بصنع مسرحية تسجيلية من قصص أطفال الحرب المهاجرين- إلا أنه مبتهج ومسرف في العاطفة. يبلغ من العمر 64 سنة بشعر رمادي محلوق ونظارات وقد كان شخصية رئيسة في طليعة نيويورك منذ السبعينيات. وهو ابن مهاجرين صينيين كانا مخرجين وممثلين في أوبرا "كانتونيس" ودرس السينما في مدرسة الفنون البصرية. ثم رقص عدة سنوات مع مريديث مونك التي تعاونت معه أيضا قبل أن يبدأ بإخراج مسرحياته ذات الوسائط المتعددة. لقد فكر في هذا المشروع لعدة سنوات لكن الفرصة لم تتح إلى أن دعاه المدير الفني لمهرجان شكسبير في أوريغون عام 2007 لإخراج عمل مسرحي هناك.وحين اقترح تشونغ "عرش الدم" أثار ذلك اهتمام السيد راوخ لا بسبب ارتباطه بشكسبير فحسب، بل أيضاَ لأن فيلم كوروساوا يمتح بشدة من مسرح النو الكلاسيكي الياباني وكان السيد راوخ متشوقاً إلى جلب التقاليد المسرحية غير الغربية إلى المهرجان. وحين وافقت أكاديمية بروكلين للموسيقى،التي قدمت أعمال تشونغ منذ الثمانينيات، تم إنجاز المشروع. وكان شرط السيد تشونغ الوحيد والذي تم الاتفاق عليه تماماً هو أن يوجد في العمل ممثل آسيوي كأحد الأدوار الرئيسة وهو أما "واشيزو" (الذي يؤدي دور مكبث) أو زوجته "الليدي آساجي". وفي زيارته الأولى إلى المهرجان رأى ممثلاً فكر بأنه مؤهل تماماً لدور "واشيزو" وهو كيفن كنيرلي، ممثل زنجي مكتنز قوي يتحرك برقة الراقص. وبقي تحدي العثور على ممثلة كي تؤدي دور الليدي أساجي وهي الشخصية المتأثرة بتقاليد مسرح النو. في العديد من المشاهد مع "واشيزو"يجلس جامدا تماماً متحدثا بهدوء وهو يصنع حركة شعائرية عرضية. يقول تشونغ:" بالنسبة لي فإنه مناسب لدور "أياغو" أكثر من دور "مكبث" لأنك لا تعرف ما حافز تلك الشخصية مطلقاً، إنها غامضة". وفي تجارب الأداء في نيويورك وجد ممثلة يابانية اسمها "آكو" تتدرب على رقص "الكابوكي" وكانت العديد من الأدوار النسائية في مسرح تاكارازوكا قبل الانتقال إلى الولايات المتحدة في بواكير الثمانينيات. و"آكو" ملتزمة تماماً في اداء شخصيتها المضادة في الفيلم. ولكن كما أوضحت في مقابلة في أوريغون بعد فترة قصيرة من افتتاح المسرحية هناك فقد أدمجت عناصر من مسرح الكابوكي أكثر من مسرح النو في أدائها المسرحي. تقول أن "الفيلم في غاية الحميمية لهذا فإن جمود النو والأمور الداخلية التي تحدث تستطيع أن تراها لأن الكاميرا قريبة جدا وأما في المسرح فعليك أن تتوسع قليلاً".ًوأصبحت "آكو" مصدراً مهماً في الشركة وهي تعلّم أعضاءها كيفية نطق سطور محددة من اليابانية وكيفية الانتقال والمشي بأسلوب مسرح النو التقليدي. أما مدرب الحركة في المهرجان "دوريل بلوم" واستاذ الأكيدو فهو أيضاً يتعاون بطريقة واعية. وكان للمؤلف الموسيقي ومصمم الصوت تود بارتون اهتمام طويل الأمد في الموسيقى اليابانية التقليدية ووضع موسيقى فيها آلات يابانية تقليدية وإنشاد لمسرح النو إضافة إلى مؤثرات صوتية من دوي حوافر الخيول إلى حفيف السهام التي تقتل في النهاية "واشيزو". أما مصممة الأزياء ستيفاني مار التي لها خلفية في الفنون البصرية فقد صنعت أزياء مدرعة غريبة لـ"واشيزو" وبقية محاربي الساموراي. يعتقد السيد "تشونغ" بأن ا
عرش الدم لكوروساوا من السينما الى المسرح
نشر في: 24 نوفمبر, 2010: 05:23 م