علي نافع حموديبعد أزمة اليونان الاقتصادية ، جاءت إيرلندا ، والبرتغال وإسبانيا في الطريق .. ماذا تنتظر منطقة اليورو لكي تعلن انهيارها؟كما يعرف الجميع بأن منطقة اليورو تضم 16دولة بعملة موحدة وبنك واحد وصندوق للإنقاذ بقيمة تريليون دولار من أجل الوحدة النقدية ، ومع هذا فالأزمات تعصف بدول اليورو واحدة تلو الأخرى ، وتتصاعد معها الانتقادات ، وسط تمرد دافعي الضرائب في الدول ذات الاقتصاد النشط كألمانيا الذين يضطرون لإنقاذ حلفائهم على حساب مدخولاتهم .
وفي النهاية المطاف قد تعلن دولة أو أكثر أنها استكفت وتنسحب أو تضطر للخروج من المجموعة وتعود لعملتها الوطنية التي كانت تستخدمها قبل أن تقرر الانضمام إلى مغامرة الوحدة النقدية والاقتصادية الأوروبية التي ضمت دولا تعاني أساسا مشاكل اقتصادية كبيرة كاليونان والبرتغال وحتى إيرلندا التي ما زالت تحتاج لقروض طويلة ومنح كبيرة من اجل انتشال نظامها المصرفي الذي انهار متأثرا بأزمتين: الأولى الأزمة العالمية والثانية أزمة داخلية كان سببها انخفاض اليورو، أما الدولار والجنيه الإسترليني خاصة وان اغلب المصارف الايرلندية متداخلة مع النظام المصرفي البريطاني الخارج عن منطقة اليورو حيث إن بريطانيا خارج مجموعة اليورو واحتفظت بعملتها الوطنية ولم تربط اقتصاديا بالعملة النقدية الموحدة . لهذا تأتي التوقعات بتفكك منطقة اليورو من جانب المتشككين في بريطانيا الذين يرى بعضهم أن منطقة اليورو وسياساتها النقدية المفترض أن تناسب الجميع كانت الآفة وراء مشكلات الديون الأوروبية التي شاعت في العاميين الماضيين لدرجة يؤكد فيها الاقتصاديون في بريطانيا عن الأزمة الكبيرة التي قد تعيشها الدول الـ16 في الأعوام القادمة إذا ما استمر الوضع هكذا. وخلال فصل الصيف قدم كريستوفر سمولوود المتخصص في الاقتصاد البريطاني لدى كابيتال أيكونوميكس ورقة بحثية من 20 صفحة بعنوان ''لماذا تحتاج منطقة اليورو إلى الانفصال''، وتوقع نوريل روبيني المتخصص في الاقتصاد الأمريكي أن تضطر دول اليورو إلى التخلي عن عملتها. لكن مع تسارع وتيرة الموجة الثانية من أزمة الديون الأوروبية التي تعصف بإيرلندا وتضع الضغوط على البرتغال وإسبانيا تظهر مجموعة جديدة من المتشككين. وهم يعتقدون أنه قد يكون من الصعب على منطقة اليورو أن تستمر بشكلها الحالي حتى وإن ظن كثيرون أن الاستمرار هو السيناريو الأكثر ترجيحاً. والسبب الرئيسي في ذلك هي الاختلافات الاقتصادية الكبيرة والمتباينة بين الدول المنضوية في منطقة اليورو وقدراتها على مواجهة أية أزمة اقتصادية قد تعصف بالعالم وتتأثر بها أوروبا وهذا يعني بأن أوروبا ليست ذات اقتصاد واحد ونسبة نمو واحدة بل هنالك فارق كبير جدا بين دولها وعلى سبيل المثال فإن ألمانيا ذات الاقتصاد القوي تقابلها اليونان الضعيفة اقتصاديا وإسبانيا والبرتغال أيضا .لهذا فإن أحد الحلول المطروحة أن يتم طرد الدول الضعيفة اقتصادياً من منطقة اليورو بغية تجنيب مزيد من الدول تداعيات الانهيارات المصرفية لهذه الدول ، والحل الثاني يكمن في انسحاب الأقوياء من هذه المنطقة، ويتبنى هذا الرأي بعض الألمان الذين يجدون أرضية شعبية تتناغم مع رغبتهم بالعودة إلى المارك وهيبته، بعيداً عن العملة النقدية الموحدة التي فقدت بريقها من خلال الدول الأكثر ضعفا في الأداء الاقتصادي على مدى السنوات الماضية . وهذه الأزمات الاقتصادية المتسارعة في أوروبا تعكس بالتأكيد عدم التجانس بين اقتصاديات هذه المجموعة من جهة، ومن جهة ثانية تباين موارد هذه الدول ونسب الدخل القومي رغم رفع الكثير من الحواجز التي تحول دون تنشيط وتفعيل اقتصادياتها ، وهذه النقطة بالذات ربما ساهمت لوقت قصير في عدم اندلاع الأزمات في دول عدة ، إلا إنها لن تكون مانعا نهائيا يحول دون انتقالها لدول أخرى ربما وجدت في انضمامها لمنطقة اليورو علاجا لمشاكلها الاقتصادية المزمنة، وفي مقدمة هذه الدول إسبانيا والبرتغال المرشحتان بقوة لأزمة اقتصادية قد تكون ضربة قوية جدا لليورو الذي حلم به الأوروبيون ذات يوم أن يكون العملة التي تتسيد العالم بدلا من الدولار .
نهاية عصر اليورو
نشر في: 29 نوفمبر, 2010: 05:26 م