ابتسام عبد الله"غاتسبي العظيم"،رواية سكوت فيتزجرالد الشهيرة تعود إلى الأضواء لتسيطر على المشاعر مجدداً فهناك مسرحية مأخوذة عنها تعرض حالياً بنجاح كبير في لندن،كما أن فيلما جديدا عنها،يتم الإعداد له في هوليوود،علما ان النسخة الأولى أنتجت عام 1974،بطولة روبرت ريدفورد وميا فارو.
ويبدو أن الزمن الحالي مناسب لاستعادة تلك الرواية التي تتحدث عن الأيام الذهبية في أميركا قبل حلول مرحلة الركود الاقتصادي في أواخر العشرينيات من القرن الماضي، وجي غاتسبي،بطل الرواية،أرسى تقاليد اجتماعية راقية في لونك آيلاند،متميزة بقصره الجميل والحفلات الباذخة وشخصيته الفذة،وفي العشرينيات،كان التفاؤل والمرح سائدا في الأوساط الأميركية،وارتبطت تلك الحقبة بصعود موسيقى الجاز ويبدو أن الأميركيين يحسون بالحنين إلى تلك الأعوام،إذ أن مسرحية عن رواية غاتسبي،حققت نجاحا كبيرا خلال أشهر الصيف في نيويورك كما نظمت جلسات قراءة للرواية في أكبر مسارح المدينة،حيث تتابع عدد من الأشخاص في قراءتها واستغرق ذلك حوالي ثماني ساعات،وحضرها ألوف الأشخاص.أما في هوليوود،فالعمل جارٍ لإعداد فيلم جديد عن الرواية من إخراج باز لوهرمان،أُسندت بطولته ليوناردو دي كابريو أما شخصية البطلة وهي ديزي بوكمان،فقد رشحت عدة ممثلات لتأدية دورها ومنهن سكارلت يوهانسن وناتالي بورتمان وكيرا نايتلي،وكانت الفائزة به هي الممثلة الانكليزية كيري موليغان،والتي انخرطت بالبكاء حالما سمعت بالخبر والاهتمام برواية فيتزجرالد لم ينحصر على ما تقدم فقط،بل امتد إلى حقل الموسيقى،إذ بدأت اوركسترا ماديسون بتقديم أوبرا غاتسبي،مجدداً بنغمات حيوية سريعة لتصبح مع تقدمها،حزينة وثقيلة.ويعتقد نقاد الأدب،أن عودة الاهتمام بالرواية،يعود إلى إحساس الأميركيين بانتهاء عصر الرخاء والتعاظم الاقتصادي في البلاد: كثرة العاطلين عن العمل وقسوة الحياة اليومية والتراجع الاقتصادي. ورواية" غاتسبي العظيم"، طبعت عام 1925، عندما كانت أمريكا مزدهرة بالانتعاش الاقتصادي الذي شمل البلاد، قبل حلول الكساد بعدئذ. وهي تتحدث عن الحياة الاجتماعية التي ازدهرت في البلاد بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وصعود اجيال جديدة من الأغنياء، وسيادة تقاليد اجتماعية مزكرشة لم تكن معروفة من قبل. وشخصية البطل في الرواية، جاي غاتسبي، نموذج لتلك الحقبة الزمنية وعمود من أعمدة المجتمع الجديد وممثل لطبيعة أحلام الأمريكيين الذهبية آنذاك.ويقول المخرج الاسترالي باز لوهرمان، انه يرى تطابقاً ما بين صعود وسقوط غاتسبي، والحياة الأمريكية اليوم حيث يمر الاقتصاد بمرحلة صعبة.ويتحدث لوهرمان عن تناوله الرواية وتحويلها إلى فيلم:"لو أردنا تقديم مرآة للناس تقول"، أنهم ثملون بالمال، فأنهم لن يذهبوا لمشاهدة الفيلم، ولكن ان عكسنا الصورة وعدنا إلى زمن مضى، فأنهم سيرغبون بمشاهدته. الناس في حاجة إلى شرح الحالة التي هم فيها الآن وأين كانوا قبل ذلك. والرواية عبر الفيلم ستقدم لهم تفسير ما يحدث. ويبدو كلام لوهرمان معقولاً، خاصة ان الـBBC ، أجرت مؤخراً استفتاء في أمريكا يتناول الحلم الأمريكي وموته. فكانت إجابة 43% بالإيجاب إذ أن الثراء في اعتقادهم سيكون بالنسبة للأثرياء فقط.ومثل غاتسبي، فأمريكا المتفائلة المزدهرة مقبلة على مرحلة من الحقيقة القاسية.وإضافة الى رواية غاتسبي التي تدور حول فكرة الازدهار ثم القنوط، هناك روايات وأعمال مسرحية تناولت الفكرة نفسها ومنها، "موت بائع متجول" لآرثر ميللر و"حقل الشوفان" لسالينجر، 1951، التي تقدم نموذج المتمرد الشاب الذي يرفض الحلم الأمريكي، معتقداً بأن البراءة ترتبط بمرحلة الطفولة فقط. ونجد في رواية"نار الخيلاء" لتوم وولف، 1987، عن الهاوية ما بين وول ستريت (مركز المال وسادته) والفقر في نيويورك. وهناك رواية رابعة تناولت الفكرة نفسها وهي،"عناقيد الغضب" لجون شتاينبك، عن أحوال عائلة تغادر اوكلاهوما إثر جشع الأغنياء إبان أيام الكساد الاقتصادي.عن/ النيويورك
عـــودة غـــاتـسـبـــي.. والـحـلــم الأمـيــركــي
نشر في: 26 نوفمبر, 2010: 05:03 م