TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > التاريخ مرة أخرى هل هو صناعة أم كتابة؟

التاريخ مرة أخرى هل هو صناعة أم كتابة؟

نشر في: 24 نوفمبر, 2010: 05:34 م

إيمان محسن جاسمفي البداية أنا سعيدة جدا بأن أجد من يعقب على مقال نشرته في جريدة المدى ، وهذا يدلل على إن المدى جريدة النخبة والمثقفين ، خاصة إن الموضوع يتعلق بالتاريخ وحساسيته ، وفي هذا الميدان بالذات أنا أحترم وجهة نظر الآخرين حتى وإن تقاطعت بشكل أو بآخر مع وجهة نظري ، ولكنني أحاول الابتعاد عن تسمية الأشياء بأسمائها قدر المستطاع خاصة ما يتعلق منه بمسألة الرؤية التاريخية، لهذا وجدت نفسي في حالة تتطلب مني أن أعلق على ما جاء في  "إنصافاً للحقيقة..
 ملاحظات بشأن (كتابة التاريخ أم صناعته؟)" للكاتب طارق الجبوري يوم الثلاثاء 23 تشرين الثاني الجاري، وحقيقة الأمر إن ما نشر لي في هذه الصفحة بتاريخ 18 نوفمبر تحت عنوان كتابة التاريخ أم صناعته ، هو مقال ضمن ملف باشرت جريدة المدى بطرحه عبر سلسلة مقالات لعدد من الكتاب العراقيين وكل منهم نظر إليه من زاوية بعينها، فيما كنت أنظر إليه من زاوية ربما غابت عن نظر الآخرين ، وهذه الزاوية تتمثل برؤيتي للتاريخ العربي بصورة عامة وتاريخ ما بين النهرين بصورة خاصة .ويعرف الجميع بأن العرب يعتمدون الرواية بصورة كبيرة جدا في سرد الحوادث التاريخية  بل وجعلوا بعض الأحداث دلالة تاريخية بدليل أنهم يقولون ولد الرسول الكريم محمد (ص) في عام الفيل وهذا يؤكد عدم اعتماد التقويم بل اعتماد الأحداث رغم وجود التقويم الميلادي آنذاك ووجود بعض المسيح في شبه جزيرة العرب ، وتجارة العرب مع الإمبراطوريات المجاورة لهم واحتكاكهم بها، ومع هذا لم يوثقوا بالتاريخ المعهود بل اعتمدوا ما يحصل من أحداث لتكون دلالة تاريخية ، وتنتهي بحدوث حالة جديدة حتى جاءت الهجرة النبوية لتشكل العلامة الأبرز في مسارات حركة التاريخ .ومع هذا فإن التاريخ في بلاد العرب ارتبط بشكل كبير بالدين وسخر لخدمة ولاة الأمر خاصة إن فترة حكم الدولتين الأموية والعباسية طويلة جدا امتدت أكثر من ستة قرون هو عمر التاريخ الوسيط للعرب الذي انتهى بسقوط الدولة العباسية في بغداد ودولة الموحدين في المغرب العربي ، ولا يمكن لنا أن نتتبع وثائق تاريخية يمكن اعتمادها في تلك الحقبة، لأن التاريخ كما قلنا أرتبط ارتباطاً قوياً بالدين لدرجة إن هنالك آلاف الأحاديث  النبوية الشريفة ظهرت في حقبة الدولة الأموية غير مسندة إسنادا قويا ومشكوكاً في صحتها بدرجة كبيرة جدا، في ما يتعلق بالدين فكيف يمكن توثيق التاريخ ، هذا التاريخ الذي ارتبط كما أشرنا بأمراء وولاة أمر غايتهم الأساسية تسخير الدين لصالحهم ؟ وهذا ليس لدى العرب والمسلمين فحسب بل هو موجود في أوروبا أيضا عبر ارتباط الكنيسة بالحكم في القرون الوسطى في أوروبا وما جرته من حروب وويلات تحت مسميات تاريخية – دينية ، فباسم المسيح شنت أكثر من ثماني حروب رفع الصليب فيها وسفكت فيها دماء غزيرة من أجل إرضاء الكنيسة ، حتى انتهى دورها وتقلص نفوذها وسط نمو التيارات العلمانية التي استطاعت فصل الكنيسة عن تسيير أمور الدولة في أوروبا.وبالتأكيد فإنني أتفق مع الكاتب طارق الجبوري  حول وجود مؤرخين استطاعوا توثيق مرحلتهم التاريخية ولكن ما نجده متداولا اليوم في مناهجنا الدراسية وعلى مستويات عالية تصل للتعليم الجامعي ورسائل الماجستير والدكتوراه يعتمد بشكل كبير جدا على ما كتبته أقلام الأنظمة السياسية وتداولته منذ ألف عام وأكثر لدرجة بإننا لم نعتبر حكم الدولة العثمانية للأمصار العربية والإسلامية والذي امتد أربعة قرون احتلالا شأنه شأن الاحتلال الصفوي والمغولي  والفرنسي والانكليزي ، وقد اعتبر احتلالاً فقط بداية عام 2010 !! ربما السبب يكمن في فكر وفلسفة صناع التاريخ وليس كتابه الذين لم يجدوا ثمة داع لوصف الدولة لعثمانية بالدولة المحتلة، رغم إن ممتلكاتها وصلت النمسا وقريبا من كوريا !! بينما يبرز هؤلاء الكتاب  فترة الاحتلال الفرنسي لمصر والتي دامت 3 سنوات بأنها احتلال ، وتم طردهم شر طردة من قبل محمد علي باشا الذي قدم لمصر معاونا لقائد الجيش العثماني المكلف بطرد الفرنسيين ، وتحول محمد علي إلى حاكم لمصر رغم انف الدولة العثمانية ، أي تم تبديل محتل بآخر لكنه مسلم !! لهذا عندما نقول ارتبط التاريخ بالدين لم ننطلق من فراغ بقدر ما هي ثنائية سخرها الحكام والولاة وأجادوا في صناعة تاريخ مغاير تماما لمسارات التاريخ الحقيقية .وبالتالي وفي نهاية سنوات الرجل المريض ( الدولة العثمانية ) برزت تيارات قومية كما أشرنا سابقا تزامن وجودها مع بداية الحملات الأوروبية التوسعية الاستعمارية أيضا ، وهؤلاء أرسلوا الكثير من المستشرقين قضوا سنوات عديدة يتجولون ويكتبون ويؤرخون لدرجة إن الكثير من المصادر التاريخية التي نعتمدها في دراساتنا هي كتب مترجمة  لهؤلاء المستشرقين الأجانب، وآخر ما صدر كتاب المدى حول بابل،وهي سلسلة كتب شهرية توزع مجاناً مع الصحف اليومية في العراق والكويت والإمارات ومصر .نقول بروز تيارات قومية تزامن مع ضعف الدولة العثمانية مما مهد الطريق لتشكيل منتديات وملتقيات وجمعيات  لمفكرين درسوا في أوروبا في فترة سطوع نجم القومية الألمانية سواء قبيل الحرب العالمية الأولى أو بعدها خاصة وان ألمانيا خاضت حربيين عالميتين وخسرتهما لاتباعها النهج القومي وحتى تحالفاتها في كلا الحربيين كانت مع مدارس فكرية وأيدلوجية قريبة منها جدا. ومن الطبيعي أن يحمل المفكرون ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram