القسم الأول: السينمالطفية الدليمي لأنني مولعة حد الافتتان بالسينما والحكايات السحرية كان لقائي بالكاتب الكولومبي نيكولاس بوينا فنتورا فيدال وهو مخرج وراوي حكايات ممتع وامتد الحوار بيننا الى قضايا متعددة و توغلنا فيه نحو عمق الفكر الاسطوري لشعبينا وتناولنا البنى السحرية للثقافات البدائية والحكايات الشفاهية التي يتعالى عليها كثير من المثقفين ،
التقينا في جزيرة (غراند كاناريا) احدى جزر الكناري الاسبانية صيف 2004 عندما دعيت لحضور ندوة الرواية على هامش مهرجان مسرح القارات الثلاث في قرية (اغويماس) الساحرة ، وتحدثنا بالانكليزية التي يجيدها نيكولاس الى حد ما - عن بلدينا والتماثلات المدهشة بين اوضاعنا الانسانية والسياسية . وأخبرني ان حكاياته الشفاهية التي يرويها على مسارح العالم مسجلة لدى اليونسكو وهو ينحدر من عائلة حكائين ورواة ورث عنهم موهبة سرد الحكايات على المسرح مثل جده وأبيه وهو فن يحبه الكولومبيون كما انه سجل حكاياته على الفديو ويتداولها الناس على الاقراص المدمجة .rnيميز الكولومبيون نوعاً من السحر والغياب المفاجىء على الضد من شعوبنا التي – تحب ان تكون مرئية وحاضرة او مسموعة بنبراتها العالية ، الكولومبيون يظهرون ويختفون كومض البرق مثل السحرة - يظهر نيكولاس مع صديقته الفاتنة (بيلار) ذات الاصول الهندية الحمراء كصورة متوضعة خارج الكادر ، تفيض ملامح بيلار الخلاسية بضوء غامض ثم تختفي فلا نعود نراها الا وهي تحمل معدات التصوير مع نيكولاس صباح اليوم التالي او نراهما يصوران طفلا او يوثقان مشهدا من مشاهد المهرجان _ نيكولاس صانع ماهر لاكثر من عشرين فلما وثائقيا في كولومبيا وفرنسا..يخبرني نيكولاس بشيء من الزهو انه مطلع على الموروث الرافديني من اساطير وقصائد ومولع بشكل خاص باعادة قراءة واستنطاق قصيدة الخلق البابلية ونحن نحتسي القهوة مع بيلار في كافيه (اورورا) امام كاتدرائية سان سيباستيان ، حواراته مع الحاضرين تتواصل عن قضايا الرواية وادب اميركا اللاتينية والديكتاتوريات والغزو والحكايات والمسرح ولابد من ان يتوقف في كل حوار لدى (ماركيز) الذي فتن به نيكولاس منذ صباه المبكر ، يقول كطفل يتذكر مذاق قطعة حلوى : احب ملحمة كلكامش وقد تأثرت بها واعدت قراءتها ، انها نبع من الفن والفكر وفلسفة الوجود كما احببت الف ليلة وليلة واستفدت منها . قال لي : اتعلمين- ان سفر التكوين نقل فكرة التسمية من قصيدة الخلق البابلية ..؟ الالهة البابلية سبقت في تسميةالاشياء لتمنحها الوجود ، لاشيء يوجد قبل ان يسمى ، الفكر الرافديني منح الاسماء للاشياء فانوجدت فقلده سفر التكوين .. أقول له : ان ليس هناك ثقافة صافية في تاريخ البشرية فالثقافات تنهل من بعضها على مر العصور ومثالنا الثقافة الاسبانية التي تأثرت بالثقافة العربية واليهودية والمسيحية على حد سواء والثقافة العربية التي تاثرت بالسومرية والاغريقية والهندية والفارسية كما اثرت هي بدورها في تلك الثقافات ..الثقافة اللتي لاتلقح تتكلس وتموت ..لي : ان فن كل عصر يلخص رؤيتنا للعالم ، ولانفسنا واجسادنا واحلامنا ..تحدثنا عن السينما العربية والكولومبية وخصائص الثقافتين وتشابههما في بعض المفاصل الاساسية ، قال هل انت كولومبي ام رجل كوني ؟؟- انا انسان من هذا العصر احمل مؤثرات لاتينية وبدائية واسطورية من ثقافات متعددة وهذا ما جعلني كولومبيا .. هجرت كولومبيا منذ سنوات واعيش واعمل في فرنسا ، عجزت عن انتاج افلامي وتمويلها في كولومبيا ، فغادرت مدينة (كالي) اكبر مدينة بعد (بوغوتا) وانا في الثامنة والعشرين ، ينتمي والداي لليسار الكولومبي وكانا يملكان فرقة مسرحية من اهم الفرق في كالي مدينة المسرح ومهرجان السينما ،تعلمت بشكل شخصي خارج المدارس ، لم اكن اتحمل النظام المدرسي الجامد اعتمدت على نفسي وامتلكت كاميرا 16 ملم في سن السادسة عشرة وبدأت اصنع افلامي واختلق الحكايات واكتب القصص..-بم تحب ان توصف : هل انت مخرج ام كاتب ام راوي حكايات على المسرح ؟؟- لااعتبر نفسي رجلا ذا مهنة محددة ، لست مجرد سينمائي او قاص او روائي او حكاء ، انا رجل يمتلك مشروعا وتقلقه الافكار ويستيقظ منتصف الليل مرعوبا ويتساءل عن كيفية ابلاغ افكاره للآخرين ولاتهمه ال
السينماالكولومبية:الحب والموت والشعور بالذنب..مع المخرج الكولومبي نيكولاس بوينافنتورا
نشر في: 1 ديسمبر, 2010: 05:07 م