علي نافع حموديربما الكثير من أبناء الشعب العراقي يتطلعون لأن يكون عام 2011 هو عام البناء والاعمار والقضاء على البطالة واستعادة البلد لعافيته في المجالات كافة وفي مقدمتها ميدان الخدمات الذي ظل بعيدا جدا عن الاهتمام الحكومي ، ويتأمل المواطن في موازنة عام 2011 أن يتحقق له هذا ، لكن تبدو الميزانية العراقية مثقلة بالرواتب ، حتى إن البعض يطلق على موازنة الدولة العراقية (قائمة راتب )
لكونها تخصص أكثـر من 80% من موارد البلد المتحققة أو التي ستتحقق للرواتب ضمن وزارات ودوائر الدولة العراقية القائمة حاليا، خاصة وإنها اعتدت على قدرة إنتاجية من النفط لا تتعدى مليونين وربع المليون برميل يوميا وبسعر 73 دولاراً . ولم تأخذ الموازنة بنظر الاعتبار المؤسسات والتشكيلات الإدارية التي اقترحت وفي طريقها للظهور، وهي بالتالي تحتاج إلى موازنة خاصة بها ، ويتداول الجميع استحداث أكثر من نائبين لرئيس الوزراء ومثلهما لرئيس الجمهورية ناهيك عن مشروع رئاسة المجلس الوطني للسياسات الستراتيجية والذي يحتاج وحده موازنة خاصة به ، مع إضافة مرتبات 50 نائبا في البرلمان هي الزيادة التي تحققت نتيجة النمو السكاني، حيث كان البرلمان السابق 275 نائبا والآن 325 ، خاصة إذا ما أخذنا في الحسبان إن راتب النائب الواحد هو 32 مليون دينار شهريا ، وفي النهاية فإننا لا يمكن أن نقول بأن موازنة 2011 عالية بأرقامها، لأن هذا الارتفاع بالأرقام لم يكن على حساب تقديم الخدمات وبناء المشاريع بقدر ما هو تحصيل حاصل لزيادة المناصب العليا في هرم الدولة العراقية ، وهذه المناصب ربما تحتاج لموازنة إضافية قبل نهاية العام الحالي .لهذا فإن العراق يتجه نحو تأسيس أعباء مالية كبيرة على موازنة العام الحالي والأعوام اللاحقة وقد تكون الرواتب العليا والكبيرة جدا هي السبب في تدني مستوى الخدمات المقدمة للمواطن العراقي إذ لا يمكن أن تكون موازنة عام 2011 الذي يفترض أن يكون عام البناء قد خصصت 20% منها للاستثمارات الوطنية من قبل الدولة، في حين أكلت رواتب الدولة بحدود 80% ، بينما نجد بأن الموازنة وفي إحدى الفقرات حاولت امتصاص النقمة الشعبية عبر إعلانها استحداث 172 ألف درجة وظيفية ستكون الغالبية العظمى منها وظائف أمنية وبالتالي فإنها لن تساهم في الحد من البطالة المتفشية في البلد، خاصة في مجالات التربية والتعليم ، هذا القطاع الذي يعاني الإهمال الكبير سواء في البنى التحتية من حيث بنايات المدارس أو الكوادر التعليمية التي تحتاج إلى تطوير ودماء جديدة تضخ من أجل أن تكون قادرة على مواكبة التقدم الحاصل في تكنولوجيا المعلومات ، خاصة وإن تقارير المنظمات الدولية المهتمة بشؤون التربية وستراتيجياتها تؤكد أن 97% من الهيئات التعليمية والتدريسية في العراق لا تجيد استخدام الحاسوب أي ما معناه هنالك أمية تكنولوجية لدى كوادرنا التي من المفترض أن تهيئ لنا جيلاً متعلماً وفق أحدث ستراتيجيات التعلم الحديثة القائمة على الثقافة الرقمية، فكيف يمكن أن يتحقق هذا في ظل الوضع الاقتصادي الذي يكرس ما يسمى بترهل الدولة العراقية، وهذا ما شخصه تقرير صندوق النقد الدولي الذي أشار إلى هذه النقطة في أكثر من مناسبة وتقرير.لهذا فإن الكثير من الحلول الراهنة يجب أن يسعى إليها المشرع العراقي بغية الحد من هذا الترهل لاسيما وان الكثير من المؤشرات تؤكد استحداث وزارات جديدة في التشكيلة الحكومية القادمة ليصل عددها إلى أكثر 39 وزارة بما فيها وزارات الدولة وتحويل بعض الهيئات المستقلة لوزارات، وهذا ما سيرهق ميزانية البلد كما أشرنا ويؤثر تأثيرا كبيرا على التنمية وعملية البناء والاعمار وحتى على 172 ألف درجة وظيفية التي من المتوقع طرحها في بداية العام الحالي ، على الرغم من إن الدولة أنهت عقود 20 ألف متعاقد في دوائر محافظة ديالى نهاية آب الماضي دون أن تدفع لهم سوى نصف مستحقاتهم أو أقل من ذلك ، وهذا القرار جعل البطالة تنمو أكثر في محافظة تعد من المحافظات الساخنة حتى هذه اللحظة .
مـوازنــة 2011 أم رواتــب 2011؟
نشر في: 7 ديسمبر, 2010: 04:53 م