TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الفساد يغزو المؤسسة العسكرية الهندية

الفساد يغزو المؤسسة العسكرية الهندية

نشر في: 3 ديسمبر, 2010: 06:20 م

د. عبد الله المدنيعلى حين ظل الفساد ينخر معظم المؤسسات السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية والقضائية في باكستان، ويلطخ سمعة وتاريخ رموزها، على مدى العقود الستة الماضية منذ انفصال الأخيرة عن الهند البريطانية وقيامها ككيان مستقل، فإن المؤسسات الدستورية الهندية - خصوصا مؤسسة الجيش ذات الاحترام الكبير، والتاريخ النظيف المشهود بالخضوع للمؤسسات الديمقراطية المدنية - ظلت بعيدة عن مثل هذه الحالات،
 مع استثناءات قليلة تمثلت في فساد عدد قليل من ساستها - ولا سيما المحليين منهم – واكتشاف بضع حالات فساد في صفوف ضباط الجيش ممن حاولوا قبض العمولات أثناء عقد صفقات تحديث معدات الجيش أو أثناء توقيع اتفاقيات بناء المنشآت العسكرية، أو ممن حاولوا تحويل وجهات المعونات الخارجية او تهريب سلع تافهة مخصصة لمنتسبي الجيش لصالحهم، كالسجائر والمشروبات الكحولية والوقود والأغطية والملابس والخيام).غير أن الأمور تغيرت بشكل دراماتيكي وسريع خلال السنوات العشر الماضية، وبالتزامن مع ما شهدته وتشهده الهند، المترامية الأطراف، والمثقلة بعدد ضخم من السكان والأجهزة البيروقراطية المركزية والمحلية، من عمليات تجديد للبنية التحتية، وتدشين للمشاريع الإنمائية والصناعية والعسكرية الكبرى، من تلك التي تستهدف اللحاق بركب العصر ومواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.فإذا ما استثنينا ما حدث في العام الماضي حينما تمت عملية بيع مريبة لأراض تتبع ملكيتها لوزارة الدفاع في منطقة "سوخنا" بولاية "البنغال الغربية" بمساحة تقترب من الثلاثين هكتارا إلى مجموعة من المستثمرين المحليين في القطاع الخاص، وهي العملية التي اكتشفت سريعا ونال المتورطون فيها عقوبات مختلفة في صورة مصادرة أموالهم، وتخفيض رتبهم العسكرية أو نقلهم نقلا تأديبيا إلى وظائف دنيا، فإن ما وقع مؤخرا أثار الدهشة والقيل والقال، وأدى إلى فتح كل الملفات على مصاريعها، خصوصا وأن قضية الفساد الجديدة مست حقوق أرامل شهداء الجيش ممن قضوا دفاعا عن سيادة الوطن ووحدته أثناء الحرب الجبلية القصيرة مع باكستان في عام 1999 ، والمعروفة بحرب أو أزمة "كارغيل".وتتلخّص حكاية الفساد الطازجة في أن التحقيقات الرسمية أدت إلى ثبوت تورط عدد من الساسة والبيروقراطيين المتنفذين، بالاشتراك مع مجموعة من كبار ضباط المؤسسة العسكرية، في الاستيلاء، دون وجه حق وعن طريق التزوير وتغيير شروط التملك، على عقارات فارهة لأنفسهم في مشروع سكني في منطقة "كولابا" التجارية الواقعة في الجزء الجنوبي من مدينة "مومباي" عاصمة ولاية "مهاراشترا"، علما بأن المشروع المذكور تم الانتهاء منه في عام 2008 .وفي سياق الكشف عن فضيحة الفساد هذه، تمت الإشارة تحديدا إلى الجنرالين "ديباك كابور" و "نيرمان تشاندر فيج"، إضافة إلى قائد القوات البحرية السابق الأدميرال "مانيندرا سينغ" والنائب السابق لقائد القوات المسلحة "شانتانو تشودري"، كأشخاص ضالعين في تملك ما لا حق لهم فيه من خلال ترهيب مسؤولي " الجمعية التعاونية العسكرية للإسكان". بل تمت الإشارة أيضا إلى أن الجنرالين "كابور" و "فيج" قد سنا بنفسيهما اشتراطات تتيح لهما تملك عدد من الشقق السكنية التي يتجاوز سعر الواحدة منها اليوم 80 مليون روبية أو ما يعادل 1.8 مليون دولار أمريكي. من تلك الاشتراطات، أن من يريد الانتفاع بالسكن يجب عليه تقديم أوراق وشهادات تثبت إقامته في "مومباي" (المدينة التي تشهد طفرة عقارية غير مسبوقة وغلاء فاحشا في أسعار الأراضي) لمدة لا تقل عن 15 عاما. وكي ينطبق على الجنرالين مثل هذا الشرط، قاما باستصدار شهادات مزورة بهذا الخصوص، وقدما أوراقاً مفبركة.والجدير بالذكر في هذا المقام أن عملية الفساد هذه لم تكتشف إلا حينما بادر الأدميرال "سانجيف باسين" من قيادة القوات البحرية المرابطة في "مومباي" بالكتابة إلى كبار رؤسائه في وزارة الدفاع في "نيودلهي"، شاكياً من وجود مخالفات جسيمة في إتمام المشروع السكني المذكور، ومشيرا في الوقت نفسه إلى وجود مخاطر أمنية للمشروع كونه يطل على منشآت عسكرية حساسة في المنطقة، علاوة على أضراره البيئية التي كانت الصحافة المحلية قد أشارت إليها في سنوات سابقة، لكن المؤسسة العسكرية تصدت لها بالقول "إن الأراضي والمناطق التي تتبعها لا تنطبق عليها القوانين المدنية".وهكذا كانت رسالة الأدميرال "باسين" هي التي قرعت أجراس الإنذار، ودفعت السلطات إلى فتح تحقيق واسع حول المشروع السكني في "كولابا". حيث تبين بعد الفحص والتدقيق الميدانيين، أن المشروع الذي كان مقررا له ألا يتجاوز الأدوار الستة، أرتفع إلى 31 دورا بارتفاع 100 متر، الأمر الذي جعله يكشف كل ما يدور داخل المنشآت العسكرية الحساسة القائمة على شواطئ "مومباي"، وبالتالي ففي استطاعة أعداء الهند (من انفصاليين كشميريين وماويين وجماعات إرهابية متشددة) استخدامه في القيام بعمليات هجومية ناجحة.وتعليقاً على هذه الحالة غير المسبوقة طالبت الصحافة الهندية الحرة في افتتاحيتها بضرورة تدخل الدولة بقوة قبل أن تستفحل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram