اكد مراقبون ومحللون ان قمة كازخستان الاوربية تمثل اختبارا لدبلوماسية هذه الدولة الفتية ولانفتاحها على العالم. أما للاتحاد الأوروبي فهي فرصة لنشر السلام والأمن في المناطق النائية من آسيا الوسطى عبر وضع أسس واضحة لمكافحة تجارة المخدرات وملاحقة الإرهاب بعيدا عن أراضي الاتحاد ، مثلما تمثل القمة فرصة أيضا لدول الاتحاد لعقد صفقات اقتصادية جديدة فيما يعرف “بأوراسيا” أملا في تقليل خسائرها الناتجة عن الأزمة العالمية.
نور سلطان نزار باييف، رئيس كازاخستان، يقول عن القمة: “في الحقيقة، كانت كل دولة مشغولة بمشاكلها الخاصة، ولكن بعد وقوع الأزمة الاقتصاية العالمية والتي نشأ عنها “مجموعة العشرين” والتي تضم دولا كثيرة ناشئة، أدرك الجميع أنه لا خلاص من هذه الأزمة بغير التعاون المشترك. سأضرب مثالا، الولايات المتحدة وروسيا، توطدت علاقتهما الثنائية بعدما أدركا أن الكثير من الملفات كالأمن والإرهاب ومكافحة تجارة المخدرات تستدعي التقاءهما على أرضية مشتركة وأنه بغير ذلك التعاون لن يستطيعا حل المشاكل العالقة بينهما”وتظهر ترتيبات واستعدادات الآستانة أن هذه القمة حدث كبير في تاريخ هذا البلد الذي نال استقلاله من تسعة عشر عاما فقط. وهي فرصة كبيرة لكازاخستان لتجد لها مكانا في عالم أكثر اتساعا وانفتاحا. بجوار جارتيها القويتين روسيا والصين. كما أنها فرصة للاتحاد الأوروبي لضبط حدوده مع جواره الجغرافي.أنار خامزييفا، محللة سياسية، تتحدث قائلة: “لقد حان الوقت ليعيد كل من الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي وروسيا التفكير لبناء علاقاتهم المشتركة. لذا ستناقش هذه القمة بشكل أساسي قضايا الأمن التي تخص أوروبا وشمال أمريكا ومنطقة أوراسيا، كما ستناقش أيضا إمكانات التعاون مع موسكو في هذا المجال. لا يمكننا إنكار التقدم الحادث في علاقاتهم المشتركة منذ فترة ومن هنا أعتقد أن هذه القمة تأتي كإطار لتسليط الضوء على كل هذه التطورات. فجميع هذه الدول تدرك الحاجة الماسة لإيجاد مقاربة مشتركة لمواجهة التحديات و التهديدات”وبخلاف قضايا الأمن والسلام وتأمين مصادر الطاقة، تأمل المنظمة في بناء مجتمعات حرة ومفتوحة. وهو ما يشدد عليه سفير المنظمة في الآستانة ألكسندر كيلتشفيسكي بقوله: لا تنمية حقيقية بدون ديمقراطية أو حقوق إنسان. كما يشرح: “هذه البلاد تقدس الماضي والتقاليد وفي الوقت ذاته قادرة على التعود سريعا على تكنولوجيات الهواتف المحمولة والحواسيب. لكنها لاتستطيع التكيف بسهولة مع الديمقراطية وحقوق الانسان وهو امر يبدو انه متعلق بالعقلية الحاكمة ، ففي كل آسيا الوسطى لا نجد دولة واحدة شرعت في تأسيس آلية لتبادل وتناوب سلمي للسلطة أو وضعها موضع التنفيذ وذلك بخلاف قيرغيزستان”“منظمة الأمن والتعاون الأوروبي“، هيئة تداولية بلا سلطة عسكرية أو عقابية وغير قادرة على فرض قراراتها على الدول الأعضاء. وهكذا فإن الطريق نحو الديمقراطية لا يمر إلا بقاعات المناقشة وصالات المؤتمرات والقمم كقمة الآستانة ، مايكل إيمرسون، محلل بالمركز الأوروبي للدراسات السياسية، يخبرنا عن المصاعب : “ترسيخ الديمقراطية في جميع الدول الأعضاء بالمنظمة هو هدف سياسي مهم للاتحاد الأوروبي. فالأنظمة السياسية في آسيا الوسطى أنظمة سلطوية ولا تريد أن تشغل نفسها بتعقيدات الديمقراطية”أما الرئيس الكازاخستاني نور سلطان فيعلق قائلا: “عندما تقوم بعض الدول الأوروبية بتقييم وضع حقوق الإنسان في آسيا الوسطى فهي تفعله بعقلية حقبة الحرب الباردة، فبالنسبة لهم بعض الدول في العالم سلطوية، ولكن عندما يتحدثون عن الدول الغربية فإنهم يظهرونها كأنها ملائكة الديمقراطية، إنهم يستخدمون معايير مزدوجة. نحن أيضا عندنا نفس مشاكل الدول الأوروبية ولكنهم يقيمونها بشكل مختلف”.سيحاول البلد المضيف إظهار ما يتميز به من خصوصيات للترحيب بضيوفه. فهذه القمة ستضع كازاخستان على خريطة العلاقات الدولية كلاعب أساسي في منطقة آسيا الوسطى. أما بالنسبة للدول الأوروبية فهي خطوة سياسية واقتصادية جديدة نحو الشرق.والسؤال المفتوح الذي ستجيب عنه قمة الآستانة في كازاخستان: هل ستفتح “منظمة الأمن والتعاون الأوروبي” الباب أمام الدول الأوروبية للاستفادة من الفرص التي تقدمها لها آسيا الوسطى أم ستظل كيانا غير فعال يعود إلى حقبة الحرب الباردة؟
صعوبة في التكيف مع "حقوق الإنسان" والديمقراطية !!

نشر في: 1 ديسمبر, 2010: 06:17 م