د. محمد حسين حبيبلا مراثي للمنتمين .. و لا عزاء للمخلصين الباحثين عن الحب وعن المطر .. لا وقت للمسرح بعدك يا جبار .. فقد تعطلت ساعاته .. وحُجّبت ونُقّبت ابوابه. في زمن اللا انتماءات يمتد – بانتمائك المسرحي ذاك - عمرنا المسرحي .. و ننتمي اليك .. و ننتمي اليه ..
بحجم كل الحب و المطر اللذين بهما آمنت , انتمينا لشرف المسرح و التزامه و طهارته و قدسيته ورسالته الانسانية التي عرفت و عرفنا .. فمنذ ( طوفان الفرح ) 1958 اعلنت انتماءك كاتبا و ممثلا و مخرجا وباحثا مسرحيا قدم الكثير الكثير وبالرغم من كل الفقاعات المنبعثة من الطارئين اللامنتمين , اعلنت انك رجل المسرح الحقيقي , بالموقف الراسخ وبالخلق الرفيع وبالتنوع المسرحي حيث الكتابة لكبار المسرحيات: طلب يد و قهوة طرف و طريق الآخرين 1968/ ثلاث عمليات جراحية 1971 / السندباد البحري 1972 / كوابيس 1978 / رجل من ماء 1992 / و ايضا مسرحيات : حب ومطر / حالة مستعصية / ابيض جدا .. و تحت المطر / ليلة انتظار / جياع ولكن وغيرها الكثير ..أما في كتابة النص المسرحي للأطفال فقد كتبت المسرحيات : عسل النحل و مملكة النحل و السندباد البحري و الدجاجة الشاطرة ومسرحية السفينة ومسرحيات أخر ، الى جانب البحوث و المقالات العديدة التي كتبتها للجميع ,لان الجميع كانوا نصب عينك .. الناس و الاصدقاء .. واي اصدقاء هم ؟ شانهم شانك في ذاك الانتماء :محمد خضير / محمود عبد الوهاب / توفيق البصري / بنيان صالح / قصي البصري / محمد الوهيب / طالب غالي / عبد الصاحب ابراهيم / ذياب كزار / كاظم عيدان / حميد مجيد مال الله / عزيز الساعدي / خالد كتاب سلطان / علي مرتضى / علي الجاسم / فالح الطائي / جاسم العايف ... وتمتد الاعمار او تنتهي لكن عمرنا المسرحي ممتد بك و بهؤلاء و اخرين انضووا تحت الكساء الانتماء الحق .. ادركت مبكرا يا جبار كما ادرك بيتر بروك : بان المسرح مجال رحب لاكتشاف الذات .و ايقنت كما ايقن البولوني جوزيف شاينا : بان من الممكن تدمير الفنان المبدع لكن لا يمكن ابدا تدمير الفن , وقد يبدو هذا صعب الملاحظة احيانا , الا انه يدفع بالانسانية الى امام ..و آمنت كما آمن الالماني روبرتو تشللي : بان المسرح فن جماعي يتجمع فيه العديد من الثقافات و المستويات و الانتماءات لاجل ان تثمر عرضا مسرحيا يحرض المشاهد على ان يكون في حالة من اليقظة اثناء مشاركته في التلقي ..و أثبت لنا كما اثبت اوغستوبوالوه : بان المسرح ليس مجرد حدث نعايشه بل هو اسلوب وطريقة حياة .. و برهنت لنا ان المواطنة الحقة لا تعني مجرد العيش في كنف مجتمع ما وانما السعي الى تغيير هذا المجتمع ..سخطت كثيرا على ثعابين غير قليلة تسللت خلف كواليس مسرحنا العراقي وبثت سمومها في فضاءاته النقية .سعيت كثيرا نحو علاج الطاعون الذي اصاب مسرحنا العراقي – ولا يزال – لكن يبدو ان فيروسات هذا الطاعون السرطانية قد استفحلت فيه ولاتزال تمتد وتتوالد لدرجة انها نسيت كيف تموت ..فلا وقت للمسرح بعدك يا جبار .. فقد تعطلت ساعاته لا بداية .. لا وسط .. لم تبق الا النهاية .. لم تبق إلا النهاية ..# شهادة بحق المسرحي العراقي الراحل جبار صبري العطية بمناسبة ذكراه السنوية السادسة 2010م .
شهادة مسرحية..جبار صبري العطية.. بك يمتد عمرنا المسرحي
نشر في: 11 ديسمبر, 2010: 04:47 م