ترجمة: عمار كاظم محمدكان المطر ينزل في احدى الاماسي في ولاية فرجينيا الريفية وكانت منال جعفر تراقب ابنها البالغ من العمر سبع سنوات وهو يملأ الصندوق بالاطعمة المجمدة من الرفوف في مخزن الطعام حيث اعتقدت، كما لو انها عادت الى حياتها القديمة في العراق، فامتلأت عيناها بالدموع.
قبل سبع سنوات كانت منال تعمل طبيبة في بغداد وكان زوجها استاذا في الجامعة، وحاصل على شهادة الدكتوراه في علم الاحياء الدقيقة وكانا سعيدين حيث اجرهما كان جيدا ومحاطين بالعائلة والاصدقاء لكن في صباح يوم الخامس عشر من تشرين الثاني عام 2003 وبينما كانت منال وزوجها يتهيأون لأخذ الاطفال الى المدرسة اندفع ثلاثة رجال مسلحين الى داخل المنزل واطلقوا عليهما امام الاطفال، منال لم تكن تعرف سبب ذلك ولم يعلن احد مسؤوليته عن الحادث وقد نجت من اطلاق النار بينما لم ينج زوجها وتوفي في الحال. بعد عام من ذلك توفي ابنها الأكبر البالغ من العمر 16 عاما في ظروف غامضة وكان على منال ان تعمل بوجود ضغوط المعيشة للحياة في العراق حيث كان العنف يضرب بشكل عشوائي لكن وفاة ابنها هو القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال ومثل ثلاثة ملايين عراقي آخرين خلال السنوات الأخيرة، هربت منال واطفالها الثلاثة الى الأردن ومن ثم الى الولايات المتحدة حيث تزايد عدد اللاجئين العراقيين بشكل دراماتيكي خلال السنوات الثلاث الأخيرة بعد الانتقادات التي وجهت لأدارة الرئيس السابق بوش بسبب العدد القليل من اللاجئين الذين تم قبولهم آنذاك. منذ عام 2007 ولحد الآن اكثر من 54 الف عراقي أدخلوا الى الولايات المتحدة بالاضافة الى 6651 عراقياً وعوائلهم قد استلموا تأشيرات الهجرة الخاصة للناس الذين عملوا لوكالات تابعة لحكومة الولايات المتحدة وهناك حوالي الف عراقي تم اعادة توطينهم في شمال فرجينيا لكنهم الآن يقولون انهم يترددون قبل ان ينصحوا احدا باللحاق بهم تقول منال التي وصلت عام 2008 لقد جئنا الى هنا بحثا عن حياة افضل. لكن اللاجئين من اي مكان يأتون إلى امريكا مع الكثير من عبارات الاستدراك حيث يتم ادراك الحقيقة المرة بأن الحياة في الولايات المتحدة ليست كما تخيلوها، فهم يكتشفون انها يمكن ان تكون غالية وتعاني من الوحدة فيها ايضا، وبالنسبة للعراقيين هناك غالبا عبارات استدراك اكثر حيث يبقى الكثير من التساؤل المر حول تأثير التواجد الامريكي في بلادهم والذي تسبب في سنوات عديدة من العنف. حينما وصل اللاجئون في البداية للولايات المتحدة كانوا يحصلون على راتب 1000 دولار شهريا للفرد ويوضعون في بيوت مدفوعة الايجار لفترة محددة اعتمادا على وضعهم لكن مسألة الحصول على عمل ليست مسألة سهلة في بلاد تعاني اسوأ فترات الكساد فيها منذ عقود.يقول مسؤولون في مكتب وزارة الخارجية الامريكية لشؤون اللاجئين والاسكان والهجرة انه خلال العام الماضي استغرق اللاجئون من 6 الى 12 شهرا للحصول على عمل وهو ضعف المدة الزمنية المعتادة كما ان على العراقيين ان يكافحوا من اجل قبل عمل اقل مرتبة عما كان عليه في بلادهم. الآمال بالنسبة للاجئين العراقيين اعلى مما هي عليه لدى اللاجئين القادمين من البلدان الافريقية كما تقول كرستينا مارلو المدير التنفيذي للـIMNAI للثقافات المتعددة وهي منظمة تساعد اللاجئين في ولاية بنسلفانيا حيث تدير مخزن الطعام الذي زارته منال. واضافت ان الكثير من اللاجئين الذين قدموا من بلدان أخرى قد قضوا سنوات في المخيمات في ظروف سيئة بينما يجيء العراقيون وهم يحملون حواسيبهم النقالة سائلين عن مكان الانترنت. ويميل البعض من اللاجئين الى الاستقرار في شمال فرجينيا خصوصا اولئك الذين عملوا مع الوكالات الامريكية في العراق، حيث قال مارك صالون مدير العمليات بالمجلس الامريكي"ان سبب ذلك يعود الى كونهم يأملون في الحصول على عمل حكومي هناك"لكن في العادة لايحصل ذلك سوى انه يعجل في الحصول على الكارت الاخضر الخاصة بتأشيراتهم حيث كل اللاجئين في الولايات المتحدة مؤهلون لنفس المنافع بغض النظر عن ظروف هروبهم. ومن اجل ردهم الهوة بين الحلم والحقيقة اقترح البعض من المسؤولين عقد جلسات توجيه ثقافية لتهيئة اللاجئين للحياة في الولايات المتحدة حيث تركز الجلسات على مواجهة البيئة الاقتصادية الصعبة والصعوبات التي يواجهها المتعلمون وذوي المهارات من اللاجئين من اجل ايجاد عمل في نفس الوظيفة التي كانوا يعملون فيها في بلدانهم. لقد كانت منال افضل حالا فقد وصلت وهي تتقن اللغة الانكليزية ودرجتها الطبية سمحت لها بايجاد عمل كمساعد لطبيب عراقي في الولايات المتحدة وهي تقول انها ممتنة لحصولها على العمل لكنها تضيف انه من الصعب ان تتقبل عمل كمساعد لطبيب بعد 18 سنة من الخبرة في العمل كطبيبة في بلادها فهو لايتناسب مع شهادتها وعملها لكن تعمل على اية حال فيها بدلا من عدم الحصول على وظيفة. عن: واشنطن بوست
لاجئون عراقيون: حلم "أميركا" يتحول إلى كابوس.. العمل أصعب من الإقامة
نشر في: 24 نوفمبر, 2010: 07:58 م