القاهرة/CNN- ألقت نتائج الانتخابات البرلمانية التي شهدتها مصر الأحد الماضي، مزيداً من الشكوك حول مستقبل تداول السلطة سلمياً في أكبر بلد عربي، بعدما أظهرت انفراد الحزب الوطني بالسيطرة على مجلس الشعب (217 مقعدا)، في الوقت الذي بدت فيه المعارضة "بدون أنياب" حقيقية، ولم يترك لها الحزب الحاكم إلا خمسة مقاعد فقط، هي كل ما أمكنها الحصول عليه في الجولة الأولى.
وجاءت أحداث العنف التي رافقت عمليات التصويت وفرز الأصوات وإعلان النتائج الأولية، والتي راح ضحيتها نحو تسعة قتلى وعشرات الجرحى، بحسب تقارير، لتعكس مدى الاحتقان الذي أصبح سائداً في الشارع المصري، مما دعا البعض إلى الذهاب بعيداً في قولهم بإن "التغيير بالطرق السلمية أصبح مستحيلاً"، ولكنهم في الوقت ذاته، شددوا على أن ذلك لا يعني بالضرورة اللجوء إلى أساليب العنف.وشهدت الساعات التي تلت إعلان النتائج الأولية عقد العديد من المؤتمرات الصحفية لقيادات الأحزاب المختلفة، التي عبرت خلالها عن رفضها لتلك النتائج، بوصفها "لا تعبر عن إرادة الناخبين"، كما نظمت العديد من القوى السياسية والوطنية تظاهرات احتجاج، ضد ما اعتبروه "ممارسات تزوير فاضحة" لصالح مرشحي الحزب الحاكم، في مختلف الدوائر الانتخابية.النظام الخاسر الوحيدجماعة "الإخوان المسلمون"، التي خرجت من الجولة الأولى لانتخابات 2010 "خالية الوفاض"، رغم أنه كان لها 88 نائباً يمثلونها في البرلمان المنتهية ولايته، اعتبرت، على لسان مرشدها العام، الدكتور محمد بديع، أن "النظام المصري هو الوحيد الذي خرج خاسراً من هذه الانتخابات، كما أنه الوحيد الذي يتحمل مسؤولية إهانة مصر وتشويه صورتها أمام العالم كله".وقال بديع، في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء الماضي، إن "النظام أصبح هو المعارضَ الحقيقي لإرادة الأمة ولاختياراتها، رافضا حقوقها التي كفلها الدستور والقانون، وأصبح يضرب بها عرضَ الحائط".وأضاف أن "النظام دأب على ممارسة تزييف إرادة الأمة، وتزوير اختياراتها، وأصبح يستمرئ الكذب والتضليل على الجميع، حتى أصبح التزوير سمة ملازمة لعصره".أما النائب الإخواني السابق، الدكتور حمدي حسن، الذي خسر مقعده بدائرة "مينا البصل" في الإسكندرية، فقد أكد، تصريحات لـ CNN ، " أن هناك حالة من الاحتقان تعم الشارع المصري، كما أصبحت هناك قناعة بأن التغيير التغيير بالطرق السلمية أصبح مستحيلاً".ودعا حسن "القوى السياسية الوطنية" إلى "البحث عن وسائل أخرى للتعبير عن الرأي بعيداً عن صناديق الانتخابات".ولكن الدكتور محمد مرسي، عضو مكتب الإرشاد والمتحدث الإعلامي باسم الإخوان، أكد أن الجماعة "ليس في منهجها الخروج على النظام، أو الدعوة إلى الثورة، مثلما يروج البعض".وأكد مرسي أن "ما حدث يؤكد كذب الأقاويل التي كان يردِّدها البعض بأن هناك صفقة مع النظام،" مشيرًا إلى أن "الإخوان لا يعرفون لغة الصفقات، فهذه لغة مهينة، ومن يروج لها يُسأل عنها".النتائج متوقعةأما الدكتورة هالة مصطفى،رئيس تحرير مجلة "الديمقراطية"،الصادرة عن مؤسسة "الأهرام"،فقالت إن نتائج الجولة الاولى من الانتخابات جاءت كما كانت تتوقع إلى حد كبير،حيث أحكم الحزب الحاكم سيطرته على مجلس الشعب،ليصبح "مجلس الحزب الواحد"،مع وجود معارضة "غير محسوسة"لن تتعدىنسبتها 10 في المئة وقالت إن "الجديد في انتخابات هذا العام،أن النظام بدا أنه لم يسمح بالهامش الديمقراطي لأحزاب المعارضة كما كان في السابق،وخاصة بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين،في الوقت الذي سمح ببعض المشاركة لأحزاب معروفة بتوافقاتها وتعايشها مع النظام،والتي تمارس عملها السياسي بالتنسيق مع الحزب الحاكم". وعن توقعاتها بإمكانية تزايد أعمال العنف في ضوء ما أسفرت عنه الانتخابات، قالت مصطفى، إنه "من الصعب القفز إلى تلك النتائج بهذه السرعة"، وأوضحت أن هناك عدة أسباب ترتكز عليها في وجهة نظرها هذه، أولها أن "جماعة الإخوان لم تعمل كجماعة تهدد النظام، رغم أن بعض التقارير الغربية تروج لفكرة أن الإخوان يشكلون التهديد الحقيقي للنظام."وأشارت مصطفى إلى أن الإخوان "يدخلون في صفقات مع النظام السياسي، مثل أي حزب آخر"، كما أن الجماعة، بما كانت تمتلكه من 88 نائباً في البرلمان السابق، "كان دورها غير ملموس، ولم يأتوا (نوابها) بعمل سياسي، سواء يهدد النظام، أو يبرزهم كقوة سياسية مؤثرة."شفافية التزويرفي المقابل، اعتبر عصام كامل، رئيس تحرير صحيفة "الأحرار"، الصادرة عن حزب بنفس الاسم، خرج أيضاً من السباق الانتخابي "صفر اليدين"، إن ما حدث في انتخابات 2010 يمثل "صدمة لكل الحالمين بتغيير سلمي يتم عبر صناديق الاقتراع."وأضاف قائلاً: "كافة الشواهد تؤكد أن الحزب المهيمن على مقاليد الحكم في مصر، ليست لديه إرادة حقيقية في القبول بوجود آخر على المشهد السياسي."وأكد أن "عمليات التزوير وتسويد بطاقات الاقتراع، كانت
انتخابات مصر.. شكوك تحيط بـ"التغيير السلمي"

نشر في: 2 ديسمبر, 2010: 06:17 م