حسين علي الحمدانيهل سن التشريعات الراعية لحقوق المرأة يجعلها في مأمن من العنف ؟ وكيف يمكن للمجتمع أن يحافظ على حقوق المرأة ؟لا يمكن لأي عراقي أن يتنكر لدور المرأة العراقية وموقفها في الحياة العامة منذ عقود طويلة، بل لا يمكن لنا أن نتنكر لمساعيها في إدامة الحياة في بلد كانت الحياة فيه شبه مستحيلة ، فقد تخلت المرأة العراقية في السنوات الماضية عن كل مباهج الحياة لكي تحافظ على البيت العراقي وتربي الأجيال العراقية، وتجعل البيت العراقي أكثـر استقراراً .
وهذا يؤكد أن للمرأة دوراً متميزاً ومكانة سامية وحاسمة في تطور المجتمعات الإنسانية، ولقد أصبح الاهتمام بموضوعة المرأة حلقة مهمة من حلقات الاهتمام بالمجتمع لأن المرأة عنصر حاسم ومهم في بناء المجتمع مما يعد قضية أساسية وحاسمة على المستوى العالمي. وباتت قضية المرأة وخاصة العنف ضد المرأة قضية ذات أولوية ليس للمرأة ومنظماتها فقط وإنما أيضاً لقادة الدول والمجتمعات والمؤسسات المدنية وللمختصين والمربين والمصلحين، حيث الشعور السائد بين طبقات المجتمع كافة بأن المرأة ما زالت أسيرة الأفكار التي تصادر دورها وتسلط الرؤية الذكورية والأنظمة القمعية التي زادت الأمور تعقيداً ، وقد عبرت عن هذه الحقائق أكثرية العلوم والمصادر والأبحاث والمقالات ووسائل إعلام عديدة اتخذت مهمة الدفاع عن الحريات العامة وحرية المرأة وحقوقها بشكل خاص .في أغلب دول العالم تعاني النساء من التمييز ضدهن سواء في التشريعات أو في الممارسات ألاجتماعيه اليومية، ومع أن درجة التمييز تختلف من مجتمع لآخر، إلاّ انه ما زال موجودا وممارسا ويعد ظاهرة واضحة في المجتمعات الشرقية والعربية بالذات.وتظهر الأرقام والإحصائيات فوراق حقيقية بين النساء والرجال على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، فحوالي 70% من النساء يعشن في فقر مدقع. وهذه النسبة تشير إلى إن زيادة الفقر بين النساء مرتبط بالتمييز ضدهن في سوق العمل، وفي التشريعات المختلفة، إضافه الى وضعهن داخل العائلة كعنصر من الدرجة الثانية بل إن بعض الدول تمنع ترشيحهن للانتخابات أو المشاركة فيها عبر التصويت.وفي قراءة سريعة للتقارير والإحصاءات الدولية الصادرة من منظمات حقوقية ونسوية نجد بأن نسبة الأمية بين النساء في العالم هي الأعلى، ومعظم النساء يعملن عدد ساعات عمل أكثر من الرجال، ومعظم عملهن يكون غير مدفوع الأجر، وفي اغلب الأحيان لا يتم الاعتراف به أو التقليل من شأنه.وتحتل النساء عالمياً ما بين 10-20 % من المناصب الإدارية والتنفيذية، وأقل من 20% في أعمال التصنيع. والنساء لم يحصلن على حصص متكافئة من القروض في مؤسسات الإقراض الرسمية وهذا ما يمكن ملاحظته بوضوح في العراق حيث غيبت المرأة عن الكثير من المشاريع الاقتصادية والمنح والقروض التي وزعتها الحكومة العراقية وحتى بعض المنظمات العالمية حيث تم تغييب العنصر النسوي بشكل كامل عن هذه المنح والقروض.وأما في مجال المشاركة السياسية وصنع القرار، فإن الإحصاءات تشير الى ان 10% من المقاعد النيابية تحتلها نساء، وتشكل النساء اقل من 5% من قيادات دول العالم ، ورغم إن العراق وبموجب النظام الانتخابي قد حدد ما نسبته 25% من المقاعد البرلمانية لحواء ، إلا إن هذا الإجراء الدستوري والقانوني لم يمنع الآخرين من مصادرة حق المرأة في التشريع ورسم السياسات العامة للبلد، وهذا ما تجلى بوضوح في الأشهر الماضية والدورة البرلمانية السابقة حيث غاب صوت المرأة وسط طغيان الأصوات الذكورية بحكم الثقافة المتداولة والتي تعطي للرجل حقوقاً كاملة على حساب حقوق المرأة. وإذا أردنا أن نعرف الأسباب التي تقف وراء ظاهرة ممارسة العنف بجميع أشكاله ضد المرأة بما فيه مصادرة رأيها وحريتها ، سنجد إن العوامل الثقافية والتربوية والعادات والتقاليد والعوامل البيئية والاقتصادية إضافة إلى الأسباب التشريعية التي نجدها في كثير من الأحيان تمارس بل تساعد فيما يمارس على المرأة من عنف وتمييز ضدها.ومهما اختلفت الأسباب والمسببات تبقى ظاهرة العنف ضد المرأة واحدة من أهم المشاكل التي تعانيها المجتمعات الإنسانية ، وكما ان العنف ضد المرأة متعدد الأسباب فلابد من تكاتف جميع الجهود والعمل على مستويات ثقافية واجتماعية واقتصادية وتشريعية بشكل متكامل للتغلب على تلك الظاهرة .وعلى الرغم من إن المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة وجد الكثير من الحلول التي أطّرها بشكل لوائح وأنظمة واتفاقيات دولية اعترفت بها اغلب دول العالم .والمتابع لهذه اللوائح سيجد بأن المجتمع الدولي تعامل مع قضية المرأة على إنها الأسرة بما تمثله من قيم ومكانة من خلال دورها الايجابي في بناء الأسرة التي هي نواة المجتمع ، وكذلك تعامل معها مرتين، المرة الأولى في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان كانسان ، والمرة الثانية في اتفاقية سيداوا كامرأة . وهنا علينا أن نستشهد ببعض ما جاء في المواثيق الدولية في هذا الجانب ،فقد أعتبر ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتمد في" سان فرانسيسكو" في عام 1945 أول معاهدة دولية تشير، في عبارات محددة، إلى تساوي الرجال والنساء في الحقوق. وأكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان1948 رفضه التمييز على أساس الجنس في مادته الثانية ورفضه الاسترقاق والاستعباد في المادة الرابعة والتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية في المادة الخامسة وأشا
ظاهرة العنف ضد المرأة
نشر في: 11 ديسمبر, 2010: 04:59 م