حسين علي الحمدانيما هي أهداف تنظيم القاعدة الآن ؟ وهل جفت منابع تمويله ؟ ولماذا يعمد لخطف الأجانب ؟ لكي نجيب على هذه الأسئلة وغيرها علينا أن نستقرئ من خلال الأحداث التي حصلت في مختلف بقاع العالم خلال الشهر الماضي حيث يمكننا أن نشخص مجموعة من الغايات التي يحاول تنظيم القاعدة تحقيقها ، فعملياته تندرج تحت ما يمكن تسميته بالعمليات الإعلامية،
أي التي تكون غايتها الحقيقية تسليط الضوء عليه أو إبقاء الضوء مسلطا على هذا التنظيم الإرهابي ، ومحاولة إبرازه كتنظيم مناوئ للغرب والمسميات الملحقة بالغرب،كالامبريالية والكفار وغيرهما من التسميات التي تعج بها خطب منظّري هذا التنظيم.وواحدة من عملياتهم التي استنكرها كل العالم هي جريمتهم في كنيسة سيدة النجاة في بغداد ، هذه العملية التي ربما منحتهم ضوءاً إعلامياً كبيراً خاصة وإنها تستهدف ديانة معينة وما ترتب على هذا الاستهداف من تداعيات خطيرة جدا على مسيحيي العراق بصورة خاصة والشرق بصورة عامة ، لاسيما إن مطالب القوى الإرهابية كانت أبعد من حدود العراق،في محاولة لجعل الإرهاب وسيلة وغاية في نفس الوقت ، وسيلة للقتل ، وغاية لتحقيق مزيد من التصدر لنشرات ألأخبار ، وصاحبته بيانات عديدة أصدرتها مجاميع إرهابية متخذة من الشبكة العنكبوتية وسيلة لذلك لتحقيق انتشار سريع وواسع.ثم جاءت عملية الطرود المفخخة التي تم اكتشافها بسرعة من قبل أجهزة أمن ومخابرات دول المنطقة ، وهذا بحد ذاته فشل كبير لتنظيم القاعدة رغم انه برر عملية الطرود المفخخة هذه على إنها تمثل عمليات استنزاف اقتصادية للغرب، وعلل التنظيم ذلك في أحد مواقع الانترنت حيث قال التنظيم "ان الطرود التي ارسلت الى الولايات المتحدة الشهر الماضي لم يكن هدفها القتل بل التسبب بأكبر قدر ممكن من الاضطرابات الاقتصادية". وهذا يعني اعترافاً ضمنياً بفشل العملية بوقت مبكر .خاصة إذا ما عرفنا بأن تنظيم القاعدة كان يقصد بأستنزاف اقتصاد الغرب أن تخصص الدول الغربية مزيدا من الأموال للأمن والمراقبة دون أن يعي هذا التنظيم الإرهابي بأن هذه الدول لديها من أجهزة المراقبة ما يكفي لمتابعة تحركات أية مجموعة، وبالتالي فإن العبء الاقتصادي لن يكون مؤثرا عليها لأن الأمن جزء مهم وحيوي من سياساتها من أجل حماية مواطنيها، وهذا ما تجلى بشكل واضح في مجموعة الإجراءات الأمنية التي اتخذتها ألمانيا بعد ثبوت وجود تهديدات لأنفاق المترو وغيرها دون أن يؤثر ذلك على انسيابية الحركة والخدمات المرتبطة بشبكة المترو .العملية الثالثة هي اختطاف الفرنسيين وإعلان تنظيم القاعدة مسؤولية الاختطاف وفرضه مجموعة شروط على فرنسا بضمنها سحب القوات الفرنسية من أفغانستان ، إلغاء قانون منع النقاب ، دفع فدية سبعة ملايين يورو ، والتفاوض مع أسامة بن لادن مباشرة .واذا ما أردنا تحليل طلبات هذا التنظيم في ما يتعلق بالرهائن الفرنسيين فإننا نجد بأن غايته الأولى تتمثل بطلب الفدية خاصة وانه يدرك جيدا بأن بلداً مثل فرنسا لا يمكن ان تتحكم بسياساته حفنة من الإرهابيين وتجعله يسحب قواته من كابل أو يعيد النظر بقوانين أقرت وشرعت،وبالتالي فإن الهدف الحقيقي لهذا التنظيم هو أخذ الفدية ومحاولة وضع كبيرهم الإرهابي بن لادن بصورة رجل العالم الذي بيده مفاتيح المفاوضات ! وهذا يعكس مجموعة حقائق أولها: ضعف الموارد المالية لهذا التنظيم وهذا ما اكتشفناه في العراق مسبقا وأشرنا إليه في أكثر من مناسبة، خاصة ان عناصر هذا التنظيم في العراق تقهقرت بفعل تصدينا لها وتجفيف الكثير من منابع تمويلها، وعلى ما يبدو فان هذا انعكس على مجمل عملياتهم في العالم والتي عادة ما يتم التخطيط لها والتمويل من مناطق الشرق الأوسط .والذي يتابع أخبار وبيانات هذا التنظيم سيجد بأنه يتخبط ويحاول خداع نفسه والآخرين عبر تلفيقه أخباراً كاذبة، وقد تم كشف هذا من خلال خبر أعلنته ما تسمى بدولة العراق الإسلامية مقتل أربعة أردنيين هم «يوسف أنور الملقب بأبي شربي، وعبد الكريم طه سماره الملقب بأبي عبد الرحمن، وعلاء إبراهيم أحمد الملقب بأبي محمد، وخضر موسى رمضان المعروف بأبي حمزة».وهؤلاء قتلوا في معركة اشتبكوا خلالها مع الأميركيين. وقد يمكن تصديق هذا فيما لو اعلن من قبل الأمريكان الذين نفوا نفيا قاطعا حدوث أية معركة بينهم وبين مجاميع من تنظيم القاعدة في أية بقعة من ارض العراق ، وهذا يجعلنا نستنتج بأن هؤلاء قتلوا إما بأيدي القوات الأمنية العراقية التي تطارد فلولهم باستمرار أو إنهم من أولئك الذين فجروا أنفسهم في أسواق ومحال ومتاجر العراق من أجل قتل الشعب العراقي .وبالتالي فإن المتابع يمكنه أن يشخص تكتيكاً جديداً يتبعه تنظيم القاعدة في جميع بقاع العرب والمسلمين تتمثل بالبحث عن مصادر تمويل جديدة ، محاولة إبقاء زعماء القوى الإرهابية بالواجهة الإعلامية ، محاولة زرع الفتنة بين الغرب والعرب
هل غيرت القاعدة أساليبها؟
نشر في: 24 نوفمبر, 2010: 05:31 م