TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > القوانين الدولية واحترام الحقوق والحريات

القوانين الدولية واحترام الحقوق والحريات

نشر في: 12 ديسمبر, 2010: 05:11 م

محمد صادق جرادمنذ عصور والإنسان يتعرض لانتهاكات صريحة لحقوقه بغياب حماية السلطة أو المجتمع أو أي جهة أخرى لهذه الحقوق ولارتباط هذه الانتهاكات بالمصالح الخاصة لجهات معينة تكون في أغلب الأحيان صاحبة القرار والنفوذ الذي لا يستطيع أحد الوقوف في طريقه .وبعد أن تبلورت الرؤى والطموحات الإنسانية في إصدار وثيقة دولية لحماية حقوق الإنسان جاء الإعلان العالمي لهذه الحقوق لينص على ما يأتي: ( إن الدول إذ تنضم إلى الأمم المتحدة تتعهد بان تتخذ جميع الإجراءات الضرورية،
 سواء كانت مشتركة مع الأعضاء أم منفردة و بالتعاون مع الأمم المتحدة لتعزيز الاحترام الدولي لحقوق الإنسان و أيضا العمل على تنفيذها واحترام الحقوق والحريات الأساسية من دون تمييز وتفريق بين الأجناس أو اللغات أو الأديان).ومن خلال استقراء هذا النص نجد أن توفير مثل هذه الحماية تحتاج إلى إجراءات أشار الإعلان إلى ضرورة اتخاذها بصورة منفردة او مشتركة والعمل على تنفيذها. ويقصد بهذه الإجراءات هي توفير الغطاء القانوني والتشريعي وربما الدستوري من أجل حماية الإنسان من الانتهاكات التي قد يتعرض لها من قبل السلطة .ونرى ان من أهم هذه الإجراءات هي الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء الذي يلعب دوراً كبيراً في حماية حقوق الإنسان إذا ما تم التعامل بمهنية في هذا الجانب .ومن اجل ذلك سعت المنظمات الدولية إلى إنشاء المحاكم الدولية للاهتمام بالقضاء الجنائي الدولي ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في العالم في هذه المحاكم التي تكون أحكامها سارية على الجميع وسلطاتها تفوق المحاكم المحلية . ولا بد من الإشارة هنا إلى إن هذا يتطلب وجود نظام قانوني وتشريعات تكفل هذه الحقوق وتساعد على محاسبة المنتهكين لها بالإضافة إلى حماية دستورية تراقب السلطة التشريعية والتنفيذية وتحرص على منع تجاوز هذه السلطات لحقوق الإنسان ومعاييرها الدولية .ولا يخفى على أحد إن الالتزام بهذه القيم والمفاهيم يتباين من مجتمع إلى آخر ومن دولة إلى أخرى، فمعظم دول الشرق الأوسط قد حشرت مبادئ حقوق الإنسان في دساتيرها لاكتساب صفة الشرعية وخاصة في ظل الضغوطات التي تمارسها المنظمات الدولية على تلك الدول من أجل تطبيق هذه المفاهيم التي غابت لعقود طويلة عن المجتمعات التي تعاني الاضطهاد من قبل السلطات الدكتاتورية.ولقد كانت هناك محاولات حقيقية وجادة لتوفير حماية قانونية لحقوق الإنسان توفرها المظلة الدولية لتتمكن من حماية المواطنين في دول العالم كافة ولقد جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نتيجة لهذه الجهود في 10 /12/1948 في 30 مادة  عندما اقترحته بعض المنظمات والحكومات على الأمم المتحدة حيث اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة وأصدرته كأهم وثيقة دولية تهتم بحقوق الإنسان , ويعد هذا الإعلان حدثا تاريخيا ونقطة تحول في تاريخ البشرية، ولقد طلبت الجمعية العامة من جميع الدول الأعضاء أن تدعو لنص الإعلان و”أن تعمل على نشره وتوزيعه وقراءته وشرحه، ولاسيما في المؤسسات التربوية، في محاولة لتوعية القاعدة الشعبية بالمفاهيم التي جاء بها الإعلان لحماية الحقوق الفردية والجماعية لكي يدرك المواطن بأن له حقوقاً منتهكة ومغتصبة أهمها الحق في الحياة والحرية والأمان والحق في التعبير، وحق تقرير المصير ولا بد له من المطالبة بها، وان هذا الإعلان كوثيقة دولية سيساعده في هذا الأمر من خلال تدويل وتسييس مبادئ حقوق الإنسان وجعلها وسيلة وسلاحاً للضغط على الأنظمة التي تنتهك هذه الحقوق ..ولقد مارست المنظمات الدولية والدول الغربية ضغوطات كبيرة على الدول التي تشهد انتهاكات لهذه الحقوق من أجل الالتزام بالوثيقة الدولية الجديدة .ومن جانب آخر يجب أن نؤكد إن المطالبات بالالتزام بحقوق الإنسان من قبل المنظمات الدولية ومن قبل بعض الدول الغربية ليس بالضرورة أن تكون جميعها تحت عناوين إنسانية حقيقية، فبعضها يأتي كمجرد وسائل للضغط والتشهير وربما المساومة مع الأنظمة التي لا تتماشى مع الرغبات الخارجية . ولعل المتابع للشأن العراقي سيجد ان النظام الشمولي السابق قد مارس العديد من الانتهاكات بحق الشعب العراقي بمختلف مذاهبه وقومياته على مستوى الأفراد والجماعات وارتكب العديد من المجازر في هذا البلد والتي لاقت الصمت والتجاهل من المنظمات الدولية .واليوم وبعد سقوط هذا النظام الفاشي وبداية التجربة العراقية الجديدة نجد ان هناك الكثير من المحاولات الجادة لترسيخ هذه المفاهيم لدى الإنسان العراقي ,فبدأت معالم المجتمع المدني تظهر من خلال بروز منظمات المجتمع المدني كمؤسسات غير حكومية مهمتها توعية المجتمع بحقوقه وفضح أي انتهاك لحقوق الإنسان في هذا المجتمع، ومن خلال إيجاد وزارة حقوق الإنسان وبوادر أخرى إيجابية كلها تصب في اتجاه تقويم المسارات الديمقراطية والنهوض بمفاهيم حقوق الإنسان .وإذا ما أردنا لهذه التجربة النجاح فعلينا إيجاد أجهزة قضائية مستقلة تعمل على حماية هذه الحقوق والتأكيد على مبدأ الفصل بين السلطات، وعلى الإعلام الوطني الحر أن يلعب دوره في التثقيف والتوعية ومراقبة عمل السلطات ورصد أي انتهاكات قد تحدث للإنسان العراقي والتعامل مع هذا الأمر بمهنية بعيداً عن التشهير والتسقيط .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram