ميعاد الطائيتتطلع المرأة العراقية اليوم لدور إيجابي كبير في البرلمان العراقي الجديد عبر نسبة التمثيل العالية للنساء في هذا المجلس حيث منحها الدستور العراقي نسبة 25% حسب نظام الكوتا النسائية.وبالرغم من إن الكوتا هي السبيل الوحيد للوصول إلى هذه النسبة العالية من التمثيل النسوي في البرلمان ومجالس المحافظات إلا إن المرأة البرلمانية والسياسية بصورة عامة مازالت تعاني من النظرة السلبية تجاه فاعليتها في ظل مجتمع ذكوري تحكمه أعراف وتقاليد تعمل على تعطيل دور المرأة،
إضافة إلى طغيان ثقافة (العيب الاجتماعي والحرام الديني) في هذا المجتمع تجاه قيادتها له، لذلك نجد إن هكذا مجتمع لا يؤمن بصورة عامة ورجاله بصورة خاصة بقدرات المرأة على ممارسة دورها في قيادة المجتمع ، المشكلة إن هذه القناعة مترسخة لدى البعض من النساء اللواتي يرفضن الخروج من وصاية الرجل والتبعية له .ولقد كان جمهور النساء ينظر بعين المتفحص للمفاوضات التي كانت تقوم بها القوى السياسية في سعيها لتشكيل الحكومة والتي خلت على أهميتها من العنصر النسوي بصورة كبيرة ولافتة للنظر لتكون النساء الغائب الأكبر عن الحراك السياسي , وهذا يعكس التهميش الكبير لدور المرأة في المشاركة بالقرارات المصيرية للبلاد ومنها: أزمة تشكيل الحكومة والتي انتهت بهمة الرجال كما يقولون وهي فعلا انتهت بهمة الرجال دون مشاركة النساء .ومن الأهمية بمكان ان يدرك الجميع أن المرأة العراقية قدمت الكثير من التضحيات حيث عانت عبر عقود طويلة من التهميش ومصادرة الرأي وتغييبها عن المشاركة في اتخاذ القرارات بما فيها القرارات الخاصة بتنظيم حياتها مما انعكس سلبا على وضعها داخل المجتمع .ولقد تحملت المرأة أخطاء الحكام وحروبهم التي زجوا فيها البلاد فدفعت الثمن غاليا بفقدها الزوج والأب والابن لتكون الخاسر الأكبر بفعل الأضرار المادية والمعنوية والبشرية التي تعرضت لها في تلك الحقبة المظلمة وازدادت بذلك أعداد اليتامى والأرامل , وازدادت معاناتها بعد حقبة سقوط النظام المباد، حيث طال الإرهاب جميع مجالات الحياة واستهدف الرجال والنساء معا ما ولد نكبات جديدة ضاعفت من أعباء المرأة العراقية دون أن تجد من ينصفها كمتضررة كبيرة في ساحة الصراعات والتناحرات والأجندات الخارجية، وقد كانت تنتظر من البرلمان العراقي ان يقوم بتفعيل قوانين مهمة لصالح المرأة حيث يمكن ان يلاحظ المتابع غياب اي جهد تشريعي ملحوظ أو ايجابي يمكن ان يسجل لصالح قضية المرأة الأرملة أو حتى التفكير بتحسين أحوالها الاقتصادية و محاولة تأمين حقوقها أو دعمها بخدمات اجتماعية لها ولأيتامها، فقد ترك هذا الأمر لمنظمات المجتمع المدني ذات الدعم المحدود واليسير والمتباعد، لذلك لابد من التفكير بحلول تمكن المرأة من مواجهة الحياة وتربية أولادها من دون الحاجة إلى أحد ودون الوقوع في شرك الحاجة المذلة. وتوضح إحصائية لوزارة شؤون المرأة إن هناك ثلاثمائة ألف أرملة في بغداد وحدها، حيث يعلم الجميع إنه بعد سقوط النظام في 2003 كان على المرأة أن تدفع ثمنا إضافيا لتخسر ما تبقى لها من الأولاد ضحايا للإرهاب والتحالف بين القاعدة والبعث من بقايا النظام السابق، لتستمر رحلة التضحيات الغالية ولتبقى المرأة تؤدي واجبها نحو الوطن من دون أن تنال أي حق لها، وهذا خلل كبير في مبدأ المواطنة التي يجب أن تكفل الحقوق للمواطن الذي يؤدي واجباته تجاه وطنه بل ويقدم التضحيات تلو الأخرى. من هنا نجد إن المرأة العراقية يجب أن تكون لاعبا مهما في العملية السياسية، لأنها يجب أن تمارس دورها في انتصار التجربة الديمقراطية في العراق الجديد، وعلى السلطتين التشريعية والتنفيذية تقديم يد العون للمرأة لضمان عدم عودة الظلم والاستبداد الذي لحق بالعائلة العراقية بوجه عام والمرأة بشكل خاص.كلنا أمل بالنساء البرلمانيات الجدد أن يحققن نسبة نجاح اكبر مما تحقق في الدورة الماضية والتي رافقها الكثير من السلبيات منها: حداثة التجربة وقلة الخبرة ونظام المحاصصة المقيت الذي أبقى البرلمانيات من النساء رهناً بأحزابهن وطوائفهن .أما اليوم مع نجاح التجربة الديمقراطية وارتفاع سقف الحرية واكتساب الثقة بالنفس ستثبت المرأة إنها رقم مهم في المعادلة السياسية لتشارك مع الحكومة الجديدة والبرلمان الجديد في مناصرة قضايا المرأة ومساعدة الرجل في بناء العراق الجديد.
الحراك السياسي والغائب الأكبر
نشر في: 28 نوفمبر, 2010: 05:19 م